المؤتمر الإعلامي الدولي لمواجهة الإرهاب بين الأهمية والتطبيق

جمال رابعة

من الأهمية بمكان أن تكون دمشق مقراً لانعقاد مؤتمر دولي إعلامي لمواجهة الإرهاب، وبحضور أكثر من 132 شخصية عربية ودولية، هذه الأهمية تنبع من جزئية أن يُرفع الصوت عالياً من دمشق التي كانت أول من وصّف الحاصل على امتداد المنطقة بأنه في إطار الارهاب العالمي الذي يستهدف المنطقة برّمتها، ولا يصبّ مطلقاً في إطار التغيير والمطالبة بإصلاحات وثورات شعبية لإسقاط أنظمة بعينها، كما تمّ الترويج لذلك إعلامياً، وما أعقبه من محاولات حثيثة لاستجلاب وتصنيع مشاهد وفيديوات مفبركة في كثير من الأخبار التي تبثها وسائل الإعلام المأجورة لتأليب الشارع وتغذية هيجانه بالوقود الطائفي والمذهبي حصراً، إذ كشف الملف السوري حجم التضليل والكذب الذي مارسته تلك الامبراطوريات الإعلامية المعادية لتمرير الأجندات الغربية والأميركية.

تكمن أهمية الملتقى أيضاً انطلاقاً من ضرورة العمل على صياغة منظومة إعلامية موحدة تشكل بوتقة واحدة تُستجمع فيها الطاقات والخبرات لمواجهة ودحض الصور المشوّهة التي يصدرها الإعلام المعادي، الذي تحوّل في كثير من المراحل إلى ناطق رسمي باسم الإرهاب، لا بل مشرعن له وداعم لإجرامه، ومن هنا جاء طرح وزير الثقافة الإيراني لتعميق هذه الفكرة تحديداً، وهو ما خلصت إليه حصيلة الجلسة التي عقدها الجانب الإيراني في مبنى وزارة الإعلام السورية لجهة تأكيد تشكيل جبهة إعلامية لمواجهة الدعم الذي تقدّمه بعض الدول للإرهاب في سورية.

وأبدى الوزير جنتي الاستعداد لتقديم الخبرات والإمكانات اللازمة لتطوير هذا التعاون الثنائي لمواجهة الإرهاب التكفيري، مؤكداً أنّ التحالف الاستراتيجي بين البلدين سيستمرّ في المستقبل، مشيراً إلى أنه سيتمّ تشكيل مركز لوكالة «الأخبار» الإيرانية في دمشق، الأمر الذي سيحقق التكامل الإعلامي المقاوم كما هو في السياسة والميدان. هذا التكامل الذي يجب أن تنبري له كلّ الدول بمنظوماتها الإعلامية إنْ كانت النيات حقيقية لمواجهة هذا الإرهاب إعلامياً.

من هنا يجب التأكيد الفعلي على ما جاء في البيان الختامي لجهة أن تكون بنوده ممارسة حقيقية على الأرض وليس مجرد حبر كتب على ورق، فالانتصار اليوم في الميدان الإعلامي لا يقلّ شأناً وأهمية عن الانتصار في الميدان السياسي والعسكري، لأنّ ما تعرّض له الفكر العربي، وما غزاه من مصطلحات مشوّهة بحاجة إلى جهود مضاعفة وورش عمل إعلامية ضخمة لغسل هذا التشوّه وإحلال القيم الوطنية والأفكار البناءة التي تنهض بالأمم ولا تدمّرها، وترتقي بالشعوب ولا تحوّلها إلى وقود نيران الإعلام المأجور، وتؤسّس لوحدة الأوطان، لا لتقسيمها على أسس طائفية ومذهبية لم تنتشر أصلاً إلا بوسائل الإعلام المصنعة من قبل أعداء الأمة.

عضو مجلس الشعب السوري

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى