«بيت الشباب والثقافة» في ذوق مكايل… مثال نموذجيّ
هبة عبّاس
يشكّل «بيت الشباب والثقافة» القلب النابض للنشاطات الثقافية التي تقام في ذوق مكايل في كسروان، وهو مركز ثقافي يقصده روّاد الثقافة في تلك المنطقة.
يهدف البيت إلى تشجيع الصناعات الابداعية وتعزيز الفنون وحوار الثقافات، وهو خدمة بلدية عامة، أسسته بلدية ذوق مكايل عام 2009، وهو عضو في شبكة «آنّا ليند فاونديشن» التابعة لبرنامج الشراكة الأوروبية ـ المتوسطيّة.
وللإضاءة على أهداف هذا البيت ونشاطاته وإنجازاته، كان لـ«موقع بلديات لبنان الإلكتروني» حديث مع إليان فرسان، مديرة «بيت الشباب والثقافة»، التي أشارت إلى أن البيت هو مؤسسة تابعة للبلدية، لذلك فإن رأس الهرم المسؤول عن هذا البيت هو رئيس البلدية المحامي نهاد نوفل، مؤكدة أن كل شيء يتم بالتنسيق مع رئيس البلدية، إذ أن هناك اجتماعاً أسبوعياً معه، حيث تُطرح المشاريع والموافقة عليها من دون تدخله في التفاصيل التقنية التي تبقى من مسؤولية فرسان، التي يعاونها عدد كبير من المتطوعين من مختلف المجالات سواء من صحافيين، كتّاب أو تقنيين، إلى جانب عدد كبير من الشباب والصبايا من داخل ذوق مكايل وخارجها.
وبالحديث عن النشاطات التي يقوم «بيت الشباب والثقافة»، أكدت فرسان أن هذا البيت قد أقام ومنذ تأسيسه عام 2009 مئات النشاطات الثقافية المختلفة، من توقيع كتب، حفلات موسيقية، أمسيات شعرية، نوادي سينما، مسرح، اجتماعات موسيقية، معارض نحت ورسم، وأي شيء قد يدخل ضمن إطار النشاط الثقافي، بالتعاون مع أركان عديدة من المجتمع المدني، كالجمعيات غير الحكومية المحلية والإقليمية، والسفارات والمراكز الثقافيّة، والمنظمات الدولية، والجامعات والفنانين الشبّان. وهذه النشاطات تتوجه إلى جميع الأعمار سواء الأطفال، الشباب، النساء أو كبار السن.
وأشارت فرسان إلى أنه إلى جانب النشاطات الثقافية، هناك دورات تدريبية يقوم بها البيت، منها محو الأميّة الإلكترونية لدى النساء، وذلك بالتعاون مع شركة «ميكروسوفت»، إضافة إلى دورات تدريب عن الإعلام الجديد ومواقع التواصل الاجتماعي، دورات اللغات أو المواد العلمية للتلاميذ الذين يعانون ضعفاً معيناً، إلى جانب النشاطات الترفيهية وبعض حملات التوعية، مثل منع التدخين في الأماكن العامة، إذ كان «بيت الشباب والثقافة» أول من أطلق هذه الحملة في شباط عام 2010، وكان بذلك أول مؤسسة عامة تعتمد قانون منع التدخين، قبل أن يقرّ القانون في المجلس النيابي، إضافة إلى حملات التوعية منها ما يخص مرض السكري، ترشيد استعمال الانترنت، والتحرش الجنسي مع جمعية «نسوية».
وفي ما يخص أهداف البيت الأساسية، أكدت فرسان أن البيت يضع نصب عينيه تشجيع الصناعات الإبداعية وبناء الانسان الملتزم، مضيفة: «لبنان لا يمتلك أي مواد أولية من حديد أو بترول، ولا يعتمد على قطاعي الصناعة أو الزراعة، لذا فإن المخزون الأساس للبنان يكمن في شبابه المتعلم، وبدلاً من تصدير هذه الأدمغة إلى الخارج، نحن نعمل لإبقاء هؤلاء الشباب في لبنان ودعم فكرهم الابداعي من خلال بناء قدراتهم، وذلك عبر تعليمهم كيفية تسويق أفكارهم وتظهيرها إلى المجتمع من خلال الإعلام الجديد، إضافة إلى ذلك، ومن خلال النشاطات التي نقوم بها، فإننا نساعد الشباب للتدرب في مختلف المجالات، إذ أشرف شخصياً على التدريب أو عبر خبراء مختصين، كما نعمل جاهدين لإرساء ثقافة التطوع وهي ثقافة غير منتشرة في لبنان».
وأكدت مديرة «بيت الشباب والثقافة» أن البيت ومنذ تأسيسه عام 2009 عمل مع أكثر من 50 سفارة ومركز ثقافي وجمعيات لبنانية وإقليمية ودولية، إلا أن الممول الأساسي له هو بلدية ذوق مكايل، ولا وجود لممولين أفراد، وأضافت: «قد نقوم أحياناً بجلب رعاة لبعض النشاطات التي نقوم بها ولكن ذلك قليل جداً، فالمبالغ الأساسية تتكبدها البلدية، إلا أن طريقتنا في ترشيد الانفاق والاعتماد على المتطوعين يسمح لنا بالقيام بالكثير من النشاطات المهمة بتكلفة قليلة جداً»، وأوضحت أن المشاكل الاساسية التي يواجهها العمل تكمن في قلة التمويل فالقوانين التي ترعى المجالس المحلية أو البلديات لا تسمح للبلديات بأن تأخذ على عاتقها ما هو مهمتها الأساسية ألا وهي تطوير الإنسان، فهي المؤسسة الأولى التي تحتك بشكل مباشر مع المواطنين، لذا لا بد من تطوير هذه القوانين لتصبح البلدية قادرة على توظيف أشخاص من أصحاب الكفاءة للمساعدة، إذ إن المبالغ المرصودة للتوظيف ضئيلة جداً.
وعن إنجازات البيت لفتت فرسان إلى بلوغ بيت الشباب والثقافة نهائيات مسابقة جائزة غوانغزو العالمية للإبداع المدني في الصين، التي جرى تنظيمها بالتعاون مع منظمة المدن والحكومات المحلية التابعة للأمم المتحدة والمنظمة العالمية للمدن الكبرى متروبوليس عام 2012 في مدينة غوانغزو، وبلغت مدينة ذوق مكايل التصفيات النهائية من ضمن 30 بلدية عالمية عن مبادرة «بيت الشباب والثقافة لبناء مجتمعات أفضل» التي تهدف إلى استحداث سياسات شبابية تخلق التواصل مع الحكومة المحلية، وتتضمن تمكين قدرات الشباب وخلق الفرص لهم في مجالات الثقافة والعمل والتشبيك والصناعات الإبداعية.
وأكدت فرسان أن بلوغ بلدية ذوق مكايل التصفيات النهائية واعتبار مبادرة بيت الشباب والثقافة من الإبداعات المدنية الجديرة بالتقدير عالمياً يشكل إنجازاً كبيراً بحد ذاته بحيث نافست مدينة الـ35 ألف نسمة أرقى مدن العالم وأغناها وأكبرها على غرار فيينا وسيوول وفانكوفر وكاب تاون ومكسيكو ودوسيلدورف وسنسيناتي وبيونيس آيرس وساو باولو وطهران.
وفي الختام، أملت فرسان تطوير قوانين البلديات في لبنان ليصبح للبلدية دور أكبر، إذ لا وجود للامركزية الإدارية في لبنان كما يقولون، فالبلدية غير قادرة على العمل من دون العودة إلى الوزير المختص. كما أشارت إلى ضرورة زيادة ميزانية وزارة الثقافة وضرورة تعاونها مع المراكز الثقافية الأخرى وعدم أخذ القرارات بشكل فردي من دون الأخذ برأي أيّ أحد آخر.