استحقاق داهم لما بعد التحدّي
عدي رستم
مرّت سورية في استحقاق مهم جاء ليتوّج كلّ ما سبق من إعادة تجسيد للدستور الجديد الذي يشكّل الورقة الرسميّة لإضاءة مفاصل الحياة السياسيّة ومنها انتخابات مجالس البلديات والمحافظات وانتخابات مجلس الشعب، ليكون موعدها اليوم مع هذا الاستفتاء الجماهيري المهم.
مع ارتسام هذا المشهد تبدّت معه عناصر لا يمكن لأحد تجاوزها بعد مرور ثلاث سنوات من الحرب على سورية والتي أدت إلى انقسام عالمي في محورين متقابلين:
المعركة على سورية بمفهوم شنّ الحرب بات أمرها محسوماً بإسدال الستارعليها من خلال هذا المفصل المهمّ، فحلف الحرب على سورية أنشأ اللعبة الداخلية المسلحة لتعويض فشله الناجم عن عجزه عن الذهاب إلى حرب، بات الآن عاجزاً عن حماية هذه الحركة إلا عبر الذهاب إلى حرب، والحرب أمست شيئاً من الماضي.
تجذّر مفهوم الدولة السورية من خلال صمود مؤسساتها، فسورية دولة مؤسسات وهي الكيان الناظم لعلاقات مكّونات الوطن شعب سلطة . الآن بات واضحاً للجميع أن هذا المفهوم لا يزال راسخاً في الوجدان الشعبي السوري الذي شكل مادة تعبئة وتحريض ورأس جسر لانهيار الدولة السورية من خلال تقديم مجموعة من المكاسب إلى جسم المعارضة الخارجية أملاً في إيجاد خلل في بنية الانحيازات الشعبية داخل سورية.
تكريس مبدأ أن الشأن السوري الداخلي يبقى شأنا داخليا سورياً صرفاً بغض النظر عن مزاج السوريين في المحطات المهمة التي تستلزم منهم مشاركتهم لتفعيل الحياة السياسية في الدولة السورية، وهذا الشأن تقرره حالة الحوار المستقبلية بين الشعب والسلطة، وفق إطار ديمقراطي يقوم على إرادة الشعب وقبول الرأي الآخر.
الاستحقاق الانتخابي والمحطات المقبلة تتطلب من كل مواطن سوري المشاركة، فهي حق له وواجب عليه لإعادة تشكيل سورية الدستورية بأجلى صورها.
هذه المناسبة الوطنية تعزز مشاركة السوريين في صنع مستقبلهم واختيار رئيسهم بإرادتهم، من خلال تكريس الحرية والديمقراطية بين الدولة والشعب، على نحو يحفظ ويصون استقلال سورية فحينما يتجذّر الاستقلال في الدولة تكون الحرية والديمقراطية قيمتين مضافتين تحت راية الاستقلال الوطني.