الحلّ السياسي… بقيادة الجيش العربي السوري

د. حسام الدين خلاصي

كلما حانت اللحظة واقتربت الفرصة، تخرج العواصم لتقرر أن الحل لا بد أن يكون سياسياً في سورية، وإذا اعتبرنا أن كلامهم يؤخذ على محمل الجد سنجد أن كل حديث عن حلّ سياسي يترافق مع أمرين واضحين، في المرحلة الأولى تقدم للجيش العربي السوري ومن ثم تأتي المرحلة الثانية جرعة إضافية من تدفق الإرهاب على مناطق جديدة سواء لمصلحة داعش أو لباقي الفصائل الإرهابية ، وكأن الأمر صار صراعاً بين العواصم، كل يدعم موقف الجهة التي يقف وراءها فأمراء الخليج وتركيا وقطر و إسرائيل تمد بالترياق عصاباتها، عساها تخلق المعجزة وتنتصر على الجيش العربي السوري، ودول محور المقاومة الذي يستمد من انتصارات الجيش العربي السوري تعزيزاً لموقفه السياسي لجهة حل الأزمة في سورية.

ومهما علت الأصوات ودقت الطبول وتطورت المبادرات من الحلفاء أو من الأعداء في ما يتعلق بالحل السياسي، فإن القبول بفكرة الحل السياسي في سورية ومن قبل السوريين هي ثقافة السوريين، ولكنها وبالخط العريض مشروطة شعبياً وقيادياً بشرط بات سيادياً ألا وهو محاربة الإرهاب وحصر السلاح بيد الدولة، لأنه في ما عدا ذلك فأي مفاوضات مع جماعات مسلحة تعني التقسيم لسورية حكماً، والسلاح الذي بيد الإرهاب سيملي شروطه في التقسيم، وباقي المعادلات السياسية والمواقف السياسية المتعلقة بالسيادة الوطنية وفي قبول الحل السياسي بوجود السلاح مع الزمر الإرهابية على الأرض السورية حيث وجدت، هي اعتراف صريح من قبل القيادة السورية بأن ما كان الجيش العربي السوري يفعله هو مضيعة للوقت والدماء وكان الأجدى به التفاوض مع الجهات كافة التي تحمل السلاح منذ بداية الحرب هذا إن كانت لهذه العصابات المسلحة قيادات ورؤوس محلية إلا أنها محكومة بقرارات المشغلين الصهاينة العرب أو الأتراك ، وطبعاً الغالبية الدولية تعرف أنه ومن خطاب الرئيس بشار الأسد الأخير الذي قالها بوضوح إن أي حديث عن الحل السياسي مرفوض ولا معنى له بوجود الإرهاب، فالاعتراف بالإرهاب والتصالح معه هو انتقاص من السيادة، ومن هنا نبعت أهمية المصالحة الوطنية في بعدها السياسي أنها تساعد وتمهد لعودة المسلحين عن إجرامهم وتسليمهم سلاحهم، وبالتالي من يرفض هذه المصالحة عبر الفرص المتاحة فهو إرهابي يستوجب استئصاله، لذلك فإن الحل السياسي آخذ غفوة لا استفاقة منها إلا بعد الحسم العسكري من قبل الجيش العربي السوري.

إلى هذا الحد تكون فكرة عنوان المقال قد توضحت في مجملها، ولكن لنلق نظرة على المواقف الدولية المتسارعة خلال الأيام المنصرمة قريباً، فنفهم أكثر مدى رغبة كل الأطراف المتزايدة في إيجاد الحل السياسي، أول المتسارعين لها هو الجانب السعودي الذي بادر بزيارة ولي ولي العهد السعودي وزير دفاع النظام الرجعي المجرم إلى روسيا ولقائه بوتين والذي من بعدها وليس عبثاً أطلق مبادرته والتي وفق أغلب المحللين حصلت نتيجة تأزم الوضع السعودي في اليمن، فالسعودية تريد كسب مغنم من سورية، فتتفرغ هي لليمن بناء على تعهد من إيران بوساطة روسية عن رفع الغطاء عن المقاومة اليمنية للاحتلال السعودي، أي أترك لك سورية فاترك لي اليمن، ولكن هذه المعجزة التي وافق السيد وليد المعلم عليها في حال حصلت برعاية روسية ما لبثت أن تبخرت، وبدا ذلك واضحاً من تصريحات الوزير الجبير حول وجود حل سياسي من دون الأسد ، وهذا يعني أن المعجزة لم تحصل وبالتالي عاد الميدان وضخ الإرهاب ليستعر على جبهات حمص الشرقية وفي سهل الغاب، ومن باب المداعبة السياسية ولأن إيران تفترض من الواقع عدم جدية الدول المعادية للسوريين في البحث في حل سياسي يحترم السيادة السورية، لذلك تقدمت بمبادرة إحراجية وجد السوريون في غالبيتهم قلقاً واستغراباً في بنودها التي سرّبت للإعلام، والتي تتعارض مع بنود جنيف في ظاهرها وفي ما سرّب، ومع ذلك رحبت الخارجية السورية بها وطار السيد المعلم لطهران فعُمان، ولكن زيارة طهران تختلف في مضمونها عن زيارة عُمان! ففي طهران لاعبت سورية المجتمع الدولي من جديد والحلفاء والأصدقاء كما هم يعزفون على وتر الوقت، فسورية أيضاً أرسلت رسالتها عبر ترحيبها بالمبادرة الإيرانية وعلى المحك وضعت الجميع، فلو كانت السعودية جادة في تلميحاتها لرحبت بالمبادرة الإيرانية بطريقة ما، ولكن المقصود من الحراك السعودي هو المصلحة السعودية ومصلحة دعمها للإرهاب في سورية واليمن وتكريس دور لها في المنطقة وليس لمصلحة الشعب السوري، وأما زيارة عمان فغالب الظن أنها تحمل في طياتها مقترحات جديدة وموضوعات جديدة لجهة الحل السياسي.

وما تحمله من انعطافات الحل كلما خبت أنواره لم تعد تخيف السوريين على الإطلاق كما يحدث بالملف المهزلة: من استعمل السلاح الكيماوي في سورية؟ والذي لا يرمي إلا إلى اقتطاع الوقت بحثاً عن انتصار للعصابات المسلحة ولو كان وهمياً.

وإلى ذلك الوقت، فالجيش العربي السوري يمارس واجب الدفاع عن سورية ويعرف بالضبط قيادة وأفراد مدى أهمية الدور الملقى على عاتقه لأنه وحده فقط من سيحدد ملامح الحل السياسي والذي يلهث الجميع وراءه أو يدعى البعض أنه يسعى إليه، فكل الأنظار تتجه اليوم إلى انتصارات هذا الجيش وإلى صمود الشعب السوري وراءه ووراء قيادة هذا الجيش، فلا حلّ سياسياً في سورية وهذا طلب السياديين السوريين الذين يمثلهم الجيش العربي السوري إلا بانتزاع السلاح اللاشرعي من أيدي العصابات الإرهابية وبالقضاء على كافة العناصر الإرهابية على الأراضي السورية، عندئذ يسلم الجيش ملف سورية الحرة ذات السيادة الكاملة على أراضيها الملف للسياسيين للبت في الحلّ السياسي.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى