النبوة والخلافة والرئاسة بين البيعة والانتخاب – 2
الشيخ الدكتور أحمد بدر الدين حسون
مفتي الجمهورية العربية السورية
ـ بين الخلافة والإمامة ـ
الفرق بين الإمامة والخلافة الذي اختلف فيه السنة والشيعة، أنّ الخلافة أمر دنيوي أمّا الإمامة فأمر دينيّ، الإمامة نص، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلّم للحسن والحسين: «ابناي هذان إمامان قاما أم قعدا»، أيّ أكانا من الخلفاء أم لا. وقال: «أنا مدينة العلم وعليّ بابها، وعليّ مني وأنا من عليّ، فهذه أمور دينية». وهنا لا يتحدث النبي صلى الله عليه وسلّم عن الخلافة إنّما عن الإمامة، وبالتالي عندما أخالف الإمام تكون مخالفة عقائدية، أما عندما أخالف الخليفة فتكون مخالفة سياسية، لذا نجد أنّ أبي بكر وعمر وعثمان لم يخالفوا سيدنا عليّ، فعليّ كان المستشار الشرعيّ لهم، والنبي قال: «اللهم والي من والاه وعادي من عاداه»، لذا كان المقصود بها إمامة وليست خلافة، لذا سمّيت الخلافة «راشدة» وليست إسلامية، فالخلاف بين عثمان وعليّ لم يكن عقائدياً إنّما كان سياسيّاً وصراعاً على الخلافة، لذا هي خلافة راشدة وليست إسلاميّة، فلو كانت إسلاميّة لما حدث هذا الخلاف، فهي خلافة راشدة لأنها مرتبطة بأقوال الخلفاء وأفعالهم.
عليّ كان المستشار والإمام في خلافة أبو بكر وعمر وعثمان، تماماً مثل المجلس التشريعي، ومن هنا كانت كتابة المؤرّخين العرب أنها خلافة راشدة، ولو سمّيناها خلافة إسلاميّة لقال لنا الناس: كيف كانت خلافتكم إسلاميّة وقتلتم عثمان وعليّاً بأيديكم؟ فأين إسلامكم؟ لماذا لم يمنعكم الإسلام من قتل عليّ وعثمان؟
نقول من قتل عليّاً وعثمان لم يقتلهما عقائدياً، فلم يقولوا بكفر عليّ وعثمان، إنما قتلوهما سياسيّاً، صراع على منصب الخلافة، ولو وقف هؤلاء القتلة على باب سيّدنا عثمان وسيّدنا عليّ يقبّلون تراب بابهم لكان خيراً لهم، لكنهم نظروا إلى الأمر سياسيّاً فوقعوا في مسألة العزل أو عدم العزل، ومن احتجّ على سيدنا عليّ من الخوارج بأنه خرج على الدين يوم رضيَ بالحوار مع معاوية، وكانوا من جنده، فهذا اجتهاد سياسي ألبسوه ثوباً شرعياً دينيّاً، فسيدنا عليّ كان خليفة والخليفة يحقّ له أن يجتهد، فرضي أن يوقف الحرب مع معاوية ويعود إلى التحكيم. جند سيّدنا عليّ الذين انفصلوا اعتبروه أمراً عقائدياً فقالوا إنه خالف كتاب الله، ونقول كلا، الخليفة ملزم بحركته ونطبّق عليه القانون الذي ارتضاه أن يكون قانون الأمة، ففي عهد أبو بكر وعمر وعثمان وعليّ قالوا أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإن عصيته فلا طاعة لي عليكم، فالدستور هو كتاب الله والسنّة في أمور الدنيا، أما في أمور العقيدة فهذا أمر بين الإنسان وخالقه.