«بيبي» خطر على «إسرائيل»!

كتب يوئيل ماركوس في صحيفة «هاآرتس» العبرية:

بدلاً من أن يهتم بالقنبلة النووية الإيرانية، التي قد تهدّدنا بعد 15 سنة وقد لا، يفضّل «بيبي» أن يهتم بمنع الانفجار الذي يهدّدنا من البيت. الآن، لا في الآخرة.

ما الذي يفكر به لنفسه، حين يعقب في «نون ـ شلنتيوت» مثلاً على صورة رئيس الدولة رؤوفين ريفلين في بزة الـ«أس أس»؟ فهذا هو ريفلين الذي كان رئيس «الكنيست»، وحزبه رفضه كمرشح للرئاسة، وانتخب بدلاً منه موشيه قصاب، مفخرة رؤساء «الليكود». وهذا هو «بيبي» ذاته المتحمس الذي لم يعقّب ولم يرَ أيضاً في «ميدان صهيون» إسحق رابين في صوَرٍ كبرى ضابطَ «أس أس». «بيبي» ذاته الذي في مهرجان «ليكودس» سأل حينذاك الجماهير الذي كانوا جميعاً هنا أعضاء «الليكود»، وعندما أجابوا بزئير كبير أن «نعم»، قال: «شكراً للرب»، ونزع السترة الواقية درءاً لحرارة اليوم.

نعم، بطل عظيم هو لم يكن في أي يوم. وبحسب شهادة أحد قادة الاستخبارات، حتى في بداية طريقه، أصر نتنياهو على أن يتجوّل الحراس حوله بلا توقف. «بيبي» ذاته، بقدر ما لا يفعل شيئاً، انتخب المرة تلو الاخرى لرئاسة الوزراء. «بيبي» ذاته، الذي بدلاً من الاستناد إلى الرئيس باراك أوباما الملتزم أمننا، يقاتل ضدّه، يهينه ويرتبط بعربة الجمهوريين.

الوضع سيئ للغاية. ليس فقط لأن «بيبي» يضع المصوّت اليهودي في أميركا في معضلة. إنما يُخرِج أيضاً الشيطان اللاسامي من القمقم. يدور الحديث هنا عن خصوصية مميزة: كل شيء يلمسه «بيبي»… يتشوّه. هو الذي حرّر الشياطين التي تسمّى «كراهية الغير»: العرب مقابل اليهود، اليهود مقابل العرب، الوسط ضد اليسار، الشرقيون ضد الاشكناز، «إسرائيل» ضد أميركا.

أتذكرون خمسته الشهيرة للحاخام كدوري: «هم نسوا ماذا يعني ان يكونوا يهوداً؟». هذا بالضبط نتنياهو: مغذّ مهنيّ للكراهية. وما يبدأ من فوق ينتشر إلى تحت: مجنون يمتشق سكيناً في مسيرة، يهودي يلقي بزجاجة حارقة فيقتل رضيعاً، حجارة تلقى على سيارات مسافرة. الكلّ ضدّ الكلّ. العنوان المخطوط على الحائط في القدس يصبح وباء في كل البلاد، إلى أن يتحول الزفت إلى دم.

«إسرائيل» تعتبر منذ قيامها دولة ديمقراطية. ولكن كلما واصل الجنون السيطرة، لم يعد الناس يشترون هذه الشعارات. دولة لا مساواة وحقوق فيها، هي دولة لا تعترف بحق الغير في أن يعيش كمواطن، تحتفظ بأرض محتلة لنحو خمسين سنة ـ لا يمكنها أن تمتنع عن تشويهات عميقة. اليأس آخذ في الانتصار.

عندما قلنا أنه ستكون معركة على المحكمة العليا، لم نصدّق أن نائباً سيقوم ليقترح الصعود عليها بالجرافة. ولم نصدّق أن يحذر نائب وزير الداخلية العرب من أننا «سنأخذ لهم بطاقات الهوية». «إسرائيل» تفقد هالتها في العالم المتنوّر منذ صعد نتنياهو إلى الحكم. عدم الثقة بالحكم اليوم كبير لدرجة ان حتى بناء قطار تحتي يستقبل كعمل سيهدم لنا حياتنا.

«بيبي» يقود حزباً، يسير أعضاؤه مع الموجة الاكثر جنوناً في السياسة «الإسرائيلية». وهو يتحمل المسؤولية عن كل شيء سيّئ يحصل في داخلنا وفي محيطنا. كم مرة حذّروه من أن «شارة الثمن» ظاهرة خطيرة، ولكن «زعيم الامة» لم يفعل شيئاً. فهو لا يهدّد إيران وأوروبا فقط، بل يصبح بالتدريج ضرراً حقيقياً للقوة اليهودية في أميركا أيضاً.

عندما نسمع رؤوفين ريفلين يحذّر من أنّ المتطرفين سيجلبون الخراب على الدولة، يطرح السؤال: «لماذا هو رئيس لا رئيس وزراء؟». ريفلين هو الصوت سويّ العقل لـ«إسرائيل»، الرجل الذي ينبغي أن يرمّم الحطام الذي يخلّفه نتنياهو وراءه. بضع سنوات أخرى مع «بيبي»، ولن يبقى ما يمكن ترميمه. فكل شيء يلمسه يهدم. «بيبي» خطر على «إسرائيل».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى