التعاون التركي ــ الأميركي لمحاربة «داعش»
ناديا شحادة
تنضم تركيا بعد مخاض طويل الى التحالف ضد «داعش»، فبعد محاولات المسؤولين الاميركيين اقناع الأتراك بالسماح لقواتهم باستخدام قاعدة انجرليك، التي تمثلت بالزيارات المتكررة لصناع القرار الأميركي الى تركيا في محاولة منهم لإقناع الأخيرة بالموافقة على استخدام قاعدة انجرليك والتي كانت آخرها زيارة الجنرال المتقاعد جون الين الى أنقرة في 7 تموز من العام الحالي، حيث التقى مع مسؤولين سياسيين وعسكريين أتراك لبحث التعاون ما بين التحالف الدولي ضد «داعش» وتركيا حسب ما صرحت به مصادر من السفارة الاميركية في أنقرة، تلك الزيارة التي سبقتها زيارة وكيل وزارة الدفاع الاميركية للاستراتيجية وتنيمة الخطط والقوة كريستين وورموث في تشرين الثاني الماضي والتقت بعدد من المسؤولين الأتراك وركزت محادثاتها معهم حول استخدام قاعدة انجرليك العسكرية بولاية أضنة، فبعد تلك المحاولات وافقت الحكومة التركية على الانضمام للحلف ضد «داعش»، وأعطت الضوء الاخضر للاميركيين لاستخدام قاعدة انجرليك الجوية في الجنوب لضرب مقاتلي «داعش»، إذ أوضحت وزارة الخارجية التركية ان مجلس الوزراء التركي وافق رسمياً على تفاهم مع الولايات المتحدة يشمل فتح قواعده الجوية امام التحالف الذي تقوده واشنطن ضد «داعش».
وبعد توصل واشنطن للاتفاق مع انقرة قامت بنشر مقاتلاتها في القاعدة ضمن عملية العزم التام للحلف في محاربة التنظيم الذي ينشط مسلحوه في شمال كل من سورية والعراق حيث أكد مسؤولون عسكريون في حلف شمال الاطلسي الناتو ومصادر رسمية تركية وصول 6 مقاتلات اميركية من طراز «اف 16» على الاقل الى قاعدة انجرليك أول من أمس، يؤكد المتابعون ان انضمام تركيا للحلف ضد «داعش» والتعاون العسكري الاميركي التركي دليل على العودة الى التحالف المتين بين البلدين، فمنذ نهاية الحرب الباردة في بداية التسعينات، حيث كانت الولايات المتحدة الاميركية تربطها علاقة شراكة قوية مع تركيا، هذه العلاقة القائمة على المصالح والتطلعات الاستراتيجية المشتركة وهذا التحالف بين الطرفين استمر حتى بعد انهيار الاتحاد السوفياتي في التهديد الجيوسياسي الذي واجهته واشنطن بالتحالف مع أنقرة التي كانت توصف بأنها الشريك الأقرب للولايات المتحدة في الشرق الاوسط، وهي الحالة التي رسختها تركيا من خلال مشاركتها في حرب الخليج عام 1991، ومنذ بدء ما يسمى بالربيع العربي والازمة السورية يؤكد المتابعون ان في تلك السنوات تركيا لم تعد حليف واشنطن الذي يمكن الاعتماد عليه، ففي عام 2013 أصدر فريق العمل في مركز السياسية التركية تقريراً يشير على عدم توافق بين الولايات المتحدة وأنقرة وذلك كرد فعل على بعض التحديات الإقليمية الحادة وفي شكل خاص في ما يتعلق بالملف السوري.
ووضعت الازمة السورية العلاقات التركية – الاميركية تحت ضغط هائل وهو توتر ناتج عن الأولويات المختلفة لدى الدولتين، ففي حين تريد أنقرة اسقاط النظام السوري حددت واشنطن اهدافها بمحاربة «داعش».
فبعد المتغيرات الإقليمة التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط في الآونة الأخيرة، وانتشار الصراع في انحاء المنطقة كافة ومع مواصلة صناع القرار الاميركيين الذين يدركون ان غياب أنقرة عن المساعي الحربية للولايات المتحدة يعقد لوجستيات العمليات ويرفع التكاليف المرتبطة بالعمليات الجوية، سعيهم بالحوار مع حكومة انقرة للمزيد من التعاون العسكري بين البلدين، تلك المساعي التي قوبلت بالموافقة التركية وأعادت العلاقة والتعاون العسكري بين البلدين الى سابق عهدها وعادة تركيا للانضواء تحت السياسية الاميركية من جديد.
فبعودة العلاقة التركية الاميركية العسكرية الى سابق عهدها يؤكد المتابعة للعلاقة بين البلدين بأنه بذلك تكون حكومة انقرة تراجعت عن حلمها بتحويل تركيا الى نجم اقليمي يعمل في شكل مستقل عن واشنطن وقررت على مضض تحمل السيطرة الاميركية على قرارها، وباتت على استعداد للانخراط في أي مطلب اميركي لحكومة انقرة من أجل الحل في سورية.