سارة الزير لـ«البناء»: الفيلم بطاقة شكر لوالدة الشهيد
آمنة ملحم
في منزل أقرب ما يكون إلى الريفيّ البسيط وسط ترف العاصمة، تتوسّطه فسحة سماوية مع سقف مستعار. وعتبته الّتي تروي من النظرة الأولى فقر حال أصحابه. اجتمعت ثلّة من الفنانين السوريين أمام عدسة كاميرا المخرجة الشابة سارة الزير، ليجسّدوا لنا حكاية فيلمها «المطر الأسود».
هناك، حيث يدلّ كلّ تفصيل في ذلك المنزل الذي جمع بمحبة العائلة التي تحتضنها «أم الهمّام» فاديا خطاب ، والمكوّنة من أربعة أبناء: الهمّام، أمان، الكميت، وفهد، تخلّوا عن كل شيء فدفعوا ثمن حرب كبيرة وضحّوا بأرواحهم لتصبح أمهم ثكلى أبنائها الأربعة. ولكنها تبقى شامخة كالسنديان.
تسكن «أمّ الهمّام» مع أولادها الأربعة وزوجة ابنها البكر «الهمام» «يم» وطفلتهما «نجمة» في المنزل ذاته وتحت سقفه الهشّ ظاهرياً. وذلك بعد وفاة «أبي الهمّام» منذ سنين، لنرى أن العمر والهمّ زاداها حكمة ورزانة وتسليماً ورضا. هي كشجرة السنديان تبقى شامخة رأسها نحو السماء، وجذورها ثابتة في عمق التراب.
وفي الحكاية، سنرى «الهمّام» الذي يجسد دوره الفنان سامي نوفل، وهو الابن الأكبر في العائلة، متزوج من «يم» ميريانا معلولي ، شابة غزيرة العنفوان والكرم والاندفاع كزوجها، ولهما ثمرة زواج هي الطفلة «نجمة» آية الحسن ، وعمرها ثماني سنوات، ويموت جدّها «أبو الهمام» علي كريم لحظة ولادتها من دون أن يفرح بمجيئها إلى هذه الدنيا.
و«أمان» بلال مارتيني ، هو الابن الثاني، وقور هادئ، يحيط مَن حوله بالسلام، اكتسب من والدته كلّ الحكمة والنبل والأصالة. أما «الكميت» يوسف عسّاف ، ثالث الأبناء، فهو الذي استطاعت أمّه زرع ثمرات الأخلاق والشجاعة والتضحية في قلبه وعقله. و«فهد» مروان خلوف ، هو الابن الأصغر و«آخر العنقود»، وعلى رغم طيشه، إلا أنّه يحمل من الكبرياء والإرادة والقوة ما يكفي فرقة من الشباب.
عن رسالة الفيلم، لفتت المخرجة سارة الزير لـ«البناء» بأنها تتجلى بتقديم بطاقة شكر لوالدة الشهيد، وعلى وجه الخصوص التي قدّمت أربعة من أبنائها فداءً للوطن وكرمى لترابه، ولا تزال تمدّنا بكلّ معاني الكبرياء والكرامة والقوة. وكم نخجل من أنفسنا إزاء عطائها اللامحدود.
وأوضحت الزير أنّ الفيلم يقوم على طريقة «الفلاش باك»، وهو إنسانيّ بالمطلق، إذ سنواكب «أمّ الهمّام» وهي تفقد أولادها الأربعة وزوجها، ولا يبق لها من العائلة سوى حفيدتها «نجمة»، فتقصّ لها سيرة الأبطال، وكيف استشهد كلّ من والدها ووالدتها وأعمامها الثلاثة وجدّها. كلّ واحد منهم استشهد لينير درب البطولة، وذلك من خلال العودة بالزمن و«الفلاش باك»، ومن خلال صديق للعائلة من درعا يدعى «جاسم» مجدي المقبل ، الذي كان قد حارب إلى جانب أحد أبنائها وأنقذه، لكنه أصيب وسببت له الإصابة إعاقة جسدية ألزمته المنزل. لكنه لم يقطع تواصله مع «أمّ الهمّام».
الفيلم من بطولة: فاديا خطاب، علي كريم، ميريانا معلولي، سامي نوفل، بلال مارتيني، يوسف عساف، مروان خلوف، ومجدي المقبل، بالاشتراك مع سيرينا محمد والطفلة آية الحسن. وهو من تأليف وإخراج سارة الزير، أمّا الإنتاج فتولّته شركة «سيميلي»، والإشراف العام كان للمهندسة ميس الزير.
تعتبر سارة الزير أصغر مخرجة سورية، في جعبتها حتى الآن مسلسل تلفزيوني وفيلمان سينمائيان من تأليفها وإخراجها، فضلاً عن تنويعها بين التمثيل والإخراج والتأليف.