بوتين يحذر أردوغان من العبث في سورية… «سأرسلك إلى الجحيم»
كتب المحرر السياسي
نشرت «موسكو تايمز» تقريراً مفصلاً عن استدعاء خرق بموجبه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأعراف الديبلوماسية طاول السفير التركي لدى روسيا أوميت يارديم ليلقي على مسامعه وفقاً لوصف الصحيفة الروسية الناطقة بالإنكليزية والمقرّبة من الكرملين، خطبة لاذعة طويلة انتقد فيها السياسة الخارجية التركية، وما وصفه بسياساتها الحاقدة، محذراً من أنّ الرهانات التي يقيمها الرئيس التركي رجب أردوغان على جماعات «القاعدة» وعلى الأطماع في سورية لن تبقى من دون ردّ، وبعدما طلب إلى السفير تحذير رئيسه الذي وصفه بالديكتاتور من مواصلة نشر الأكاذيب المنسوبة إلى محادثاتهما، من أنّ موسكو كما يعرف أردوغان تدعم الرئيس السوري وجيشه، وإذا تمادت تركيا في العبث في سورية فسيكتشف هتلر تركيا كما نقلت الصحيفة الروسية وصف بوتين لأردوغان أنّ سورية ستكون ستالينغراد التي يخسر جيشه فيها ويخرج منها مدمّراً مفككاً، وتحدّثت الصحيفة عن جدال عنيف دار بين بوتين ويارديم أنهاه بوتين بالقول: قل للديكتاتور أن تطلّعه للعبث في سورية سيجعلني أرسله إلى الجحيم.
ترافق هذا الخبر المنشور في موسكو يوم أمس من دون أيّ نفي رسمي روسي لما ورد فيه مع كلام وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن خلافات أميركية روسية حول سبل مواجهة الإرهاب وتنظيم «داعش» تحديداً، في ما بدا أنه إشارة لتشجيع واشنطن للرهان التركي، وحديث واشنطن عن الفارق الذي يضيفه دخول تركيا الحرب من دون توغل بري، بسبب القرب الجغرافي حيث طائرات التحالف تستطيع كلّ ساعة تنفيذ عشرات الغارات وتستطيع الطائرات من دون طيار بالقيام بأعمال المراقبة والاستهداف في غضون دقائق قليلة عدا عن كتائب المدفعية البرية والدبابات التي يتيح نشرها على خط الحدود البرية التركية مع مناطق انتشار مقاتلي «داعش» الاستهداف المبرمج والفعّال.
الرهان الأميركي على الدور التركي وما فيه من توقعات لتأثير الحصار المالي والتسليحي وإقفال خطوط تهريب المقاتلين، تزامن مع تصعيد لهجة الرئيس أوباما في مخاطبة الكونغرس وتركيز الهجوم على رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو الذي وصف أوباما طروحاته بالطريق الأقصر لتمكين إيران من امتلاك سلاح نووي، في سلوك يعتقد متابعون للشأن الأميركي الداخلي أنه رهان على نصر على «داعش» يعزز موقع الديمقراطيين انتخابياً ويساعد في تسويق حكمة أوباما وشجاعته وتسويق قبوله للتفاهم النووي كعمل مسؤول.
في قلب السجال حول حدود الخيار التركي تواصلت مساعي طهران للتركيز على المبادرة الجديدة للحلّ السياسي في سورية، فيما المساعي لإطلاق الحلّ في اليمن تواصلت كما قال المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد مبشراً بنتائج قريبة لوضع صيغة تسوية تحظى برضا الجميع.
لبنانياً، برزت مؤشرات التوصل لتسوية تؤجل الانفجار الذي كان متوقعاً غداً مع الفشل في التفاهم على التعيينات العسكرية والأمنية واتجاه وزير الدفاع إلى تمديد ولاية رئيس الأركان، حيث جرى التوافق على المقترح الذي تقدّم به المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم والقائم على إقرار اقتراح قانون تقدّم به في وقت سابق نواب التيار الوطني الحر ويقضي بتمديد سنّ تقاعد الضباط ثلاث سنوات بما يجعل فرص العميد شامل روكز بتبوؤ منصب قائد الجيش مفتوحة ويتيح بقاء المسؤولين الحاليين في مراكزهم، وفي المقابل تمّ التوافق لإقرار هذا القانون على تسريع فتح الدورة الاستثنائية للمجلس النيابي، بما ينهي توترات الأزمة التي كادت تودي بالحكومة.
رفع سنّ التقاعد حلّ لمشكلة قائد الجيش
حظيت مبادرة المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم باهتمام رئيس تكتل التغيير والإصلاح، إلا أن حل ملف التعيينات لن يكون وحيداً إنما ضمن سلة واحدة تشمل إلى تعيين قيادة ورئيس الأركان موافقة العماد ميشال عون على فتح دورة استثنائية لمجلس النواب، وعقد جلسة تشريعية لإقرار الاقتراح.
ونقل إبراهيم عن عون موافقته على التمديد للضباط لمدة 3 سنوات مشترطاً تعيين المجلس العسكري أيضاً. ولفتت مصادر التيار الوطني الحر لـ«البناء» إلى «أن رفع سن التقاعد للضباط فكرة جيدة ويمكن أن تشكل حلاً لمشكلة تعيين قائد الجيش».
وشددت مصادر مطلعة لـ«البناء» على «أن قانون تعديل قانون الدفاع لجهة رفع سن التقاعد لضباط الجيش مستبعد حالياً في ظل تعثّر فتح دورة استثنائية لمجلس النواب، ورفض تيار المستقبل للصيغة المقدمة بها في مجلس النواب، وعدم تأييد قيادة الجيش للاقتراح إذ أن بموجبه يصبح الجيش هرماً».
الإقرار يحتاج إلى جلسة استثنائية
وأكد رئيس مجلس النواب نبيه بري بحسب ما نقل عنه زواره لـ«البناء» «أن هناك اتصالات حصلت خلال الأيام الماضية، ليتبين ما إذا كان هناك إمكانية لتحريك هذا الاقتراح النائم في إدراج المجلس، ما يعني أن إقرار هذا الاقتراح يحتاج إلى جلسة تشريعية ولا تزال الاتصالات مستمرة لإحداث ثغرة في مراوحة هذا الملف، والوصول إلى صيغة ترضي الجميع».
وقال بحسب زواره: «انه لا يستطيع أن يكون متهاوناً مع إقفال المجلس النيابي، وهذا ما يفسر سلسلة المواقف التي أطلقها مؤخراً مع توضيحه انه لا يريد سجالاً ولا حملات إعلامية.
سجال خليل كنعان
وفي سياق متصل، أكد وزير المال علي حسن خليل أن التواصل بين عين التينة والرابية لم ينقطع، لكنه استغرب في الوقت نفسه بموضوع الرواتب والأجور عدم معرفة وزراء التيار الوطني الحر مبرّرات فتح اعتمادات إضافية، فالمشروع الأول قد نوقش في مجلس الوزراء والتكتل شارك ووافق عليه وأحيل إلى المجلس النيابي في 19/3/2015، بالتالي لم يكن مرتبطاً بالأزمة المطروحة حالياً، مستغرباً «أن يكون رئيس لجنة المال النيابية النائب إبراهيم كنعان لم يعرف ما هي المبرّرات لهذا القانون الذي تمّت مناقشته في اللجنة».
في المقابل أعلن المكتب الإعلامي للنائب إبراهيم كنعان أنّ مشروع القانون الرامي إلى فتح اعتماد إضافي في الموازنة العامة لعام 2015 وقدره 874 مليار ليرة لبنانية، لتغطية العجز في الرواتب والأجور وملحقاتها، ومعاشات التقاعد وتعويضات نهاية الخدمة، لغاية نهاية العام 2015، والمحال إلى المجلس النيابي بالمرسوم لم يتضمّن أي جداول أو تفصيلات أو تنسيب للمبلغ المطلوب، خلافاً لما أورده خليل في مؤتمره الصحافي.
وأكد المكتب أنّ لجنة المال والموازنة خلافاً لما أورده وزير المالية لم تعقد جلسات متتالية لبحث ومناقشة المشروع، إنما جلسة واحدة بتاريخ 7 أيار 2015، وتمثلت فيها وزارة المالية بمدير المالية العام، وقد قرّرت اللجنة في حينه تأجيل البحث في مشروع القانون المذكور إلى حين ورود التفصيلات والجداول المطلوبة، أو إحالة مشروع الموازنة العامة لعام 2015 إلى المجلس النيابي، لتبيان تفاصيل الأرقام المطلوبة وما إذا كانت هذه المبالغ واردة في مشروع الموازنة، أم هي تشكل إضافة عليها.
«مسرحية مقبل بإخراج غير موفق»
في غضون ذلك، ومع تراكم الملفات العالقة والاستحقاقات الداهمة عقد مجلس الوزراء جلسة عادية أمس برئاسة رئيس الحكومة تمام سلام وتم البحث خلالها في ملفي النفايات والتعيينات من دون أن يتوصل المجتمعون إلى أي حل في الملفين.
وأكدت مصادر وزارية لـ«البناء» أن وزير الدفاع سمير مقبل عرض قضية التعيينات الأمنية وطرح بعض الأسماء المؤهلة لقيادة الجيش مارون حتي، ألبير كرم، فرنسوا شاهين، شامل روكز، ريشارد حلو وكلود حايك ولرئاسة الأركان حاتم ملاّك، مروان حلاوي، دريد زهر الدين، أمين أبو مجاهد وغسان عبد الصمد ، ولمجلس الدفاع الوطني فاضل طليس، عصام عبدالله، طارق بلطجي وعامر الحسن للتصويت عليها، إلا أنّ وزراء التيار الوطني الحر وحزب الله عارضوا التعيين بهذه الطريقة واعتبروا ذلك «تهريبة» وفضلوا تأجيل البت بهذا الموضوع إفساحاً في المجال أمام مشاورات جديدة طالما أنّ هناك مساعي تبذل لحلّ يشمل تسوية سياسية كاملة حول عمل الحكومة ومجلس النواب والتعيينات الأمنية وطلبوا وقتاً إضافياً.
وقال وزير الخارجية جبران باسيل مدعوماً بوزير الدولة لشؤون مجلس النواب محمد فنيش إنّ طرح الأسماء من دون توافق سياسي كمقدمة للتمديد المخالف للقانون. وقال وزير التربية الياس بو صعب إنّ ما جرى هو مسرحية بإخراج غير موفق.
وحذر رئيس الحكومة خلال الجلسة من أنّ هناك قضايا مالية واقتصادية ومعيشية ملحة يجب إقرارها في مجلسي الوزراء والنواب وتدرّ أموالاً كثيرة على الخزينة، كالهبات والقروض وسلسلة الرتب والرواتب ولا يجوز تأجيلها وعدم البحث بها وإقرارها.
وأكدت مصادر رئيس الحكومة لـ«البناء» أنّ الرئيس سلام يريد إجراء التعيين في المناصب الأمنية، ولكن إذا لم ينجح مجلس الوزراء في التعيين فهو يؤيد إصدار وزير الدفاع مرسوماً بتأجيل التسريح».
وقال وزير الثقافة روني عريجي: «إنّ تيار المرده مع التعيين ولكن إذا تعذر فهو يقف ضدّ الفراغ».
الشركات الأجنبية غير جاهزة
وعلمت «البناء» أنّ ملف النفايات استغرق الوقت الأكبر خلال الجلسة وطغى على مداخلات الوزراء. وعرض وزير البيئة محمد المشنوق كل الخيارات التي طرحت في اللجنة الوزارية المصغّرة من تصدير النفايات إلى الخارج وأنّ شركات رومانية عرضت وضع خبراتها في تصرف الدولة اللبنانية لمعالجة النفايات لتوظف في دول أوروبية لإنتاج الطاقة والكهرباء. وتحدث المشنوق عن طرح إنشاء محارق، وخيارات أخرى موقتة ومرحلية لمعالجة الأزمة». كذلك طرح وزيرا الزراعة والصحة أكرم شهيب ووائل أبو فاعور خيار الطمر في منطقة ملوثة في البحر. وأمام ذلك طلب رئيس الحكومة مهلة يومين أو ثلاثة من الوزراء لتتبلور الحلول للأزمة.
في المقابل تحدثت مصادر وزارية لـ«البناء» عن أن خيار الشحن للنفايات غير جدي والشركات الأجنبية غير جاهزة لهذه العملية، كما أن المعايير التي يجب أن تتوافر لتتم العملية لا تنطبق في لبنان.
وأوضح وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس في حديث إلى «البناء» أن اللجنة الوزارية المولجة البحث في ملف النفايات ستجتمع خلال يومين أو ثلاثة أيام كما وعد الرئيس سلام، لبحث هذا الملف واتخاذ قرار لحل الأزمة.
وأشار درباس إلى أنه لم يتمّ بحث آلية عمل الحكومة خلال الجلسة، مشيراً إلى «أنّ هذا الأمر أصبح ثانوياً بعد الجمود والشلل الذي أصاب الحكومة، فهناك استحقاق الرواتب والأجور في أيلول، وهناك 743 مليون دولار هبات ومليارا دولار قروض وغيرها من الاستحقاقات الداهمة وحتى لم يستطع المجلس تعيين محام لدعوى دولية أقامتها شركة طيران على الدولة».
حوار عين التينة ينتقل إلى الملفات الحياتية
إلى ذلك، انتقل حوار عين التينة أمس من العمل على تخفيف الاحتقان والتشنج المذهبي إلى الاهتمام بالملفات الحياتية. وعقدت جلسة الحوار السادسة عشرة بين حزب الله وتيار المستقبل مساء في مقرّ الرئاسة الثانية في عين التينة بحضور المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله حسين الخليل، والوزير حسين الحاج حسن، والنائب حسن فضل الله عن حزب الله، ومدير مكتب الرئيس سعد الحريري السيد نادر الحريري والوزير نهاد المشنوق والنائب سمير الجسر عن تيار المستقبل. كما حضر الجلسة الوزير علي حسن خليل.
وناقش المجتمعون مقترحات للمخارج المتداولة للأزمة السياسية التي تمر بها البلاد، لا سيما التعيينات العسكرية والأمنية وعدد من الملفات الحياتية التي تهم المواطنين. وشدد المجتمعون على أهمية عمل المؤسسات، وتوافقوا على أهمية المحافظة على الحكومة والأمن في لبنان.