أحلام ممكنة
بلال شرارة
هل سيتركز المشهد الشرق الأوسطي المقبل على الديمقراطية الغائبة والسلام المفقود؟
على المستوى الديمقراطي تشهد أيام الصيف الملتهب ربما المقبلة:
– انتخابات تركية مبكرة.
– انتخابات عراقية مبكرة بحسب دعوة النجيفي .
– انتخابات «إسرائيلية» مبكرة.
– تسليط الأضواء على الانتخابات التشريعية المقبلة الحدث الثاني بعد افتتاح قناة السويس وتنفيذاً في أجندة لوعد الرئيس السيسي الالتزام بأجندة ثورة «30 يونيو» لإنجاز هذه الانتخابات.
في هذا الوقت يشهد الصيف الملتهب إضافة إلى صورة المشهد اليومي الدموي صوراً وحشية من أبرزها المجزرة التي ارتكبها «داعش» في الموصل والحروب الصغيرة والكبيرة على امتداد العراق سورية – ليبيا.
وإضافة إلى التوترات الأخرى يشهد الشرق الأوسط تحركاً دبلوماسياً في محاولة لتوقيع حلول سياسية على طريق موسكو لوضع إطار لحلّ سياسي في سورية، ومحاولة عُمانية لاختراع حلّ سياسي لليمن، وجولة أممية جديدة للحوار الوطني الليبي في جنيف مترافقة مع إصرار ليبي على رفض محاولات التدخل الأجنبي.
ويشهد الشرق الأوسط في ما يشهد أحلاماً سلمية وكوابيس كثيرة، ويقع تحت ضغط ظلّ الديمقراطية الغائبة التي إما أن تعيد أردوغان ونتنياهو بأكثرية إلى الحكم وتعيد إنتاج الوقائع العراقية الواقعة اليوم تحت وقع قرارات العبادي وضغوط فساد الكهرباء وقبلها قوائم الفضائيين في القوات المسلحة وإلا فإننا سنكون أمام انفجارات مقبلة يفجرها التنظيم الأممي لـ»الإخوان المسلمين» في تركيا وغيرها تحت راية الدواعش وحزب العدالة والتنمية، وسيبقى الإرهاب يضرب هنا وهناك كرمى لعيون أردوغان أما في «إسرائيل» فإنّ نتنياهو وضع «المجتمع الإسرائيلي» والشعب الفلسطيني أمام الاختيار بينه وبين «داعش الإسرائيلي» الذي أحرق طفلاً وطلب الدعاء إلى الله لكي يموت أهله.
هذا هو مشهد السلام المفقود والديمقراطية الغائبة في الشرق الأوسط المترافق مع أنماط سلطات وكيانات «شوروية».
طيب ما هو الحلّ؟
إني أرى أنه يجب أن يكون هناك بلدٌ أنموذجٌ نقلّده بعد سقوط الحمد لله التجربة التركية الأردوغانية بعنوان: «حزب العدالة والتنمية» الذي سيتهاوى أكثر وأكثر، ولن تنفعه الحرب ضدّ الأكراد أو انضمامه متأخراً للحرب ضدّ «داعش» أو إعادته إلى بيت الطاعة، وبعد سقوط حرب «الإخوان المسلمين في تونس»، نحتاج إلى أنموذج وهذا الأنموذج القيادي لن يكون إلا مصر، التي تستعدّ، بعد إنجاز الافتتاح الدولي لقناة السويس الثانية، لتسليط الأضواء على انتخاباتها التشريعية المقبلة.
في مصر ديمقراطية ممكنة تحرسها القوات المسلحة، ومخطط للتنمية تحرسه القوات المسلحة، أيّ قوات مسلحة ديمقراطية؟
أنا أزعم أنّ هذا الأمر ممكن لأنّ الجيش في مصر هو الشعب، هو قوة بشرية اقتصادية «قوة عمل وإنتاج»، وهذا الأمر يجمع بين القوة العسكرية والاقتصادية والتي هي عملياً تشكل مشروعاً تنظيمياً لقيادة الديمقراطية في مصر، ومن ثم لأن تصبح أنموذجاً عربياً، حيث أنّ مصر معنية أولاً بالسودان ومعنية بليبيا وبالجوار الليبي، وليس من أحد عربي يمكنه حراسة التجربة التونسية وتطوّرها إلا مصر المعنية أيضاً باستيقاظ المارد الجزائري من كبوة وضع الندى في موضع السيف، ومصر معنية باستعادة استقرار سورية ومعنية بلبنان وقد سبق لمصر إنتاج الاستحقاقات الرئاسية إميل لحود وميشال سليمان في حين أنّ مصر معنية ببنية بقية النظام العربي وبأمن الخليج والبحر الأحمر.
الخريف العربي المقبل سيطفئ نيران الصيف العربي الملتهب الراهن التي لا بدّ أن توحد الجميع على عدوّ مشترك: الإرهاب وتوحد الحرب ضدّه وتوقف عبور الإرهاب للحدود السيادية للدول، وتجفيف مصادر تمويله وتسليحه.
وفي الشتاء ستولد أفكار حول أنماط السلطات العربية المقبلة وسيشهد الربيع المقبل ربيعاً عربياً فيه نوع من استقرار النظام العربي هنا وهناك.
هل أحلم؟
ربما ولكن لا بدّ لنا أن نحلم!