من كتاب د. عادل سماره «ظلال يهو/صهيو/تروتسكية في المحافظية الجديدة» / نماذج المتآمرين: أدوات بيد تحالف الماديتين ــ التروتسكية واليهودية (3)
تنشر «البناء» على حلقات أجزاء من كتاب د. عادل سماره «ظلال يهو/صهيو/تروتسكية في المحافظية الجديدة». والكتاب يتناول عناوين عدّة، أولاً: «نشوء المحافظية الجديدة ـ تواشج ليبرالي يهودي تروتسكي»، ثانياً: «التروتسكية وتفكّك الاتحاد السوفييتي»، ثالثاً: «نتنياهو نموذج لسياسة محافظة جديدة»، رابعاً: «التروتسكيون والربيع العربي»، خامساً: «التروتسكية وأميركا الجنوبية»، وسادساً: «الهند بين الغوارية الماوية، تواطؤ التروتسكية والإقرار الأوروبي بفساد سلطتها»، إضافةً إلى تمهيد ومقدمة.
وإذ تقوم «البناء» بنشر أجزاء من الكتاب، فلأنها تريد أن تساهم في تعميم حقيقة الارتباط القائم بين اليهودية العالمية وبين الإمبريالية الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية. إضافةً إلى إظهار ناحية أساسية في هذا الارتباط وهو قيامه على قاعدة الرأسمال المعولم الذي وضع أسسه أمشيل ماير روتشيلد في الثلث الأول من القرن الثامن عشر، والذي جرى تأسيسه في العالم الجديد، أميركا، عبر مجمعات مالية ضخمة مثل مجموعة كوهين لوب ومجموعة م.م. واربورغ ومجموعات مورغان وسواها، وقبل ذلك بالسيطرة الروتشلدية التامة على مصارف أوروبا واستطراداً أميركا. يظهر الكاتب حقيقة الثالوث الجهنمي اليهودية ـ الصهيونية ـ التروتسكية، الثالوث الذي يتحكم بكثير من مفاصل السياسة الدولية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يعرض الكاتب في هذا الجزء من الكتاب نتنياهو كنموذج لسياسة المحافظية الجديدة وتأثير هذا النموذج في مسار سياسة الولايات المتحدة الأميركية تجاه «إسرائيل» والتي اعتبرت نفسها وريثاً لإرث سايكس بيكو ومفاعيله كافةً. إضافةً إلى موقف التروتسكيين من سورية وكيف قاموا بدعم ما سمي بالـ«ثورة»، متحالفين مع الأخوان المسلمين ودول النفط والإرهابيين.
ولقد أشار الكاتب إلى شهادة الجنرال ويزلي كلارك ووزير خارجية فرنسا الأسبق إضافة إلى وزير الخارجية الأميركي كولن باول حول إجراءات التحضير للعدوان على سورية بدءاً من عام 2007.
ومن ثم يعرض الكاتب نماذج تروتسكية ـ يهودية من أمثال جيلبرت أشقر إضافةً إلى رأي تروتسكيي المغرب العربي الداعم للمؤامرة.
نتنياهو نموذج لسياسة محافظية جديدة
أثار الصعود ودرجة التطرف لدى المحافظين الجدد أسئلة عديدة لم تتوفر بعد إجابات مناسبة لها، هل هؤلاء المحافظين طفرة مختلفة وبخاصة في النسق المالك/الحاكم في الولايات المتحدة الأميركية أم أنهم نتاج طبيعي لتطور المصالح الداخلية والخارجية للنظام الحاكم، لتراكم راس المال على الصعيدين القومي والعالمي؟ هل يشكلون مع اليمين الليكودي حركة واحدة، أم أن الطرفين التقيا بحكم المصالح والرؤية؟ وكيف يتم الانتقال من اتجاه ماركسي «التروتسكية» تحديداً للانخراط في هذا التيار اليميني والرأسمالي والإمبريالي والمعولم معاً؟
يكاد يُجمع الباحثون في الاستراتيجية ومن ثم في الاقتصاد على أن الاحتضان الأميركي الأشد للكيان الصهيوني بدأ في أعقاب حرب حزيران 1967، لكن المفترض البحث في الأمور التي ربطت التروتسكيين بأميركا منذ ثلاثينات القرن العشرين حتى حرب 1967 كما حاولنا في الصفحات السابقة. وعليه قامت علاقة أشبه بتعاقد العمل بين صاحب شركة كبرى وبين باحث عن وظيفة، بغض النظر عن دينهما وقوميتهما ولونهما…الخ. ففي وراثتها للاستعمار الأوروبي في المنطقة تحتاج الولايات المتحدة لأدوات لحماية هذه المصالح. أما هذه الوراثة، فلم تطرأ فجأة بعد حرب حزيران، بل إن نتائج الحرب هي التي فتحت أعين ضواري الإمبريالية الأميركية على مأجور مناسب بما هي، أي الولايات المتحدة، الوريث للاستعمار الأوروبي. ونقصد هنا، أن الولايات المتحدة نفسها التي غدت الحاضنة الأولى للكيان في أعقاب حرب 1967، هي التي أصرت على خروج هذا الكيان من غزة عام 1956، على اعتبار أن ذلك العدوان كان بمقدار ما هو ضد النهوض القومي العربي، هو أيضاً مقاومة بريطانية/فرنسية لهيمنة الولايات المتحدة على المنطقة. أما وقد استقامت العلاقة بين الولايات المتحدة والكيان، فإن الولايات المتحدة هي الممانع الرئيسي لانسحاب الاحتلال من مناطق الاحتلال الثاني 1967، وهي ممولة هذا الاحتلال ناهيك عن تسليح الكيان.
في سياق الوراثة والهيمنة الأميركية على المنطقة لا تحمي الولايات المتحدة الكيان الصهيوني بل تحمي العديد من الأنظمة العربية كذلك. وعليه، فهي، أي الولايات المتحدة هي الوريث الطبيعي لاتفاق سايكس-بيكو بمجمله، وهو ما يوصل إلى الاستنتاج الواضح بأن كلٍ من القطريات العربية والكيان الصهيوني باقية بحماية الولايات المتحدة ونظرائها الغربيين وإن بدرجات كل بحسب قامته ومصالحه. نعم، «الرب أعطى والرب أخذ»، فمن أقام الأنظمة هو الحامي لها. وهذا ما يتعزز بعقد أنظمة عربية اتفاقات تسوية مع الكيان الصهيوني ليست لهذه الأنظمة مصلحة أو ضرورة فيها ما خلا تنفيذ الأمر الأميركي. وبقولٍ آخر، فإن الأنظمة القطرية العربية ترتبط مع الكيان الصهيوني بحبل البقاء السّري المتبادل.
لعل التالي من أفضل الشواهد على علاقة التروتسكيين بالمحافظية الجديدة من جهة وبدورها في احتضان الكيان الصهيوني من جهة ثانية لا سيما أن ما يلي هو شهادة «لإسرائيليين» وهو على أية حال يؤكد ما سُقناه في صفحات سابقة.
فحسب جاب بن بورات: «استُخدمت المحافظية الجديدة في وصف مجموعة من المثقفين بعض منهم ماركسيون أو تروتسكيون سابقون الذين، في ستينات القرن الماضي انتقلوا من السياسات الليبرالية الجديدة إلى ما وُصف كنمط جديد من المحافظية التي كانت عقيدتها الأساسية اللبرالية الاقتصادية المعتدلة، والتوجهات الصقورية في السياسة الخارجية، ومواجهة الثقافة المضادة في تلك الستينات، وكذلك دعم «إسرائيل». وفي أوائل تسعينات القرن الماضي، في أعقاب انتهاء الحرب الباردة، بدا كما لو أن هذه الحركة قد استنفذت نفسها، فقد جادل ناقدوها بأن سوقها قد مضى».
«رفض المحافظون الجدد عموماً تصور فردريك هايك المعبر عنه في «الطريق إلى العبودية»، كما أن نفورهم من دولة الرفاه مرده إلى تحفظهم على «فسادها الأخلاقي»، وإمكان تقويض حوافز العمل من خلال توفر منافع الرفاه، حيث أن إعادة التوزيع يمكن أن تقود إلى تقويض النمو الاقتصادي، وبأن تنتهي المساواة إلى تناقض مع الحرية. وبالنتيجة، فإنهم يدعمون تقييدها وليس بالأحرى شطبها، وقد توصلوا لاحقاً إلى تبني ما اسموه «المحافظية الجديدة الرحيمة «.
في فترة ريغان حيث شغل المحافظون الجدد مواقع مهمة في الحكومة، بدت وكأنها فترة القمة لتلك الحركة التي تبنت كل من مواجهة الشيوعية والاقتصادات الريغانية. فقد عُين كل من كمبلمان، وكيرك باتريك وإليوت أبرامز وريتشارد بيرل وإيوجين روستو وكنيث أدلمان وريتشارد بايبس في مناصب عالية في السياسة الخارجية. كما عين وليام بينيت وشيسار فين ووليام كريستول وليندا تشافيز ومحافظون جدد آخرون في مختلف مكاتب الشؤون الأهلية. لذا، فإن نيو ريببليك قد حذرت بلهجة نصف جادة بأن «أيتام تروتسكي» يسيطرون على الحكومة.
ففي مقالة في مجلة «فورين افيرز»، عام 1996 كتب وليام كريستول وروبرت كاجان، وهما مفكران رياديان في المحافظية الجديدة، مقالة دافعا فيها عن «سياسات المطاردة الساخنة في إيران، وكوبا، أو حتى الصين، مثلاً التي تهدف في النهاية إلى تغيير النظام».
كتب أحد المعلقين الليبراليين في تأبينه لإسحق رابين، بعد اغتياله بوقت قصير، إن رابين قد تعلم كيف يثق بقوى السوق وحتى كيف يحبها. «بدأ رابين حياته السياسية كاشتراكي، وواصلها كديمقراطي اجتماعي، وفي أُخريات سني حياته في منصبه كان اقتصادياً لبرالياً تماماً».
فالأفكار لا «تعوم حرة أو منفلتة» وهي غالباً مدعومة من مراكز الفكر والأبحاث، التي تبلورها في أجندات محددة وتسوقها لصانعي السياسة والجمهور عامة. لقد تأسس مركز شاليم في منتصف تسعينات القرن العشرين على يد الجمهوري اليهودي الأميركي رون لاودر، القريب من نتنياهو، والمدعوم من قبل يهود أميركيين يدعمون نتنياهو ليشجع أفكار الخصخصة واقتصاد السوق، مشتركة مع موقف صقوري في السياسة الخارجية والصهيونية. وهكذا، فإن ورقة في السياسة قد نشرت من قبل مركز شاليم عام 1996 مع توصيات بإصلاح اقتصادي يتضمن تخفيضاً في العجز، وتخفيض معدلات الضرائب، وشطب الدعم. وعلى أي حال، فقد كان المشروع اللافت للنظر لدى مركز شاليم، هو ترجمة مختلف الأدبيات الكلاسيكية المحافظة والنيولبرالية التي تم نسيانها إدموند بيرك، فريدريك هايك، ملتون فريدمان، وإيرفينج كريستول- الذي أصبح جزءاً من منهج دراسي. وهناك مؤيد أميركي آخر لنتنياهو، هو تيد اريسون، الذي ساعد في إنشاء مركز أريئيل للدراسات السياسية والذي غرضه إنتاج أوراق في السياسة تركز بشكل خاص في مخاطر عملية السلام. وكان النموذج المحتذى لهذا المركز، الذي تبنى موقفاً أكثر صقورية من نتنياهو، هو صندوق التراث الأميركي المرتبط بالحزب الجمهوري.
وبعد سقوط الاتحاد السوفياتي، ساد شعور بالفراغ الإيديولوجي، وبدأ بعض الباحثين وأساتذة الجامعات يعملون على سدِّ هذا الفراغ: أنشأوا مؤسَّسات والتفوا حولها، وأصدروا منشورات وروَّجوا لها، وارتبطوا في ما بينهم ارتباطاً عضويّاً، حتى صرنا نرى أفكارهم متداولة في مختلف وسائل الإعلام. هل من قبيل المصادفة أن معظمهم من اليهود؟ هل من قبيل المصادفة أنهم زُرِعوا في مناصب رفيعة في الإدارة الأميركية الحالية، أم أنهم، كمسؤولين غير منتخَبين، عُيِّنوا لتنفيذ استراتيجية معينة؟
من هؤلاء ألان بلوم Bloom، وفوهستيترWohstetter، وتلميذهما بول فولفوفيتس نائب وزير الدفاع الأميركي ، وإليوت أبرامز، وبيتر رودمان، وروبرت كيغان، ووليم كريستول، وليبي Libby كبير مساعدي تشيني ، ومايكل لادين Ladeen، ودوغلاس فايث Feith، ونورمان بودهورِتس Podhoretz. ومن المؤسَّسات التي يطلقون عليها «مراكز التفكير» think tanks والمجلات التي يستغلونها لترويج سياساتهم».
ظهر هذا الكلام في وثيقة تسرَّبت في آذار 1992 إلى صحيفتي New York Times وWashington Post، وأطلقوا على الوثيقة اسم «إرشاد التخطيط الدفاعيDefense Planning Guidance. وفي هذه الوثيقة تحدَّث فولفوفيتس عن ضرورة اعتماد «الضربة الوقائية» preemptive strike ضد الدول التي تمتلك أسلحة دمار شامل وهو الكلام نفسه الذي ردَّده الرئيس جورج دبليو بوش، حتى سمَّاه بعض الصحافيين «مذهب بوش» Bush Doctrine.
بعد تورطات المحافظية الجديدة بدأ عدد كبير من المفكرين الأميركيين والمشتغلين في الحقل العام في الولايات المتحدة يخافون من الأفكار التي يروِّج لها أولئك الذين سَمَّوا أنفسهم «المحافظين الجدد». رأوا في هذه الأفكار ما يشبه دعوة تروتسكي إلى «الثورة الدائمة»، وما يشبه تعاليم ماكيافيللي للأمير الذي يسوِّغ كلَّ الوسائل لتحقيق الغاية المتوخاة في العمل السياسي، وما يدعو إلى السيطرة العسكرية والهيمنة على مقدَّرات الأمم لإقامة إمبراطورية جديدة. ورأوا في ذلك كلِّه السقوط الأخلاقي للولايات المتحدة. لذا شرعوا في حرب فكرية مضادة، توضِّح للشعب الأميركي أخطار «المفكرين الجدد». وهذا ما كتبه عضو الكونغرس رون بول في 7 تموز 2003:
إذا كان المحافظون الجدد على خطأ وأعتقد أنهم مخطئون علينا أن نُظهِر ذلك للشعب الأميركي، وعلينا أن نقدِّم فلسفة بديلة تكون أكثر أخلاقية، وتقدِّم نتائج أفضل لناحيتَي الحرية والنجاح. حان الوقت ليستعيد المحافظون الحقيقيون الحركة المحافظة.
ولكن، هل حقاً بوسع أمريكا تخطي هذا النهج؟ وهل هؤلاء إلا النتاج الطبيعي للرأسمالية وبخاصة خلال أزمتها؟ لقد حل الديمقراطيون محل الجمهوريين في الدورتين الانتخابيتين الأخيرتين، ولكن ما تغير هو أسلوب المذبحة وليس المذبحة نفسها. فبدل إرسال الجنود إلى العراق نظراً إلى العجز المالي وصلابة المقاومة العراقية، لجأت إدارة أوباما إلى القتل بطائرات الدرونز من جهة، وتشغيل البرجوازيات الإثنية والطائفية للحرب ضد بعضها البعض نيابة عن الولايات المتحدة خصوصاً ضد الدول العربية التي تستهدفها الولايات المتحدة والكيان الصهيوني كالعراق وسورية لتحقق التجزئة والتدمير والإهلاك من جهة ثانية.
بقيادة الولايات المتحدة للثورة المضادة، جرى تجنيد أعداد هائلة من الإرهابيين العرب والمسلمين ليكونوا وقود احترابات كان يجب أن يكون وقودها هو الأميركي.
الموقف من سورية نموذجاً
ربما مثل مختلف القوى السياسية وقفت التروتسكية مع الحراك العربي في بداياته. هذا على رغم أن الحراك في سورية بدأ بشكل مختلف عنه في تونس ومصر. فحتى الآن لم يتضح إن كانت بداية الأحداث في درعا قد استخدَمت فيها الثورة المضادة السلاح بقصد إثارة الشارع ضد الجيش أم لا. وبغض النظر عن دقة المعلومات قام إعلام الغرب الرأسمالي وأنظمة الخليج فضائيتا الجزيرة والعربية بحملة تهييج كبرى تجاهلت قيام السلطة بإقالة محافظ المنطقة وتهدئة الجمهور.
على أن اللافت في أحداث سورية وجود القنص مبكراً ضد التحركات الشعبية المطالبة بالحريات والرافضة للأوضاع الاقتصادية وبخاصة السياسة النيوليبرالية…الخ. ولعل ما يؤكد وجود عناصر دورها تصعيدي أن القنص كان مبكراً لكي يُنسب إلى الأمن السوري على رغم أن تظاهرات كبرى كانت تخرج لمصلحة النظام. سُجِّلت أحداث قنص مشابهة في أوكرانيا عام 2014 في بدايات أحداث ذلك البلد ما يعزز الشك بأن هناك فرقاً خصوصاً على مستوى كل العالم لهذا الدور!
لعل المقتطف التالي يؤكد لنا أن ما جرى في سورية من قتل قام به القناصون المجهولون في بداية الأحداث في سورية وأوكرانيا، حيث تم قتل مبكر لكثير من المتظاهرين السلميين ونُسب القتل إلى القوات الحكومية، هو تطبيق لكتاب دليل وزعته المخابرات الأميركية على عملائها في أميركا اللاتينية خصوصاً ضد النظام الساندينستي في نيكاراغوا.
في كتابه الدولة الشريرة كتب وليام بلوم: «إن أمكن يجب استئجار مجرمين محترفين للقيام بوظائف محددة ومنتقاة… فليتم توكيل مهمات لآخرين، من أجل خلق «شهيد» لأجل الهدف المبتغى، وجر المتظاهرين إلى المواجهة مع السلطات، من أجل خلق انتفاضات أو اشتباكات بالرصاص، بحيث تقود إلى مقتل شخص أو أكثر، والذين سوف يصبحون شهداء وهي حالة يجب استثمارها فوراً ضد النظام لخلق صراع أعظم. فرق الصدمة. يجب أن تكون جاهزة ومجهزة بالأسلحة، سكاكين، أمواس حلاقة، سلاسل، ازراد، العصي وعليهم أن يمشوا بهدوء وراء المشاركين السذج والأرباء».
لعل الفارق الأساس بين سورية والحراك في بقية القطريات العربية أن الدول المجاورة لسورية سارعت للتدخل الفعلي وإن لم يكن العلني فلم تتأخر كثيراً الثورة المضادة في حمل السلاح وفتح الحدود التركية واللبنانية والسورية والأردنية وحدود فلسطين المحتلة لترسل هذه الأنظمة المسلحين والسلاح والمال والدعم اللوجستي وبالطبع تقاطع هذا مع مجموعات كبيرة من السوريين أنفسهم.
وهذا يطرح مسألتين مهمتين تختص بعلاقتهما ببعضهما في الحالة السورية.
المسألة الأولى: صحيح أن مبررات الاحتجاج الاجتماعي في سورية متوفرة كحق لقطاعات واسعة من مهمشي الأرياف والطبقة العاملة السورية بسبب انتقال البلد إلى اقتصاد السوق الاجتماعي، وسيطرة الدولة الأمنية. وهذا تلتقي فيه سوريا مع مختلف القطريات العربية سواء التي حصل فيها حراك أم لا.
والمسألة الثانية: لماذا كان قرار الثورة المضادة في الخارج التدخل المباشر ضد سورية دون غيرها، وهو تدخل لم يقتصر على التدخل الإعلامي كما كان في حالة مصر مثلاً، بل بالمواقف السياسية لأنظمة المركز الإمبريالي والريع النفطي وهو التدخل الذي أخذ شكل عدوان تجنيد وتمويل وتدريب المسلحين من خارج وداخل سورية؟
هل بدأ تسليح الحراك السوري بعد بدء الحراك أم كان سابقاً عليه؟ ربما يجيب على هذا ما تحدث به صراحة الجنرال الأميركي ويزلي كلارك وكذلك وزير خارجية فرنسا السابق بأن التحضيرات لضرب سورية تعود بالنسبة لكلارك إلى 2007 وللفرنسي إلى عامين قبل الحراك. هذا ناهيك عن قائمة طلبات وزير خارجية أميركا كولن باول من الرئيس الأسد عام 2003 بعد احتلال العراق.
قصدت الثورة المضادة سواء بالتخطيط لتدمير سورية قبل الحراك، والسرعة الفائقة للعدوان المسلح على سورية مع بواكير الحراك قصدت أمرين:
الأول: جز رأس الدولة السورية كدولة ممانعة.
والثاني: قطع الطريق على الحراك الشعبي كي لا تتخذ السلطة هناك إجراءات إصلاحية حيث بدأت بعزل محافظ درعا ولاحقاً أجرت انتخابات تشريعية وفتحت باب الحوار الوطني. ولكي لا تقوم السلطة بما يجب، هدفت الثورة المضادة قطع الطريق على الحراك الشعبي كي لا يتخذ حالة وطنية إصلاحية، وبالتالي يتلاقى مع إصلاح النظام، لذا قامت بتسليح عناصر قوى الدين السياسي وتفجير الصراع المسلح كي لا يأخذ الحراك الشعبي شكلاً جذرياً ليس هو ما تبغيه الثورة المضادة. أي في الحالتين تدمير سورية.
من هنا يبدأ الخلل أو الخيانة الفكرية لموقف التروتسكية من الحراك السوري حيث اصطفت التروتسكية مع الثورة المضادة لإسقاط الدولة السورية.
وهذا يفرض استعادة السؤال التالي: لماذا اصطف التروتسكيون منذ البداية وخلال مختلف تطورات الوضع السوري وظهور قيادة الثورة المضادة العلنية للإرهاب ضد سورية؟ لماذا اصطف هؤلاء ضد الدولة السورية وواصلوا ذلك حتى في السنة الرابعة؟ وهل بوسعهم تغطية موقفهم ببعض العبارات التي ترفض التدخل الإمبريالي الغربي وتنقد حكام النفط والإخوان المسلمين؟ بينما يقفون إلى جانب «ثوار» الإرهاب الوقائي وقوى الدين السياسي الممولين من الإمبريالية نفسها المدفوعين من الإمبريالية نفسها وأنظمة الريع النفطي التي يزعم التروتسكيون رفضهم لتدخلها ضد الدولة السورية. هل هذه عبقرية الضحك على الناس، أم سلوك من يقف عارياً بلا لباس ولا يبالي، تماماً كما وصف لينين ذات مرة أحد خصومه ربما كاوتسكي ، بقوله: «انظروا لهذا الصبي بلا لباس».
بكلام آخر، حين يكون المهدد هو الوطن وليس الرئيس أو النظام كما درج الحراك الشكلاني العربي على الترداد، يصبح المطلوب الوقوف في معسكر حماية الوطن. هذا ما كشف استمرار تخارج التروتسكيين تخارجاً دائماً مضاداً للقومية العربية وهو موقف يخدم الكيان الصهيوني سواء أُُعلن أم أُُخفي وهو بالضرورة مرتبط بالإمبريالية سواء بقصد واع من بعضهم أو غير واع من بعض آخر.
سأكتفي بمقتطفات من مقابلة مع جلبير اشقر صلاح جابر أحد الكتاب والنشطاء التروتسكيين في موقفه من دور الناتو ضد ليبيا. ويجدر التنويه بأن المقابلة منشورة في ثلاثة مواقع مختلفة عن بعضها البعض! فأي إجماع ضد نظام عربي له بعض السمات العروبية ولمصلحة الناتو.
هي منشورة على موقع Znetاليساري الذي ينقد السياسات الأميركية لكنه لا ينشر كتابات عروبية وجريدة «الأخبار» اللبنانية وهي اقرب إلى المقاومة، لكنها ضد نظام القذافي على أرضية مشكلة الإمام الصدر، وموقع الحوار المتمدن وهو بإدارة كردي شيوعي مضاد للعروبة! وبالطبع المتحدث تروتسكي مضاد للعروبة .
اليسار و«التدخل الإنساني» في ليبيا – مهمّات المعادين للإمبريالية
www.ahewar.org
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=253807
جلبير الأشقر
الحوار المتمدن-العدد: 3328 – 2011 / 4 / 6 – 10:38 عن «زيد ماغازين ترجمة طونيا عكر جريدة «الأخبار»
«للمرّة الأولى، يكون أوباما على حقّ بمجرّد أخذ موقف ضدّ بعض الكتّاب اليساريين الذين ادّعو أنّ التدخل الغربي في ليبيا خُطّط له من أجل إيقاف ـــــ وسوف يتمكن من إيقاف ـــــ موجة الانتفاضة الديموقراطية التي تجتاح شمال أفريقيا والشرق الأوسط. في المقابل، لو تمكن القذافي من سحق الانتفاضة الجماهرية بحمام من الدم، لكان ذلك أثر كثيراً في الوضع، وعزّز بالتالي الثورة المضادة الإقليمية، وردع حركة الاحتجاج عن التقدّم في معظم البلدان. بمجرّد تجنّب المجزرة واستئناف الانتفاضة هجومها في ليبيا، تشجعت العمليّة الثورية الإقليمية. منذ ذلك الحين، لم تكتف الحركة الثورية تلك بزيادة الزخم حيث بدأت، أي في المغرب أو اليمن مثلاً، بل انتقلت وتضخمت في سورية، البلد الرئيسي الوحيد في المنطقة الذي لم يشهد إلا بعض الحركات الضعيفة الاحتجاجية، حتى الآن.
لا يزال على أولئك الذين يعتقدون أنّ الولايات المتحدة يمكن أن تفرض «قرضاي» ما، على ليبيا، عن طريق القوة الجوية وحدها أن يظهروا لنا كيف يمكن أن يحدث ذلك. كلّ من هو مطّلع على الأوضاع في أفغانستان، يعلم تماماً أنّه لو لم تكن قوات الولايات المتحدة تسيطر على كابول، لم يكن حميد قرضاي ـــــ شخص ليس له تأثير على الإطلاق في بلاده ــــ ليتمكّن من أداء دور «السيد الرئيس» هناك.
باختصار، كان من الخطأ معارضة أي قوّة يسارية فكرة إنشاء منطقة حظر للطيران وقصف أولي لمدرعات القذافي، في ظلّ غياب أي بديل لتجنّب مجزرة على نطاق واسع في ليبيا. وكان رفض منطقة حظر للطيران مع عدم تقديم البدائل المعقولة، غير مقنع، كما فعلت مجموعات كثيرة من اليسار الحقيقي، وبنوايا صادقة.
وقد وضع ذلك الأمر اليسار في موقف ضعيف حيال الرأي العام. فمعارضة منطقة لحظر تجوّل الطائرات، وعدم إظهار أي قلق ازاء المدنيين في الوقت عينه، كما فعلت بعض الجماعات الهامشية، كان غير أخلاقيّ ـــــ فضلاً عن مواقف هؤلاء الستالينيين، المتسامحين وغير المتسامحين منهم مع نهج الانتفاضة، الذين تمسّكوا بالقذافي على أساس أنّه تقدمي مناهض للإمبريالية، رافضين الانتفاضة بوصفها مؤامرة أميركية أو تآمراً تقوده القاعدة. فيما لجأوا إلى نمط التقارير الستالينيّة الشتّامة في مناقشة لموقف اليساريين الذين تعاطفوا مع طلب انتفاضة ليبيا للمساعدة .
ما كان يجب الاعتراض على منطقة حظر الطيران الذي طلبه الثوار
ينبغي لنا تركيز حملتنا حول مطلبين لا يتجزّأن، وتوجيههما الى قوّات التحالف وهما:
توقّفوا عن القصف، وأعطوا الأسلحة للثوار!
مزاوجة هذين المطلبين هي طريقتنا في إظهار أنّنا نهتمّ لانتفاضة الشعب الليبي ضدّ الطاغية، أكثر بكثير من هؤلاء الذين يبخلون على الثوار بالأسلحة فيما يريدون، في الحقيقة، فرض وصايتهم على الحرك»ة.
جلبير الاشقر: أستاذ في معهد الدراسات الشرقية والأفريقية في جامعة لندن.
كما ورد في الأشهر الأولى للحراك السوري في نشرة المناضل التروتسكية المغربية .
«فقد انتقلت الانتفاضة خلال شهرها الرابع الى مرحلة جديدة من سيرورتها الثورية، تجلت بمشاركة الملايين في الاحتجاجات… وكان آخر مهزلة دعوة هذا النظام الفاشي إلى مسرحية ما سماه بالحوار «الوطني» كمحاولة فاشلة للمراوغة وكسب الوقت أحبطتها جماهير شعبنا بقوة ودفعت بالشخصيات والقوى المعارضة إلى رفض هذه المناورة المكشوفة… ثالثاً: إن الجماهير السورية المنتفضة تقف ضد التدخل الخارجي في بلدنا، كما أن الشعب السوري يعتز باستقلاله وسيادته ويرفض أن يكون لعبة تتقاذفها مصالح إقليمية وعالمية».
دعنا نفترض «حسن النية» لدى تروتسكيي سورية وغيرهم بمعنى أن الأمور كانت مختلطة في الأشهر الأولى، وبأن الحماسة اليسارية أخذتهم إلى موقع دعم «الثورة» على افتراض أنها حقيقية. كيف يمكن لحركة سياسية أن تزعم أنها ترفض التدخل الأجنبي وهي ترى عشرات آلاف الإرهابيين الأجانب جلبتهم دول هؤلاء الأجانب التي لم يحل دون عدوانها المباشر سوى الفيتو الروسي والصيني. فأي كذب وتزييف وتوارٍ في حديث هؤلاء؟ أليس الخارج سواء الإمبريالي أو الوهابي والقطري هو الذي يجند الإرهابيين ويسلحهم ويمولهم ويرشدهم لوجستياً؟ ثم أليس كمال اللبواني الذي يعرض الجولان هدية للكيان مقابل مساعداته «لثورة الناتو الإرهابية» ضد النظام السوري فقط للوصول إلى السلطة؟ هل هذا أجنبي وهو يهدي الأرض للصهيوني الذي يتدخل عملياً؟
أما في عام 2012 فقد انتقل دور التروتسكيين إلى الانخراط في الثورة المضادة كجزء من الخدمات التسليحية واللوجستية للإرهاب وبعلاقة مباشرة مع الكيان الصهيوني:
اختراق «إسرائيلي» ـ حريري لـ»حزب العمل الشيوعي» في سورية.
ما يلي فضيحة مبكرة لعضو المكتب السياسي لحزب العمل الشيوعي السوري، عمر إدلبي الحزب تروتسكي في معظم توجهاته حيث كان عمر إدلبي يعمل لحساب سعد الحريري زعيم حزب المستقبل اليميني اللبناني المرتبط بالسعودية ويعمل لحساب الكيان الصهيوني.
فضيحة أمنية ـ سياسية من العيار الثقيل: اختراق «إسرائيلي» ـ حريري لـ«حزب العمل الشيوعي» في سورية
عضو مكتب سياسي في «حزب العمل الشيوعي» يهرب السلاح إلى سورية بتمويل سعودي ـ خليجي، والحزب على وشك الانشقاق بسبب تستر بعض قيادييه على الجريمة!؟ لاحقاً تفكك الحزب . ع.س
دمشق، بيروت ـ الحقيقة خاص من: مازن ابراهيم ، كشفت مصادر متطابقة وموثوق بها لـ«الحقيقة» أن «حزب العمل الشيوعي» في سورية على وشك انفراط عقده وتفجرّه بسبب أزمة فريدة من نوعها ولا سابق لها في تاريخه، وربما في تاريخ الأحزاب المعارضة الأخرى، إذا وضعنا «الأخوان المسلمين» جانباً، وقضية إيلي كوهين في حزب البعث خلال الستينيات. المفارقة في الأمر أن القضية لا تتعلق فقط بخلاف في وجهات النظر السياسية والإيديولوجية أو بالاصطفافات السياسية للحزب، وهو أمر طبيعي ومألوف في تاريخ جميع الحركات السياسية، ويزداد سفوراً وتظهيراً في مراحل الأزمات الوطنية الكبرى، ولكن بقضية أمنية خطيرة تتصل باختراق أمني ـ سياسي خارجي من العيار الثقيل في أعلى هرم قيادته، أي المكتب السياسي للحزب، المؤلف من تسعة أعضاء. ويتعلق الاختراق بعمليات تهريب سلاح وإرهابيين تكفيريين إلى المنطقة الوسطى في سوريا حمص وما حولها ، بتمويل خليجي سعودي ـ قطري ، وكذلك باتصالات مع جهات أمنية «إسرائيلية» في القاهرة وغيرها! وإذا كانت «الحقيقة» أشارت في مناسبات سابقة إلى «بطل» الفضيحة، فإنها المرة الأولى التي تعلم فيها أنه عضو في قيادة الحزب المذكور، وهو ما شكل صدمة كبرى لها بالنظر لأن الأمر أشبه بكابوس ولا يمكن تصديقه. ومن المرجح أن يكون له الأثر نفسه عند الكثيرين من القراء الآخرين، لا سيما منهم من كان ينظر إلى هذا الحزب باعتباره الأكثر طهرانية في تاريخ العمل السياسي السوري المعارض خلال العقود الأخيرة على الأقل.
الأمر، وباختصار شديد، يتعلق بالمدعو عمر إدلبي، عضو «لجان التنسيق المحلية» والناطق باسمها في الخارج، والذي يتنقل ما بين شقته التي وضعها بتصرفه آل الحريري في الوسط التجاري في بيروت أجرتها عشرة آلاف دولار! وما بين القاهرة وأماكن أخرى بعضها ليس معلوماً حتى الآن!
خلال الأشهر الماضية، وعلى خلفية الإسهال في إطلالاته التلفزيونية وما كان يقوله خلالها، كان قسم كبير من المتابعين يعتقد أن المذكور عضو في منظمة أصولية تكفيرية رابطين ذلك بكون والده إمام جامع في حمص ، أو في الحد الأدنى من حواشي «المجلس الوطني السوري» الذي تحول إلى بيت دعارة سياسية بسبب تكاثر أجهزة الاستخبارات الإقليمية والدولية التي تتردد إلى غرف نومه ومخادعه السرية ولم يكن ممكناً أن يخطر ببال أحد أن يكون عمر إدلبي قيادياً في حركة سياسية مثل «حزب العمل الشيوعي» الغني عن التعريف، خصوصاً أنه ليس للرجل أي تاريخ سياسي معارض، ولم يسبق له أن اعتقل على ذمة الحزب أو أي حزب يساري آخر!