«واشنطن بوست»: الأسد أكثر قبولاً وله دور في المرحلة الانتقالية

عامر نعيم الياس

في مقابلة مع شبكة «سي أن أن» الأميركية، ضرب الرئيس الأميركي باراك أوباما سورية والحرب فيها مثالاً على القضايا التي يمكن التباحث حولها مع إيران بعد إقرار الاتفاق النووي في الكابيتول وطهران. واعتبر أوباما أن الاتفاق يمكن أن يؤدّي إلى زيادة التعاون بين دول يسود الشعور بالعداء بينها، في إشارة إلى السعودية وإيران. لافتاً إلى أنه من الممكن أن يساعد أيضاً في توحيد الجهود ضد تنظيم «داعش».

وقال: «أعتقد أنه من المتصوّر أن تبدأ كل من السعودية وإيران في الاعتراف بأن العداء بينهما مجرد أوهام زائفة كأيّ أمرٍ آخر، وأن ما يمثله داعش أو انهيار سورية أو اليمن أو غيرهما، أكثر خطراً ممّا تشعران به من عداء متبادل».

من الواضح أن الرئيس الأميركي يطلق مبادرة جامعة على هيئة مثال للبدء في عملية التمهيد للحل وكسر العزلة على سورية الدولة عبر منح الغطاء عبر المثال أولاً، والمقارنة بين الاستمرار في السياسات الحالية ومخاطرها مقابل إيجابية اللجوء إلى تغيير المسار. كل ذلك بالطبع يرتبط بالاتفاق النووي الموقع مع إيران. فالرئيس الأميركي وإن كان يراهن على ترشيد سلوك الدولة الإيرانية في المنطقة بعد الاتفاق. إلا أن الأهم من الهدف الأميركي، والذي ساق عليه أوباما المثال السوري وغمز من قناة التقارب السعودي ـ الإيراني في المنطقة، هو السياق العام أو المسار الناظم للإدارة الأميركية لملفات المنطقة في ضوء الاتفاق النووي مع إيران والاعتراف بهذه الأخيرة دولةً رسمية لها دورها ونفوذها في المنطقة بعيداً عن مصطلحات الاحتواء والقطيعة والخيارات المفتوحة على الطاولة.

فالاتفاق مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية أسّس لمسار التوافق والتسويات في المنطقة، ووضع أسساً لنظام إقليمي جديد. فضلاً عن مسار تطبيع العلاقات الإيرانية ـ الأميركية.

وفي ضوء كلّ ما سبق، فإن المثال السوري الذي ساقه أوباما وحديث «القناة الإسرائيلية الأولى» عن مفاوضات سرّية منذ سنة بين الروس والإيرانيين والسعوديين حول الملف السوري، بالتوازي مع لحظات التفاوض الحاسمة في الملف النووي الإيراني. كل ذلك يؤشر إلى المسار الجديد في المنطقة.

عند هذه النقطة نشرت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية تقريراً لمراسليها زينة كرم وآدم شريك بعنوان «الاتفاق النووي الإيراني يفتح قنوات دبلوماسية من أجل سورية»، تحدثت فيه عن الأسباب التي تدفع باتجاه التحوّل في الملف السوري، محاولةً بطريقة واضحة التمهيد لوجود تحوّل ما في السياسات الأميركية في المنطقة عموماً وفي الملف السوري خصوصاً. «فمن المتوقع أن يؤثر الاتفاق النووي مع إيران على ملفات أخرى في الشرق الأوسط، خصوصاً سورية، إذ حصلت لقاءات دبلوماسية عدّة تشير إلى رغبة متزايدة في انخراط الحكومة الإيرانية الداعمة للأسد في سبل إنهاء الحرب الدائرة في البلاد».

وتسترسل الصحيفة في اللعب على المصطلحات السياسية الخاصة بالأزمة السورية والتي بدأت تظهر على ساحة الخطاب الدولي في سورية، خصوصاً الأميركي. محاولةً أن تردّ هذا التغيير إلى الطرف السوري باعتبار التحوّل عند السوريين لا عند الأميركيين. وهذا بطيبيعة الحال لا يمكن أن يمرّ على أحد، فمقابل الإصرار على عدم وجود الأسد في المستقبل يتم الترويج لبقائه في مرحلة انتقالية تمثل الحاضر المشرف على المستقبل والمؤسس له. «إن الزعيم المحاصر لا يبدو أكثر ميلاً للتنحي الآن مما كان عليه قبل أربع سنوات، وإن أي اتفاق لا يزال بعيداً، لكنه يبحث على سبيل المثال عن دور انتقالي له».

الأمر لا يقف عند ما سبق، فاللقاء بين وزير الدفاع السعودي محمد بن سلمان ورئيس مكتب الأمن الوطني السوري اللواء علي مملوك قد حصل ويمثّل «تحوّلاً كبيراً في العلاقات بين البلدين». أما المبادرة الإيرانية فهي غير مرفوضة، والبند الثاني فيها الذي يقول بتشكيل «حكومة وحدة وطنية» فإنه، وبحسب الصحيفة، يسمح للأسد «بحفظ ماء الوجه».

وعلى رغم ما تحمله العبارة السابقة من خداع للرأي العام، إلّا أنها في حدّ ذاتها تجعل من المصطلح موازياً وقابلاً للتفاوض في مواجهة مصطلح «الحكومة الانتقالية» أو «المرحلة الانتقالية» والتي تشكّل العقدة الأهم في بيان «جنيف 1».

تتغيّر الأولويات في المنطقة، وحرب المبادرات القائمة في الشأن السوري ليست لتمضية الوقت، إنما هي إشارات إلى رغبة كافة الأطراف في المنطقة في الانخراط في عملية المراجعة لسياسات السنوات الأربع الماضية والدفع بها وصولاً إلى تغيير المسار بشكل نهائي.

كاتب ومترجم سوري

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى