روسيا وإيران: الرئيس الأسد هو الحلّ

توفيق المحمود

محاولات عديدة من واشنطن وحلفائها لتغيير الموقف الروسي والإيراني من الرئيس الأسد وكسر تحالفاتهما الاستراتيجية مع دمشق.

روسيا التي استخدمت حق النقض «الفيتو» أربع مرات في مجلس الأمن، في سابقة لم تحصل بتاريخ السياسة والديبلوماسية الروسية والتي لم تتوان يوماً ما خلال السنوات الخمس الماضية عن الإصرار على موقفها، ورفض التفريط والتنازل بأي مسلمة من مسلمات هذا التحالف، ما دفع بالدبلوماسيين الغربيين الى تعديل مسودات القرارات حيال سورية عشرات المرات قبل طرحها على التصويت إرضاء لموسكو وحلفائها، وهو ما أقر به مسؤولون كبار بوزن رؤساء دول وممالك ووزراء خارجية، وعلى رغم التعديلات المتكررة سقطت تلك القرارات بالفيتو الروسي، ولولا إدراك خصوم موسكو استحالة تغيير الموقف لشهدنا رقماً قياسياً جديداً باسم الفيتو الروسي.

فمنذ بدء الأزمة السورية قدمت الرياض إغراءات مالية لروسيا بحوالى 4 مليارات دولار تكسبها موسكو من بيع الأسلحة الى سورية، وما لبثت أن عرضت مضاعفة المبلغ مقابل التخلي عن الأسد لكن روسيا رفضت ذلك، وفي عام 2013 زار بندر بن سلطان موسكو وكان حينها قد استلم الملف السوري وكان محور اللقاء الذي جمعه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إيصال رسالة لمضيفه الروسي أن الرياض لا ترى أي دور للأسد في مستقبل سورية وأن شرط حصول مؤتمر «جنيف-2» ودعمه عدم وجود أي خطة دولية لإبقاء الأسد في السلطة، كما عرض لاستمالة موسكو صفقة أسلحة تتجاوز 10 مليارات دولار لشراء دبابات وصواريخ من موسكو وتخفيض السعودية إنتاجها النفطي، ويومها الجميع أكد أن روسيا تخلت عن الأسد ولكن بعد أيام قليلة خرج المتحدث الرسمي باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف ونفى ما نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» عن مفاوضات روسية – سعودية لتغيير موقف موسكو حيال سورية، في مقابل تعهد سعودي بخفض انتاجها النفطي ووصف تلك المعلومات بالافتراءات ليست الأولى في محاولات السعودية ولن تكون الأخيرة لاستمالة موسكو لتغيير موقفها المبدئي من الأزمة السورية.

وفي حزيران من عام 2015 زار ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان موسكو، وعرض توقيع ست اتفاقات استراتيجية، أهمها التعاون في مجال الطاقة النووية واخرى عسكرية، أبرز عناوينها شراء دبابات «تي 90» وصواريخ «اسكندر 400» المضادة للطائرات وطائرات عمودية مقاتلة، فهذه الزيارة لم تكن من قبيل المصادفة فهو يستلم ملفي اليمن وسورية، فالزيارة كانت من أجل تغيير موقف روسيا من الرئيس الأسد، وأكد حينها الكثير من الوسائل الإعلامية أن الموقف تغير لكن الجواب الشافي جاء على لسان الرئيس الروسي بوتين على هامش المنتدى الاقتصادي الدولي وأرسل العديد من الرسائل الموجهة إلى القيادة السورية وإلى الشعب السوري بالدرجة الأولى وطمأنهم بأن روسيا لم ولن تغير موقفها لا بل تؤكد عليه من جديد، وأن روسيا لن تستثمر هذا المنتدى من أجل المساومة على سورية.

أما إيران حاول الكثيرون المساومة بين توقيع الاتفاق النووي معها بشرط واحد وهو التخلي عن دعم الأسد لكن الجواب كان أن إيران لا تريد ربط الملف النووي الإيراني بأزمات المنطقة وأن الحديث عنها سيتم بعد أن يتم هذا الاتفاق، وبعد توقيعه حج العالم إلى إيران وتحدث الجميع ان إيران غيرت موقفها من الأزمة في سورية وتخلت عن دعم الرئيس الأسد لكن المرشد الأعلى للثورة الإيرانية السيد علي خامنئي أكد في خطاب له بعد توقيع الاتفاق أن طهران لن تغير سياستها مع الولايات المتحدة المستكبرة أو داخل منطقة الشرق الأوسط وأن الاتفاق النووي مع القوى العالمية لن يؤثر على دعم إيران لاصدقائها في المنطقة، ومن بينهم الرئيس السوري بشار الأسد.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى