قلعة تبنين… مصادر تردّ بناءها إلى الصليبيين وأخرى تنفي!
ابراهيم حمزة
قلعة تبنين الأثرية. تاريخها يعود إلى زمن الحروب الصليبية، وحافظت على تماسكها وأناقتها مع بعض الترميم. من على أحد أبراجها، يمكن مشاهدة ذاك الوادي الممتد من بلدة حاريص إلى محلة بركة الصوان مفرق بلدتي شقرا ـ برعشيت، والبالغ طوله قرابة سبعة كيلومترات. وحالياً تعمل البلدية على تفعيل دورها من خلال بعض الأنشطة الصيفية التي تقيمها فيها، وكان آخرها مهرجان غنائي وطني للدكتور وسام حمادة. كما أن الوحدات العاملة ضمن قوات الطوارئ الدولية تنظم فيها حفلات تقليد الاوسمة.
قلعة تبنين، وبحسب مصادر المهندس في علم الآثار الأستاذ حسن بدوي الذي تحدّث لـ«الوكالة الوطنية للإعلام»، هي من الآثار الصليبية، بناها أمير طبريا هوغيز دي سان أومير. إلا أن أحد الضباط النرويجيين العاملين ضمن قوات «يونيفيل» في جنوب لبنان قال إن الحجارة الكبيرة في أساس مداميك القلعة، تدل على نمط روماني في البناء. أما الخبير في علم الآثار الباحث موسى سلمان ياسين، فينسف كل هذه المعلومات استناداً إلى شواهد ودلائل تاريخية موجودة في المنطقة ليقول إن من بنى هذه القلعة هو تيرون ابن عيص، ابن اسحق، شقيق يعقوب، ابن النبي ابراهيم. ويعطي دليلاً على ذلك وجود «خلّة عيص» إلى جوار القلعة، وهي تعرف اليوم بِاسم «سهل الخان» أو «خلّة حيص»، معتبراً أن ما يقال عن أنها صليبية غير صحيح، إنما قد يكون رممها الصليبيون.
واعتبر ياسين أن اسم بلدة تبنين يعود إلى السيدة مريم العذراء، وتقول الروايات أنها جاءت إلى قلعة تبنين من منطقة اليازون القريبة من الحصن في الجهة المقابلة للقلعة من الغرب حيث توجد الكنيسة حالياً، فوجدت امرأة تطهو وتطعم كلبها من الطعام قبل ان تأكل منه. فقالت لها السيدة العذراء: لماذا تطعمين الكلب مما تأكلين ألا كنت أطعمته من الفضلات، فقالت لها المرأة: إننا نطعم من يحمينا من أول طعامنا. عندها باركتها السيدة العذراء قائلة لها باللاتينية: «قام بينوس ـ تير بينين»، ما يعني باللغة العربية: «امرأة مباركة ـ وأرض مباركة». ومع الزمن اختزل الناس هذه الكلمات لتصبح كلمة واحدة هي تبنين.
تتألف القلعة من مدخل كبير بشكل دائري بمساحة عشرة دونمات تقريباً. تضم غرف استقبال ومضافة واسطبلات للخيل وغرف سفلى وآبار عميقة لجمع مياه الامطار. ويوجد نفق كبير في احدى الغرف يقال انه يؤدي إلى اسفل القلعة كان يستعمل للهرب ولكن احداً لم يجرؤ أن يسبر غوره فبقي سره غامضاً. اما الحجارة فلا تزال متماسكة في معظم الاقسام ومنها ما أعيد ترميمه.
رمّمت القلعة مرات عدّة، حيث يقال ان صلاح الدين الايوبي رمّمها حينما توجه لتحرير القدس، وكذلك رممها الامير فخر الدين المعني. أما في أيامنا هذه، فقد رممها الرئيس نبيه بري عام 1990 في عهد الرئيس الياس الهراوي.
وعام 1996، قام بتدشين إنارتها ابن تبنين الوزير الراحل علي حراجلي. كما قامت الوحدة النروجية في «يونيفيل» بتركيب بوابة حديدية للقلعة تشبه تلك الاساسية والتي يقال إن العثمانيين اقتلعوها وأخذوها معهم.
اليوم، تشرف بلدية تبنين على أعمال صيانة هذه القلعة وتنظيفها بمؤازرة الجيش. إذ عملت على إحاطتها بأشجار الصنوبر. وتقوم في ربيع كل عام بحرق الأعشاب التي تنمو في داخلها بالادوية الكيماوية الحارقة للاعشاب. وتعمل البلدية على تفعيل دور القلعة من خلال بعض الانشطة الصيفية التي تقيمها فيها، وآخرها كان مهرجان غنائي وطني للدكتور وسام حمادة. كما أن الوحدات العاملة ضمن قوات الطوارئ تنظم فيها حفلات تقليد الاوسمة وآخرها حفلات للفرقة الفرنسية عام 2014.
حينما يأتي إلى لبنان رؤساء أو دبلوسيون من المشاركين في «يونيفيل»، فإنهم يزورون القلعة يرافقهم رئيس اتحاد بلديات القلعة رئيس بلدية تبنين نبيل فواز، فيجول معهم في أرجائها. وآخر زوارها كان وزير الثقافة روني عريجي.