فتحعلي: ليس من شيم إيران!
روزانا رمّال
منذ التفاهم على حلّ الأزمة النووية والتوقعات تزداد حول اعتبار إيران مقبلة على استثمار هذا النجاح الديبلوماسي الدولي ببسط سيطرتها السياسية في المواقع والساحات التي تطلب منها هذا، متسلحة هذه المرة بالشرعية الدولية وباعتراف العالم بأنها دولة إقليمية كبرى قادرة على تغيير المعادلات واستخدام الخيارات المناسبة في المعالجة السياسية للملفات الشائكة، وبالتالي ستقوم إيران وفق هذا السيناريو بترجمة هذا الامر تدخلاً أكبر بحلفائها في المنطقة.
هذه المخاوف تطوّرت عند خصوم إيران في الخليج فكان الرأي العام السعودي نتيجة انطباع سياسي – إعلامي طغى منذ ليلة إعلان التوصل إلى التفاهم مع الغرب مقتنعاً بضرورة الانتباه لمرحلة مقبلة ستحاول إيران فيها غزو الخليج فكرياً وثقافياً وسياسياً عبر تقوية حلفائها فيه، كالمعارضة البحرينية من جهة، والحوثيين في اليمن من جهة اخرى، وصولاً الى دعم المعارضة السعودية في المنطقة الشرقية حتى تعزز مكانتها فتدخل المنطقة معها فجراً جديداً من السطوة. اما البعض الآخر فذهب بعيداً جداً بتحميل إيران مسؤولية التفجيرات الإرهابية التي تقع هنا وهناك خصوصاً في ما يتعلق باليمن.
اما إيران فمن جهتها تحركت سريعاً بعد توقيع الاتفاق لتجول عبر دول المنطقة، وترسل رسائل تعاون وتطمين وتمدّ اليد بعد التوقيع نحو فتح صفحة جديدة يمكن للدول الكبرى كلها اعتبارها انتصاراً لها كما دعت إيران جيرانها.
اما الولايات المتحدة فهي لم تخف قناعاتها باعتبار إيران القطبة الاساسية في فك معضلات المنطقة، انْ كان لجهة التعاون في الملف العراقي الأساسي والسوري واليمني واللبناني والفلسطيني، وبكلام آخر تدرك الولايات المتحدة وتعلن للرأي العام الاميركي والغربي عن عزمها تطبيع العلاقات السياسية في بعض الملفات مع إيران من أجل استثمار تداعيات الاتفاق حول الملف أكثر قدر ممكن، من هنا جاء إعلان الرئيس باراك اوباما عن أهمية تلقف الفرص والآفاق التي فتحها التعاون في الملف النووي مع إيران، وضرورة ان ينسحب على الملف السوري كمثال طرحه لأول مرة، بعدما كانت إيران مبعدة عن جلسات الحلّ السياسي، خصوصا مؤتمر جنيف الخاص بالأزمة السورية، والذي على ما يبدو يلملم أنفاسه لزخم جديد من ديبلوماسية الدول الكبرى «زائد إيران هذه المرة».
لبنان واحد من دول الجوار تلك التي كان لها حصة من جولات إيران ما بعد الاتفاق النووي، فجاءت زيارة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف من ضمن زيارات متعدّدة بين دمشق وبيروت تحدّث فيها مع المسؤولين في البلدين حول مرحلة ما بعد الاتفاق، وأطلعهم على اجوائها وتداعياتها.
فريق 14 آذار الذي يتربّص لحزب الله وحلفاء إيران يعتبر انّ وزير الخارجية الإيراني جاء الى بيروت لبحث الملف الرئاسي كنوع من التدخل وإملاء الشروط على حلفائه، في محاولة منه للبدء بتوزيع الحصص الإيرانية وترجمتها نفوذاً داخل الساحة اللبنانية، خصوصاً بعد اللقاء الذي جمع ظريف بأمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله، وما جرى التداول به أنّ اللقاء بحث في الملف اللبناني المأزوم، مع العلم انّ الوزير ظريف غادر لبنان من دون ايّ مبادرة لحلّ الملف الرئاسي اللبناني، ايّ انّ إيران لم تلجأ لأي نوع من انواع الاستغلال والاستفزاز للقوى اللبنانية.
مصدر ديبلوماسي اقليمي يؤكد انّ إيران لا تتعاطى مع حلفائها بصفة تجعل منهم تابعين لها ولإرادتها من دون احترام توجهاتهم او سيادة بلادهم، بل على العكس لطالما تعاطت إيران بنوع من التشارك والتشاور مع كافة الاطراف بعكس الفكرة السائدة التي تجعل منهم موظفين خارج الحدود.
وفي هذا الإطار يؤكد سفير الجمهورية الاسلامية في بيروت السيد محمد فتحعلي لدى سؤاله عما يمكن ان يكون قد عرضه الوزير ظريف على السيد نصرالله من ضمن استعدادت إيران لهذه المرحلة الجديدة، أنّ إيران لا تملي على حلفائها الشروط وليس من شيم الجمهورية الاسلامية في إيران ان تملي على حلفائها ان افعلوا هذا ولا تفعلوا ذاك، وحلفاء إيران لا يمكن ان يقبلوا مثل هذا الامر».
كلام السفير فتحعلي يؤكد انّ إيران ترى في حزب الله شريكاً واضحاً في المصير وصانعاً للحدث ومعنياً به تماماً، كما ترى في الرئيس السوري بشار الأسد ذلك، والزيارة إلى نصرالله بهذا التوقيت بالذات، والتي اعتبرت الهدف الأساسي لزيارته لبنان هي لإثبات احترام إيران لحلفائها الاقليميين واعتبار نفسها غير قادرة على تخطيهم او تجاوزهم خصوصاً أنها أتت مع حركة ديبلوماسية ناشطة جمعت بيروت ودمشق في التوقيت نفسه.