دمشق تغني لتخجل الحرب

هذه الشابة التي هجرت سورية إلى السويد لم تنسَ لحظة بلدها الذي يتجذّر حبه في أعماقها، ذاك الفيديو «لبلادي» الذي صوّرته مع شقيقتها ساهم في نشر إبداعها وفنّها الراقي والجميل، ولأنّ حبّها لدمشق كان أكبر من أيّ حب في العالم عادت إلى سورية لتكون لها الإطلالة الأولى على مسرح أوبرا دمشق وتحارب الهمجية برسالة راقية، رسالة حب وسلام إلى الحبيبة سورية.

ولأنّ لإطلالتها ألف معنى جميل كان للزميل سامي كليب كلمته الخاصة التي امتدح من خلالها المطربة الراقية بكلمات أرقى:

سامي كليب

«كياسمينةٍ دمشقيةٍ او كلمسةِ أمٍ على وجه ابنها الجريح او كنسيم حلبي في أوج الربيع او كلفحةِ عَراقةٍ من حمصَ وحماه وطرطوس ودير الزور ودرعا والحسكة والغوطة وغيرها، او كأريجِ الزمن الجميل، او كنبضة حب في قلب العروبة الجريح، نثرت المبدعة الشابة فايا يونان هذه الليلة صوتها وروحها وجمال طلتها على الناس في اوبرا دمشق، فخجل أزيز الرصاص وتراجعت همجية الحرب قليلاً، وقالت دمشق لأهلها وزوارها: «انا قلب الإنسانية الصادح الصابر الصامت المتمرد على الوجع».

في صوت ابنة الجزيرة السورية شيء من طيف الملائكة، وفيه نغمة من فيروز وأصالة أبناء الأرض. فايا التي هجرت السويد واسكتلندا لتعود الى الجذور، تشبه تلك الجذور، فكيف لا تُبدع وهي التي يقطر صوتها شجناً على بلاد التاريخ والحضارة والعراقة والثقافة. كيف لا تبدع وهي التي يسري صوتها حباً في قلوب سامعيها فيبلسم جروحاً تماماً كما كان شأن نهر بردى في أوج الخصوبة والجمال والعطاء.

حضرت فيروز وزكي ناصيف وجوليا بطرس وماجدة الرومي في صوت فايا، وحضر نشيد موطني، فعادت دمشق على جري عراقتها ومعهود كرمها ونبلها وعزّها تفتح أبواب القلب والوجدان، عادت تبعث فرحا وتُخرس أصوات الذبح والقتل، عادت دمشق الى دمشق الى تلك العروس البهية التي ما برحت تتمايل بثوبها الأبيض بالرغم من آثار الدماء، كأنها انبعثت من تحت رماد الدمار والخوف والقلق.

هذه الدمشق التي لها في قلب ووجدان كل عربي وكل انسان محب للحضارة والثقافة مكان الصدارة، فرحت بزائرتها الشابة، وضعت رأسها على صوت فايا ونامت، كأنها تريد لحظات هدوء وسط كل هذا الضجيج الإقليمي والعالمي.

ستعودين يا دمشق أبهى وأجمل واعرق، وستكبر فايا وكل أبناء جيلها ويقولون للعالم، ان الياسمين سيزهر مجدداً على حفافي القلوب، وان الحب سيسري مجدداً في العروق، واننا جميعا نحبك ….

ألف تحية لفايا ولأهلها الذين آمنوا بدمشقهم ودمشقنا وأرادوا ان يقولوا لأهل سورية الليلة، لستم وحدكم، وألف تحية للمشرفين على الاوبرا والمؤمنين بأن الغد سيكون حتماً افضل، وبان صدى الصوت سيصل الى كل الضمائر يهزها…

دمشق صبراً على البلوى، لا بد لهذا الليل ان ينجلي… لا بد للحرب من أن تخجل أمام رقة صوت وحضور هذه المبدعة السائرة على طريق فيروز، صوتاً وحباً والتزاماً ورفعة اخلاق».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى