أسئلة السفارات وإجابات التيار البرتقالي

يوسف المصري

طوال الأسابيع القليلة الماضية، كانت سفارات عربية وأجنبية في بيروت، تبحث عن جواب شاف على سؤال ملحّ وصلها من وزارات خارجياتها، وفحواه هل يستطيع الجنرال ميشال عون أن يحشد شعبياً فيما لو ذهب فعلاً إلى خيار النزول إلى الشارع؟

وبدا واضحاً أن هذا السؤال الديبلوماسي الإقليمي والدولي كان يضمر تشكيكاً في قدرة عون على الحشد الشعبي، فالتقارير المتجمّعة لدى السفارات المهتمّة بطرح هذا السؤال من مصادرها اللبنانية، دأبت منذ نحو ثلاثة أعوام على التركيز وتسويق أمرين اثنين:

أولهما أن التيار الوطني تتضاءل شعبيته باضطراد، وأنّ الجنرال ميشال عون لم يعد زعيم الأكثرية الشعبية المسيحية، وأنّ القوات اللبنانية تزحف بسرعة لتصبح القوة رقم واحد في الشارع المسيحي، وأنّ سبب هذا التحوّل هو خيارات جعجع المقبولة مسيحياً بعكس خيارات عون.

الأمر الثاني يتمثل بعملية تزييف أخرى، قوامها الزعم بأنّ حزب الله أصبح أضعف عسكرياً وأمنياً بعد مشاركته بمعركة الدفاع عن سورية التي «تستنزفه وتترك ظواهر تململ لدى قاعدته الاجتماعية»!

والواقع أنّ هاتين المعلومتين كانتا تصلان إلى السفارات من مصادر لبنانية واحدة، وكلتاهما متصلتان لجهة أنهما تخدمان هدفاً واحداً، مؤداه أن عون ضعف مسيحياً نتيجة لتحالفه مع حزب الله، وأنّ الأخير ضعف عسكرياً نتيجة لتحالفه مع الدولة السورية والشعب السوري. وباختصار: محور المقاومة في لبنان يتراجع.

وتشبه هذه المعلومات المتصلة والتي تدور في حلقة واحدة، سمفونية الموت التي تنظم إيقاعات السائرين في جنازة، ومع ذلك تظلّ لها أصداء داخل سفارات تريد تصديق أمنياتها على رغم علمها بأنّ ما تتزوّد به ليس أكثر من معلومات كاذبة ومن مصادر ثبت في مرات سابقة أنها تكذب.

عصر الأمس وجهت الحشود العونية التي قصدت ساحة الشهداء بمواكب سيارة كبيرة من الأشرفية ومن جبيل ومن كسروان والمتن الشمالي، إجابة واضحة لسؤال بعض السفارات الملحّ عما إذا كان عون لا يزال يستطيع أن يحشد، وعما إذا كان فعلاً قد فقد شعبيته المسيحية نتيجة حلفه مع حزب الله.

الإجابة العونية أمس ستترك مرة أخرى إحباطاً لدى مزوّدي السفارات بأمنياتهم تحت عنوان أنها معلومات، وستضع من جديد هذه السفارات أمام حقيقة أن القاعدة الاجتماعية لعون ليست فقط بخير وإنما أيضاً مبادرة وحركية ولا تزال عند مواقفها وثوابتها السياسية والوطنية.

ويمكن منذ الآن توقع سؤال يوم غد للسفارات عينها، ومفاده هل يستطيع عون الاستمرار فترة أطول في حشد أنصاره في الشارع.

…في المقابل يمكن توقع إجابة مصادر هذه السفارات: سيتعب التيار والموجة الشعبية التي بدأت كبيرة ستتبدّد يوماً بعد يوم…

نصيحة للسفارات لا تصدّقوهم.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى