احتمالات شن حرب «إسرائيلية» تكبر؟

روزانا رمّال

يحاول الأتراك جاهدين الدخول على خط الأزمة السورية التي على ما يبدو انطلق الحديث عن عملية سياسية فيها بوجود الرئيس بشار الأسد كرئيس للبلاد سريعاً بعد توقيع الاتفاق النووي الإيراني، بما يبدو تفاهماً أميركياً روسيا إيرانياً على بقاء الأسد. وتحاول تركيا، كأحد المتضررين من بقاء الأسد ومن رفع أسهم قرب الاستقرار في سورية بعد الاتفاق النووي الغربي مع إيران، بشتى الوسائل إنشاء منطقة حدودية داخل الأراضي السورية، لكنها تصطدم بالوقفة الروسية ومعها تأكيدات إيرانية بأهمية اللجوء إلى رضا سلطات البلاد في أي محاولة لمشاركة الدول في مكافحة الإرهاب.

«إسرائيل» كمتضرر آخر من الاتفاق النووي أولاً وبقاء الأسد ثانياً لا يبدو أنها ستلتزم الصمت حيال ما يجري، فالعقلية «الإسرائيلية» القائمة على فكر وجودي يبيح لها تخطي أي محظور في حال استشعار أي موجات مقلقة مقبلة على الكيان، بالتالي فإن الفكر «الإسرائيلي» القائم أساساً على قدرة بث الرهاب في الجوار كأساس بنيوي هي فكرة قائمة دائماً، أي أن فكرة اعتداءات «إسرائيلية» على جنوب لبنان أو غزة وربما سورية دائماً قائمة لسبب عقائدي أيديولوجي، فـ»إسرائيل» تذوب عندما توقف حروبها القائمة على بث القلق الدائم لدى الجوار ظناً منها أنها أحد أبرز استراتيجيات حماية أمنها وحدودها والجبهة الداخلية من الأعداء، وهم الدول المجاورة.

لا يمكن «إسرائيل» أن تقف تتفرج على الأحداث ومسارها، فإذا كان الاتفاق النووي قد وقع وسورية تتجه لحل سياسي فهذا يعني أن أحداً لا يأخذ في الاعتبار المخاوف «الإسرائيلية»، بالتالي فان محاولة ما لكسر هالتها تأخذ طريقها، وفي الغالب بالنسبة للإسرائيليين، يعود ذلك لاختلاف الرؤية الأميركية حول الأمن «الإسرائيلي» في الشرق الأوسط.

لا يبدو أن المشهد سيخلو من تحرك «إسرائيلي» ضروري حفاظاً على ما تبقى من الهالة «الإسرائيلية» في الشرق الأوسط والتي تصنع وحدها لـ»إسرائيل» مكاناً في السياسة، ولذلك ستحاول القول إنها لا تتأثر بأي تسويات أو اتفاقات بين الغرب وإيران أو حلفاء إيران لأن «أعداءنا باقون إلى الأبد وإيران نفسها كخصم تقول ذلك» من جهة، ومن جهة ثانية ستحاول «إسرائيل» التأكيد أن أمنها هو قرار لا يحتاج رعاية خارجية هذه المرة وللمفارقة المقصود أميركية.

للمرة الأولى تختلف نظرة إدارة أميركية حول الأمن «الإسرائيلي» وكيفية الحفاظ عليه، وللمرة الأولى تجد «إسرائيل» نفسها أمام مأزق الاعتراف بالعجز إذا ما اتخذت خطوات أحادية الجانب لا تتناسب مع الموقف الأميركي الذي اكتشفت «إسرائيل» لاحقاً أنه منذ عام 2012 كانت أولى محاولات التواصل الأميركية مع الإيرانيين عبر رسالة بعثها الرئيس باراك أوباما للسيد علي الخامنئي، بالتالي تعرف «إسرائيل» جيداً أن واشنطن مضت في هذا القرار ولم تتراجع.

توجه «إسرائيل» نحو عملية عسكرية في سورية أو في جنوب لبنان أو حتى في غزة، كي لا تقف متفرجة عاجزة عن فرض أي متغير على الساحة، ولو كان ظناً «إسرائيلياً» بإمكانية توقيع معاهدات سلام، فتكون حربها «حرب السلام» كفرضية قائمة حفاظاً على كيان قائم أساساً على المعنويات وإلا الانهيار السريع مصيره. وبهذا الإطار تؤكد المحاولات «الإسرائيلية» لتنظيم عمليات تدخل عسكرية كالتي قيل إنها هدفت لاغتيال سمير القنطار الأسبوع الماضي في قصفها هدفاً بالجولان، أو حتى اغتيال جهاد مغنية ابن القائد عماد مغنية ليست إلا عمليات رفع معنويات باستهداف رموز لها وقع عند الرأي العام «الإسرائيلي».

لا يمكن الاكتفاء بالحسابات التي تقول بعجز «إسرائيل» عن تحقيق أي نصر بل يجب توقع أي حماقة «إسرائيلية» من أجل ملء فراغ أحدثه القلق على المهابة «الإسرائيلية التي تم تجاوزها بعد التوقيع النووي الإيراني مع الغرب من قبل حليفتها الولايات المتحدة. هذا ما يقوله خبراء في الشأن «الإسرائيلي»، مستعيدين مشهد المناورات «الإسرائيلية» المتلاحقة والمكلفة مالياً للقول إنها ليست للاستعراض، مضيفين ماذا يعني نقل بعض الطائرات «الإسرائيلية» للتموضع في اليونان ضمن تفاهمات عسكرية على غرار التفاهمات مع كازاخستان ونشر طائرات «إسرائيلية» في مطاراتها.

يحاول أوباما أن يشرح للكونغرس مخاطر الوقوف منفرداً أمام العالم إلى جانب «إسرائيل» في لعبة ذكية جداً وضعت بعض أعضاء الكونغرس و»الإسرائيليين» في خانة واحدة، لكنها صورت «إسرائيل» كقوة مناهضة لكل مشروع سلام وأمن في العالم وجعلها شبه معزولة باعتبارها وحدها عارضت الاتفاق مع طهران.

يستنجد أوباما بقوة حزب الله لتعزيز مواقفه أمام الكونغرس ويذكر «الإسرائيليين» أن هذا الحل هو الذي سيحمي «إسرائيل» من مخاطر صواريخ الحزب التي ستنهمر عليها عند أي حرب مع إيران. وانطلاقاً من هنا «يؤكد مصدر مقرب من المقاومة استبعاد قيام «إسرائيل» بأي عملية عسكرية في الوقت القريب نظراً لعدم قدرتها على تحمل تكلفتها مع إبقاء الاحتمالات مفتوحة بالحساب الإسرائيلي المتطرف».

في المعطيات الكثير مما يقول أن «إسرائيل» لن تقف مكتوفة الأيدي وهي تتآكل هيبة ومكانة ودوراً، ولن ترتضي فقدان مقعدها في النظام الإقليمي الجديد ولو كانت الحرب حرب صناعة السلام والمفاوضات، وقد تنتهي بالتنازلات التي تسميها بالمؤلمة، وفي المقابل ما يقول بخشية «إسرائيل» من انزلاق أي حرب إلى حيث تخرج عن السيطرة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى