العلاقات المصرية – القطرية
حميدي العبدالله
أكد المستشار أحمد أبو زيد المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، رفض القاهرة لأشكال التدخل الخارجية كافة في شؤونها الداخلية، معتبراً تصريحات وزير الخارجية القطري عن استعداد الدوحة للقيام بدور الوساطة بين مصر وجماعة «الإخوان المسلمين» غير مقبولة، وأنّ تصريحات وزير خارجية قطر حول الأحكام بحق جماعة الإخوان افتئات على أحكام القضاء المصري وقرارات الحكومة المصرية، وإقرار جموع الشعب المصري بأنّ تنظيم «الإخوان» تنظيم إرهابي.
بات واضحاً أنّ قطر مستمرة في دعمها لـ«الإخوان المسلمين»، مدعومة هذه المرة بمواقف المملكة العربية السعودية التي تتقاطع مع مواقف قطر في الضغط على مصر للمصالحة مع جماعة «الإخوان المسلمين»، ومعروف أنّ موقف السعودية طرأ عليه تغيير واضح من جماعة «الإخوان»، وبالتالي من سياسة قطر منذ وصول سلمان بن عبد العزيز إلى سدة العرش السعودي. وفي ظلّ الدعم السعودي، والدعم التركي لقطر والتحسّن الذي طرأ على العلاقات الأميركية – التركية، إضافة إلى استمرار الاتصالات بين جماعة «الإخوان المسلمين» والحكومات الغربية، بما في ذلك الإدارة الأميركية، فإنّ مصر باتت في وضع إقليمي ودولي أصعب لجهة إقناع الدول الداعمة لجماعة «الإخوان المسلمين» بمراجعة مواقفها، ولعلّ ذلك هو الذي يفسّر حدود ردّ الفعل المصري على التدخل القطري المستمرّ بالشأن الداخلي المصري سياسياً وإعلامياً، سياسياً عبر تصريحات وزير الخارجية القطري، وإعلامياً من خلال استمرار قناة «الجزيرة» في شنّ هجوم عنيف على نظام الحكم في مصر، وفتح القناة أمام جماعة «الإخوان» والمؤيدين لها للهجوم بعنف على السلطات المصرية.
اليوم قطر في وضع إقليمي ودولي أفضل من مصر في ضوء التحوّل الذي طرأ على الموقف السعودي، وفي ضوء ثبات موقف الغرب وتركيا من جماعة «الإخوان المسلمين»، فهل يبقى ردّ فعل مصر على التدخل القطري في شؤونها الداخلية في حدود الانتقاد الإعلامي والسياسي؟
لا شك أنه ليس لدى القاهرة، على الرغم من مكانة مصر النابعة من عدد سكانها وحجم جيشها أوراق كثيرة يمكن استخدامها لتغيير هذا الواقع.
مصر لا تستطيع استخدام القوة لردع قطر لأكثر من سبب، منها أسباب عسكرية ومنها أسباب سياسية، وغير قادرة على إنشاء تحالف إقليمي دولي لعزل قطر والضغط عليها لتغيير نهجها إزاء مصر، وبالتالي ليس بيد مصر سوى ورقة الردّ السياسي والإعلامي برفض التدخل القطري في شؤون أكبر دولة عربية. وحتى الأوراق التي بيدها لا يبدو أنها مستعدّة لاستخدامها، أو على الأقلّ غير قادرة على استخدامها، مثل الطلب إلى مجلس الجامعة العربية بوقف ممارسات قطر تحت التهديد بانسحاب مصر من الجامعة أو طرد قطر منها، لكن لا يبدو أنّ المسؤولين المصريين لديهم الجرأة على استخدام هذه الورقة.