التيار البرتقالي يعطي الضوء الأخضر للردّ على تجاوز الخط الأحمر؟ برّي وحردان لملاقاة الإيجابيات الإقليمية بالحوار وتأكيد دور المؤسسات
كتب المحرر السياسي
صفعة قوية تلقاها برنامج الرئيس التركي رجب أردوغان للتدخل في سورية بواسطة ما أسماه تقديم الغطاء الناري لمقاتلي من أسماهم «المعارضة المعتدلة» في مواجهة «داعش»، أو لملء المناطق التي سيخليها التنظيم بفعل الضربات التي توقّع الرئيس التركي أنها ستكون الأشدّ إيلاماً، موجهاً الإنذار للجيش السوري من أيّ اعتراض لهم لأنّ الردّ سيكون قاسياً، مستقوياً بما قاله رئيس حكومته داود أوغلو عن تفاهم تركي أميركي على تفاصيل الحرب الشاملة ضدّ «داعش». وبعد المواقف الروسية والإيرانية الواضحة بالوقوف مع سورية في مواجهة أيّ عبث بجغرافيتها ووحدتها الترابية وتمسكها بمفهومها للسيادة الوطنية وإعلانها الاستعداد للمواجهة مع كلّ من يتخطى حدود هذه السيادة وينتهكها، لخص وزير الخارجية الروسي موقف بلاده بعبارة، لسنا متفقين على رؤية واحدة لمواجهة «داعش»، ما يعني القول للأميركيين، إذا كان هذا هو مفهومكم السير وراء أردوغان فعليكم أن تقلعوا شوككم بأيدكم. وتبعه ردّ إيراني قال إنّ أيّ تدخل في أراضي دولة بذريعة مواجهة الإرهاب يستدعي التنسيق مع حكومتها. تراجعت واشنطن خطوة إلى الوراء من دون أن تعلن فسخ التفاهم مع أردوغان، بل بتوجيه صفعة قوية لخطابه ومشروعه القائمين على نظرية دعم «المعارضة المعتدلة» بالتعاون مع الأميركيين، فخرج المتحدّث بلسان البيت الأبيض، ليقول إنّ برامج وزارة الدفاع لتدريب مقاتلي «المعارضة المعتدلة» قد فشلت فشلاً ذريعاً، وقال: لقد تمّ القضاء واعتقال واختفاء نصف فرقة المقاتلين حتى قبل أن يحتكوا بتنظيم «داعش»، وقد كلف إعداد هؤلاء المقاتلين الستين الذي يطلق عليهم اسم «الفرقة ثلاثين»، اثنين وأربعين مليون دولار، خلال شهرين فقط، مضيفاً أنّ وكالة الاستخبارات الأميركية تجري تقييماً لبرنامج تدريب خمسة آلاف من هؤلاء المقاتلين ربما ينتهي بصرف النظر عن المشروع في ضوء النتائج المخيّبة للآمال.
بالتزامن مع الخيبة التركية، والتراجع الأميركي، كان حدث الأمس هو التوضيح الصادر عن مصدر سعودي يؤكد حدوث اللقاء بين مسؤولين سوريين وسعوديين ويعرض مشروعاً للتفاهم عنوانه خروج السعودية من الحرب على سورية مقابل انسحاب مقاتلي حزب الله ومناصريهم من المتطوّعين من هذه الحرب، متهرّباً من معادلة كان يمكن أن تلقى آذاناً صاغية لو تضمّنت الانسحاب الشامل بشراكة إقليمية دولية لجميع المقاتلين غير السوريين، عبر نظام حوافز لعودة المنتسبين إلى الجنسيات العربية وتعاون استخباري مع مرحلة تبدأ بوقف أي تدفق جديد للمقاتلين ووقف التمويل والتسليح، لأنّ السعودية تعلم جيداً ما سبق وقاله حزب الله من أن قتاله في سورية جاء رداً على هذا التدفق للمقاتلين من غير السوريين.
وبالتزامن كان الحديث عن تصاعد الفرص أمام تسوية في اليمن بعدما منحت السعودية إيرانياً، بتدخل روسي، فرصة التقدّم في عدد من المواقع التي قاتل فيها الحوثيون قتالاً تراجعياً قال فيه السيد عبد الملك الحوثي أنه لا يغيّر التوازنات، ما يفسّر ربما التراجع السعودي في كلام المصدر الرسمي عن وضع العلاقة السورية الإيرانية عائقاً أمام تطبيع العلاقات السورية السعودية، كما يفسّر كلام المبعوث الأممي في اليمن، عن تفاؤله بقرب وضع مبادرة مقبولة من جميع الأطراف قيد التطبيق.
في لبنان تحوّلت قضية التمديد لقائد الجيش ورئيس الأركان وأمين عام مجلس الدفاع إلى منصة تصعيد، سيطلّ اليوم العماد ميشال عون ليحدّد موقف تياره منها وكيفية تعامله معها، بعدما كان التيار البرتقالي قد قال إنّ ما جرى تخط للخط الأحمر ويعني إعطاء الضوء الأخضر للتحرك في الشارع، في المقابل كانت عين التينة تبحث فرص تخفيض منسوب التوتر، والتأكيد على الحوار والتلاقي لملاقاة مناخات الإيجابيات الإقليمية، بينما كان رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان يؤكد على الثوابت نفسها من عين التينة التي التقى فيها رئيس مجلس النواب نبيه بري، حيث جرى عرض منطلقات دعوة المشاركين في مهرجان الوفاء لزعيم الحزب أنطون سعاده للرئيس بري لإطلاق مبادرة حوارية إنقاذية في ظلّ الفراغ الشامل المخيّم على البلاد والتداول في الآفاق والاحتمالات انطلاقاً من التمسك بخيار الحوار كطريق وحيد للخروج من الأزمة مهما كانت أطره وصياغاته وتفصيلاته.
حلول عونية مدروسة في العمق
لن تظهر ملامح الحلّ السياسي في لبنان قبل نضوج حلول المنطقة في شكل عام والحلّ السوري في شكل خاص. ومن الآن حتى وضع الأزمة السورية على مسار الحلّ السياسي الصحيح، فإنّ لبنان محكوم بقاعدة الانتظار، لكن هذا لا يعني أنّ الانتظار سيكون هادئاً دائماً، فسياسات بعض الأطراف قد تؤدّي إلى تعقيد الأمور من غير جدوى وخلق العراقيل ذات الصفة اللبنانية الخاصة التي لا ترتبط بعوامل إقليمية، والمثال على ذلك قرارات وزير الدفاع الوطني سمير مقبل التي أدّت إلى إحداث بلبلة في الجوّ السياسي وقطعت الطريق على مشاريع التسويات التي طرحت.
وبعد الذي حصل من تمديد لقادة الأجهزة الأمنية والعسكرية يرى التيار الوطني الحر بحسب ما أكدت أوساط سياسية لـ«البناء» أنّ «الوضع ازداد تعقيداً وبات يفرض عليه اختيار حلول مدروسة في العمق، بعيدة عن الارتجال ويكون من شأنها وضع حدّ للانهيار من دون أن يتسبّب لنفسه بخسائر إضافية».
ولا تزال المساعي لإيجاد حلّ شامل لملف التعيينات مستمرّة، انطلاقاً من محاولة إقرار مشروع قانون تعديل قانون الدفاع وتمديد سنّ التقاعد 3 سنوات لجميع الضباط من كلّ الرتب، ورفع المهل الزمنية الفاصلة بين رتبة وأخرى».
كلّ الخيارات مطروحة
ويعقد تكتل التغيير والإصلاح اجتماعاً استثنائياً عند العاشرة من صباح اليوم، تليه كلمة عند الثانية عشرة للعماد ميشال عون، الذي كان اجتمع أمس إلى منسقي الأقضية في «الوطني الحر» واقتصر النقاش على الخطوط العريضة من دون التطرّق إلى التخطيط الميداني.
وأكدت مصادر «التيار» لـ«البناء» «أننا بصدد التحرك في كلّ النواحي قانونياً ودستورياً وشعبياً»، لافتة إلى «أنّ التحرك في الشارع بات أمراً واقعاً قد نلجأ إليه».
وأكد وزير العمل السابق سليم جريصاتي بدوره لـ«البناء» «أنّ كلّ الخيارات مطروحة اليوم، والمهم أن لا تكون المبادرة التي يسوّقها المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم قد وُئدت في مهدها، وإنْ حصل ذلك، تكون المواجهة مفتوحة لوضع حدّ للانقلاب على الدستور والقانون من قبل فريق سياسي مثلث الأضلاع متعجرف ومتسلط وأرعن».
التمديد سنة والرهان على إنضاج تسوية رئاسية
في المقابل، أكدت مصادر قيادية في تيار المستقبل لـ«البناء» أنّ التمديد لقائد الجيش العماد جان قهوجي ولرئيس الأركان اللواء وليد سلمان ولرئيس المجلس الأعلى للدفاع محمد خير، تتحمّل مسؤوليته كلّ القوى السياسية المتمثلة في الحكومة وليس تيار المستقبل فقط». ولفتت المصادر إلى «أنه لو لم يكن حليف العماد عون حزب الله راضياً عن التمديد، لما كان هذا التمديد ليمرّ». ودعت المصادر الجنرال إلى تحميل حلفائه أولاً المسؤولية بدل أن يحمّلها للآخرين». ولفتت إلى «أنّ التمديد لمدة سنة يعود إلى الرهان على إنضاج تسوية رئاسية، ربطاً بالجو الإقليمي بعد الاتفاق النووي والأجواء الانفتاحية في إيجاد الحلول لأكثر من ملف».
وشدّدت مصادر عين التينة لـ«البناء» على «أنّ الرئيس نبيه بري وافق على التمديد بعدما تأكد له تعذر التعيين، وبتنا أمام أمرين التمديد أو الفراغ وعلينا الاختيار بين السيّئ والأسوأ». وأشارت المصادر إلى «أنّ رئيس المجلس لا يمكن أن يقبل أن نصل إلى مرحلة تكون خلالها قيادة الجيش من دون قائد لها، فهي المؤسسة الوحيدة التي نراهن عليها، فكان تأييد التمديد للحفاظ عليها».
وشددت المصادر على «أنّ بري ينطلق في تقييمه ومعالجته الأمور انطلاقاً من مصلحة البلد أولاً التي لا تكون بالشلل الحكومي وبتعطيل مجلس النواب، فالتعطيل يصبّ في خانة تعطيل شؤون المواطنين، فهناك قروض وهبات مع الدول ومع البنك الإسلامي، خسرها الشعب اللبناني بسبب سياسة التعطيل».
بري: للتلاقي على الإيجابيات
وأوضح بري بحسب ما نقل عنه زواره لـ «البناء» أنّ «الأزمة الاجتماعية التي يعاني منها المواطنون يفترض أن تكون الأولوية لمعالجة الملفات ذات الصلة، وعامل جمع بين القوى السياسية، فالكهرباء لا تفرّق بين منطقة وأخرى والنفايات أيضاً. وأمل بري «بأن تتلاقى القوى السياسية وتتساعد من أجل وضع حلول للملفات ذات الأثقال على اللبنانيين، فإذا لم توحّد هذه الملفات بين اللبنانيين ما الذي سيوحّدهم»؟
وأكد بري «أن المناخ الإقليمي ذاهب باتجاه تسويات وتفاهمات ما يجعل من الواجب على القوى السياسية أن تلاقي الايجابيات بمناخات من التلاقي والتفاهم والحوار على خلاف ما هو قائم حالياً من انقسامات حادة». وأيد بري بحسب زواره الحوار الوطني بين الأفرقاء السياسيين، لكنه رأى «أنّ هذا الحوار بحاجة إلى تحضير وتجاوب من قبل كلّ الأفرقاء».
حردان: لإعادة تفعيل المؤسسات
وفي سياق متصل، أكد رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان «أنّ الحوار هو الطريق الصحيح الذي يجمع اللبنانيين حول رؤية واحدة لمواجهة ما يتهدّد بلدهم من مخاطر ومن إرهاب يدق أبواب الجميع»، وطالب حردان بعد لقائه الرئيس بري في عين التينة كلّ المسؤولين بأن يتحمّلوا مسؤولياتهم لإعادة تفعيل المؤسسات، لما لهذا الأمر من انعكاسات إيجابية على مصلحة المواطنين الذين لا حول لهم ولا قوة، لأننا لا نريد أن نوصل اللبنانيين إلى اليأس ببلدهم، بل نريد أن يبقى لديهم الأمل بهذا البلد ومؤسساته، وهذه مسؤولية يتحمّلها الجميع».
فضّ العروض انتهى
وكما كان متوقعاً، فضّت اللجنة المكلفة الإشراف على المناقصات لمعالجة النفايات، عروض المناقصة في منطقة بيروت وضاحيتيها في دورتها الثالثة، في مقر مجلس الإنماء والإعمار، وتم قبول ثلاثة عروض ورفض رابع، والشراكات المقبولة هي: شركة CET وشركة WEST COST وشركة SOUBERMECHER في عرض مشترك. شركة BATCO وشركة «لا فاجيت» و«دانيكو» أيضاً، وشركة «الجنوب للإعمار» وشركة AMA وهي شركة مصرية.
وقال وزير البيئة محمد المشنوق: «إننا سنعطي اللجنة المكلفة الإشراف على المناقصات الوقت لدرس العروض كي لا نسلق الأمور، وقد يستغرق الأمر يومين أو ثلاثة إضافية ليس أكثر». وذكّر بـ«أنه طُلب أساساً من شركة سوكلين متابعة تسيير المرفق وتأمين النظافة من دون عقود جديدة أو تمديد، والمشكلة تكمن في تأمين مطمر نعمل على إيجاده».
وأكد وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية نبيل دو فريج لـ«البناء» «أن المرحلة الأخيرة من فض العروض لعددٍ من الشركات لمحافظة بيروت وضاحيتيها انتهت أمس، على أن تجري الثلاثاء المقبل المناقصات لجميع المناطق، وتُقدم إلى مجلس الوزراء الخميس المقبل للتصديق عليها».
وأشار دو فريج إلى «أن اختيار المطامر موجود في دفتر الشروط الذي يستوجب تأمين المطامر، وفي حال عجز الشركة عن ذلك، فالمسؤولية تقع على الدولة لتأمينها».
ولفت إلى «أن ملف النفايات على طريق الحل على المدى المتوسط، لكنه ليس على طريق الحل على المدى القصير، فالأزمة يمكن أن تتكرر في أي وقت قريب».
وأضاف دو فريج «إن البلديات لا تقوم بأي عمل لحل أزمة النفايات ولا تقوم بمساعدة الدولة تحت ذريعة أنها لا تملك الأموال، في حين أن 18 وزيراً وقعوا منذ شهرين مرسوم تخصيص مبالغ مالية للبلديات، ولم يوقعه وزيرا التيار الوطني الحر اللذان يتحمّلان المسؤولية».
وأوضح دو فريج «أنّ شركة سوكلين لم تتقدّم للعروض بعد أن أعلن رئيس مجلس إدارتها ميسرة سكر أنه لا يستطيع تطبيق دفتر الشروط»، نافياً أن تكون جهة سياسية ما ضغطت على شركة سوكلين للخروج من المناقصات».