تفجير الطوارئ وكلام سعودي جديد

يوسف المصري

ليست هذه المرة الأولى التي جرت فيها محاولة لاستهداف مسجد الطوارئ… ففي رمضان الماضي أحبطت قوى الأمن السعودية محاولة لتفجيره من قبل إرهابيين، ما استدعى زيادة الحراسة الأمنية المشدّدة عليه. ولكن هذه المرة تمّ استهدافه على نحو مباشر، وفي شكل استهدف حاميته من رجال الأمن، وهذا ما يفسّر سقوط العدد الأكبر من الضحايا من بينهم.

لماذا مسجد الطوارئ:

ـ أولاً لأنه من المساجد الكبيرة في السعودية، والذي يعتبر الأكبر لجهة أعداد المصلين الذين يقصدونه يومياً نحو ثلاثة آلاف مُصلّ .

ثانياً: لأنه يخضع مباشرة لتوجيه من الدولة، وهو كان المسجد الأكثر تأقلماً مع إصلاحات على مستوى الخطاب الديني، تقوم بها وزارة الأوقاف السعودية.

ويؤشر هذا الأمر إلى معنى هام، وهو أن الحرب داخل البيئة الدينية في السعودية، قد بدأت فعلاً ومحورها الأول دعاة إصلاح الخطاب الديني الذي يحمّل الكثيرون مسألة بقائه على تشدّده كلّ المسؤولية عن إنتاج الإرهاب والإرهابيين. ومحورها الثاني مجموعات وجمعيات تريد إبقاء هذا الخطاب الديني على حاله من التطرف والمساندة لتيارات التكفيريين السلفية من «داعش» إلى «النصرة» إلخ…

كان لافتاً أن المحللين السعوديين الذين علقوا على التفجير الإرهابي عبر قنوات فضائية موالية للرياض، أدلوا بكلام اتسم بروحية جديدة، فهم من جهة طالبوا بضرورة بدء حرب جدية على منابر دينية في السعودية تبث سموم التطرف الديني، ويؤكد هذا الكلام ما ذهبت إليه السطور الآنفة عن بدء الحرب داخل البيئة الدينية السعودية. ومن جهة ثانية اعتبر هؤلاء المحللون أن إرهاب «داعش» وأشقائه، في كل دول المنطقة بما فيها سورية، هو واحد وهو العدو الأول الذي يجب الاستنفار لمواجهته.

لقد تقاطع غير محلل سعودي على اعتبار إرهاب «داعش» الموجود في سورية هو خطر مستطير، لأنّ الدواعش انطلاقاً من إمارتهم في الرقة يخططون بهدوء وبأمان ضدّ كلّ دول المنطقة.

يشي هذا الكلام الجديد بتبدّل في الموقف السعودي، وذلك في شكل يعطي مصداقية أكثر للمعلومات التي تفيد بأنّ روسيا نجحت في أخذ السعودية إلى مقاربة جديدة تجاه الأزمة السورية، وبخاصة لجهة تبنّي مقولة موسكو عن أن الإرهاب في سورية هو خطر على الجميع، وأنّ الأولوية هي للتعاون مع الحكومة السورية ضمن تحالف إقليمي من أجل استئصاله من سورية لمنع تشظياته على دول المنطقة والعالم.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى