حيدر حاج اسماعيل / المنظور السوسيولوجي ــ التاريخي في الصيرورة الإسلامية الحلقة 3
تقوم «البناء» بنشر كتاب الدكتور حيدر حاج اسماعيل «الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم ـ الآيات التي استبدلت بآيات أخرى بإرادة الله» والكتاب يحاول إلقاء الضوء على عدد من الآيات القرآنية التي جرى نسخها بما لا يتلاءم مع روحية القرآن الكريم المتسامحة خصوصاً ما جاء في سورتي «السيف» و«القتال».
و»البناء» تنشر هذا الكتاب لقناعتها بضرورة توكيد حقيقة القرآن الكريم المتسامحة والمتناقضة مع الآيات المذكورة التي نسخت العديد من آيات الكتاب الكريم، لا سيما أن التكفيريين يقومون بتوظيف هذه الآيات المشوّهة لتوظيفها في تبرير إرهابهم ووحشيّتهم.
في هذا العدد يلقي الكاتب الضوء على الناحية السوسيولوجية التاريخية في الصيرورة الإسلامية، متوقفاً عند عدد من المحطات التاريخية، في محاولة منه لتوضيح أبعادها من الوجهة السوسيو تاريخية.
المنظور السوسيولوجي التاريخي
تحدثنا عن صورة الإسلام، من المنظور الإيماني، أي، من وجهة نظر المؤمن. الآن، نتقدّم إلى محاولة رسم صورة الإسلام من الناحية السوسيولوجية التاريخية، بعيداً من الاعتبارات الإيمانية، ودون الطلب من أصحابها أن يتخلوا عنها.
كل ما نبتغيه، هو مجرد تعليق الناحية الإيمانية تعليقاً موقتاً، أي تجنّب الانحياز إليها. وهو طلب خلدوني أصلاً إلى أن تكتمل النتائج التي نقدّر أن عالمي الاجتماع والتاريخ يتوخيان الوصول إليها في أبحاثهما الحيادية. فلنبدأ بسرد قصة الإسلام.
حزب الله ودولة محمد
تمهيد: المعاناة الأمنية السياسية لمحمد: قبل تأسيسه الحزب، حزب الله، عانى محمد كثيراً مما كان يجري في بيئته الاجتماعية القبلية. فبالإضافة إلى يُتمه وفقره، شهد حروب القبائل وأحزابها. وفي إحداها وجد نفسه غارقاً فيها لمدة أربع سنوات. إنها تلك الحرب التي دارت رحاها ما بين قبيلة بني هوازن وقبيلة قريش في سوق عكاظ. وكانت بدايتها عندما قتل قريش أحد أفراد قبيلة بني هوازن الذي كان يقود قافلة من الجمال محملة بالعطور والعاج لأمير الحيرة في اتجاه سوق عكاظ ما تسبّب في غضب بني هوازن ومطاردة القريشيين طلباً للثأر. غير أن الثأر لم يتحقق بسبب تجاوز القريشيين حدود منطقة الأرض الحرام.
في العام الذي تبع، نفذ بنو هوازن تهديداتهم وانقضوا على القريشيين في عكاظ فاشتعلت نار الحرب. وقد استمرت الحرب بين القبيلتين أربعة أعوام قُتل فيها من قُتل وأُسِر من أُسر من الطرفين. وفي النهاية كان الصلح والفدية وتبادل الأسرى. وفي هذه الحرب لم يكن محمد قد بلغ العشرين من عمره، وقد كلّفه قادة قريش فيها أن يجمع السهام المتناثرة في ساحة العراك ليستعملها نشّابو قبيلته بعد ذلك.
نذكر هذه القصة لأنها تعطينا فكرة عن الحقيقة الآتية: لقد كان محمد واعياً للحالة الاجتماعية الاقتتالية لزمانه في بلاد العرب. وكان عارفاً بالأخطار المدمّرة، التي نهايتها العدم، والتي كان مصدرها «أحزاب القبائل». وصارت الصورة عن الحل البديل واضحة في قلبه، فهو لا يكون إلا بتأسيس حزب جديد ذي عصبية رابطة جديدة يكون فيها تحقيق للوحدة والعدل والسلام بديلاً عن عصبية القبيلة التي أنتجت الفرقة والظلم والحُمام. فكان حزب الله بعقيدة الإسلام والإخاء، الموحى بها من السماء. في صحراء العرب، في شبه الجزيرة العربية، قبل الإسلام، تجمّع العرب في قبائل وتوزعوا على وجه الصحراء الشاسعة قبائل فكانت القبيلة هي المؤسسة الاجتماعية التي عرفوها وفي عالمها نشأوا وترعرعوا وعاشوا.
غير أن القبيلة مؤسسة اجتماعية طبيعية لأنها تألفت من عشائر تتألف بدورها من عائلات. والعائلة، كما هو معروف، حيّز اجتماعي طبيعي.
من ناحية أخرى، لا بد أن نذكر أن الحياة القبلية غير منظمة وفقاً لقوانين بل إنها تجري وفقاً لعادات وأعراف هي العادات والأعراف التي سار عليها الأجداد كما قال الشاعر:
نمشي كما كانت أوائلنا
تمشي ونفعل مثلما فعلوا
أما رابطة القبيلة الأساسية فهي رابطة القرابة الدموية النسب فكلّهم يتحدرون من جدّ واحد وهم أبناء أمومة أو خؤولة. وللقبيلة شيخ هو رأسها وهو ليس بأمير ولا ملك ولا سلطان فليس له سلطة سياسية على أبناء القبيلة وقراراته تتم بالتشاور.
والحقيقة أن أهم خاصة للقبيلة هي الحرب. فالقبيلة التي لا تحارب ليست قبيلة. والحرب تهدف إلى الغُلب عادةً وإثبات الذات وجمع الغنائم. الآخر ملغى في العقلية القبلية فإذا ما غزت قبيلة قوية قبيلة ضعيفة فتكت بها فتكاً فجزّت أعناق رجالها وسَبَت نساءها وأحرقت خيامها ومنازلها فلا يبقى منها سوى الأطلال ثم بكاء الشعراء على الأطلال.
وقد كان لكلّ قبيلة إلهها الخاص الذي مثّله صنم من الأصنام: فكان ودّ لقبيلة كلب وسواع لهذيل ويغوث لمذحج ولقبائل من اليمن ويعوق لهمذان ونسر لذي الكلاع بأرض حِميَر وكانت اللاّت لثقيف بالطائف والعُزّى لقريش وجميع بني كنانه وبني سليم ومُناة للأوس والخزرج وغسان. وأعظم أصنامهم هُبَل كان على رأس الكعبة في مكّة. 94
في مقابل هذه الصورة القاتمة العدمية للحياة القبلية البدوية الصحراوية شهد التاريخ حادثاً خطيراً في منظر جديد ألا وهو نشوء مؤسسة الحزب. والحزب الذي نشأ كان حزباً سياسياً على أساس عقائدي، إنه حزب الله بواسطة رسوله محمد.
وإذا كان الحزب الجديد عرف باسم «حزب الله» تفريقاً له عن «أحزاب» القبائل فذلك لتناقضه مع الوضعية الاجتماعية التي كانت قائمة، وضعية التقاتل والتنازع والتناهب والإلغاء ولامتيازه على المؤسسة القبلية القديمة بعقيدة التوحيد الاجتماعي السياسي العربي والعالمي. أما الصبغة الدينية التي اصطبغ بها اسمه فهي لكون مصدر رسالته سماوياً.
منذ تسلّمه للرسالة صار محمد وجهاً لوجه أمام الناس. وكان أول الناس أبناء قبيلته قريش. مهمة محمد في مثل تلك الحال، وإذا جاز لنا استخدام مصطلح السوق على سبيل الاستعارة، نقول، إنها كانت مثل مهمة الذين يسوّقون لبضاعة جديدة. فالبضاعة الجديدة، ككل بضاعة، تطلب سوقاً ويسعى صاحبها جاهداً لكسب راغبين فيها ومقتنين لها ومستهلكين لها في الجسد أو القلب أو الشعور. وهكذا كان. فبعد زوجته خديجة، آمن أبو بكر بالعقيدة الجديدة وسعى، معاوناً محمداً، لإدخال خمسة آخرين في حزب الله ثم انتهى إليه عمر.
أما الخمسة، فكانوا من شبان قريش، وهم: سعد بن أبي وقّاص ابن أخ آمنة أم محمد والزبير بن العوام قريب خديجة وابن صافية عمّة محمد وطلحة قريب أبي بكر وعثمان حفيد عبد المطلب من جهة أمّه . أما الخامس فكان عبد الرحمن. ومما يلفت وجود ثلاثة تجّار بين أفراد هذه المجموعة الصغيرة هم: طلحة وعثمان وعبد الرحمن. هذا بالإضافة إلى أبي بكر. 95
ولا بد أن نذكر أن المال لعب دوراً في تنمية الحزب الجديد لجهة عدد أعضائه. وفي هذا المجال قال أبو بكر بجهد فعّال عندما صرف معظم ثروته الكبيرة نسبياً والتي كانت حوالى أربعين ألف قطعة فضية حتى لم يبقَ معه منها سوى خمسة آلاف قطعة في سبيل إعتاق عدد من عبيد قريش وإدخالهم في الإسلام وأوّلهم كان بلال بن الحبشية. 96
ولم يكن الهدف الاستراتيجي لحزب الله الناشئ: «إحلال الأمة محل التحالفات القبلية والتجارية العابرة» كما ظن رضوان السيد. 97 فالأمة بمعنى الجماعة الواحدة من الناس كانت قد تأسست بفضل عقيدة التوحيد. 98
بعد قيام الجماعة الموحدة الاتجاه نشأت حاجة جديدة ألا وهي التنظيم السياسي للجماعة أي الدولة. والسيد لا ينكر ذلك عندما يعرّف الأمة خطأً، معتمداً على مفهوم ناصيف نصّار لها ، بأنها «جماعة متوحدة سياسياً واجتماعياً واقتصادياً» 99 فهذا تعريف الدولة وليس الأمة.
والدولة العقيدية في أول نشوئها لا تكون إلاّ مركزية وذات رأس واحد. وهو الأمر الذي حصل في زمن محمد والخلفاء الراشدين. وفي هذه النقطة كان السيد مصيباً وتكون النتيجة أن ما سمّاه السيد بالقفزة النوعية لدعوة محمد هو اتجاهه نحو تأسيس دولة مركزية في المدينة ونجاحه في إصابة هذا الهدف. 100
إن تأكيد السيد على فكرة الأمة في رسالة محمد صحيح، لكنه يظلّ غامضاً إذا لم ننشئ تمييزاً بين مستويين للنظر: مستوى الأفراد والحزب الذي طلبهم، ومستوى الجماعة بعد تكوّنها. في المستوى الأول، تكون الأمة غاية النشاط العقائدي، وهو ما نعتقد أن السيد قصده في إلحاحه على فكرة الأمة وكلامه على ما سمّاه في أحد المواضع بـ»كارزما الأمة»، وذلك عندما استشهد بالحديث المشهور: «لا يجمع الله هذه الأمة على ضلالة، ويدُ الله مع الجماعة». 101 أما في المستوى الثاني، فقد صارت الجماعة الأمة هي البداية وتنظيمها السياسي الاجتماعي الاقتصادي أي دولتها هي الغاية.
في المستوى الأول تبدو الأمة مجموعاً من الأفراد المشتركين بمبدأ عقائدي، لكن في المستوى الثاني، تبدو الأمة، كما قال سقراط في محاورة الجمهورية لأفلاطون ، كالفرد الكبير الذي يراد وضع نظام لحياته. في المستوى الأول، الأمة أفراد وحّدهم الإيمان. في المستوى الثاني الأمة جماعة تلهث وراء سلطان.
العقائد الاجتماعية السياسية والأديان من بينها ، تحوّل الفرد إلى نسبة، إلى مضاف، أما المضاف إليه فهو مبدأ العقيدة أو فكرتها المركزية: في الدين يصير الفرد عبد الله، وفي القومية ابن الأمة، وفي الطبقية البروليتاري المناضل للطبقة العاملة. ولما كانت الفكرة المركزية الله، الأمة، الطبقة أو غيرها هي الحقيقة في نظر معتنقيها، هو الواقع Reality في صدورهم، فإن الفرد المضاف إليها، الذي بها، بفضلها، هو ما هو، يصبح كائناً ثانوياً. بلى، العقائد الاجتماعية – السياسية تلغي الفرد وجوداً مستقلاً طبيعياً بتحويله إلى أداة لخدمة غاياتها. من هنا يبدو الفرد في مجال تلك العقائد، مجرّد حامل للواجبات أو مكلّف. 102
يقول جهم بن صفوان 128هـ : «إنه لا فعل لأحد في الحقيقة إلا لله وحده، وأنه هم الفاعل، وأن الناس إنما تنسب إليهم أفعالهم على المجاز، كما يقال: تحركت الشجرة ودار الفلك وزالت الشمس…». 103 وبلغتنا الحزبية الاجتماعية السياسية المعاصرة يمكن وصف حالة الفرد تلك، بالقول، إن الفرد هو المناضل للقضية، خادمها، المطيع لقادة حركتها، المستعد دائماً وفي كل لحظة، للقيام بالواجبات الأعظمية حتى الاستشهاد في سبيلها.
لن نخوض كثيراً في تفاصيل نمو الحزب الجديد وانتشاره والظروف الصعبة والدامية، أحياناً، التي مرّ بها واضطرار أتباع عقيدته للهجرة من مكة إلى المدينة، وقبلها إلى الحبشة، وغيرها من أخبار التوسع في جميع أنحاء شبه الجزيرة العربية. القضية التي تستحق الاعتبار، في نظرنا، هي، قضية ولادة تلك المؤسسة الجديدة، التي عرفت باسم حزب الله. فلنتّجه الآن إلى درس هذه الظاهرة الجديدة في تاريخ الحضارة العربية.
كان «حزب الله» من الوجهة الاجتماعية السياسية التنظيمية، مؤلفاً من رأس قائد وإمام هو محمد ومن جسم الأعضاء المؤمنين بعقيدة التوحيد المطيعين طاعة تامة. فما ينقله محمد إليهم من وحي وما يقوله لهم أو يحدّثهم من حديث هو الوحي وهو القول وهو الحديث. وقد تبعه أعضاء حزبه إلى حيثما ذهب: ففي المسجد يصلّون وراءه، وفي المعارك الحربية الرابحة بدر والخاسرة أُحُد كانوا أبداً أمامه وحوله. وعندما حاول آخرون أن يدّعوا النبوّة لمنافسته أو منازعته السلطة في بلاد العرب ما كان عليه إلا أن يقاتلهم بالسيف ويقمع حركاتهم التمرّدية. نذكر على سبيل المثال الأسود، «نبي الحجاب» الذي خلع نير الإسلام والذي كان أميراً له نفوذ في اليمن وادّعى السحر والاتصال بعالم الغيب وتمكن من السيطرة عى منطقة واسعة من شبه الجزيرة العربية تمتدّ ما بين البحرين والطائف والساحل. هذا النبي المزعوم ذُبح في الليلة التي سبقت وفاة محمد. 104
هذا المثل وغيره قد يوحي بأن حزب محمد هو كغيره من الأحزاب، أحزاب القبائل، وأن دخوله لعبة النزاع والحرب يساويه بها. والحق نقول، إن الحزب الجديد، هو مثل الأحزاب القديمة لكن من الوجهة اللغوية فقط. فالحزب معناه الجزء أو القسم، فالحزب من الكتاب بعضه والحزب من الناس بعضهم. فمن هذه الناحية يمكن القول بأن الأحزاب سيّان. هي هي. مع ذلك، وبالرغم من ذلك، فإن حزب محمد ليس كالأحزاب، ذلك لأن الأحزاب القديمة كانت مؤسسات تمثيلية أي أنها مثّلت حياة القبائل كما هي، قبيلة قبيلة، في حين كان حزب محمد حزباً تعبيرياً لأنه بعضُ الناس العاملُ والمجاهدُ لكل الناس، لخير العاملين. من هنا وصفنا له الذي كنا ابتدأنا به، وهو أنه مؤسسة جديدة كانت بمثابة حادث خطير في ساحة التاريخ. 105
أحبّ أن أذكّر بأننا معنيّون في الدرجة الأولى، بالناحية الاجتماعية السياسية المؤسساتية في الحضارة العربية، وليس بالنواحي الأخرى، مثل الناحية الدينية الاعتقادية وغيرها. وإن تركيزنا على ظاهرة المؤسسات لا يلغي النواحي الأخرى. فالناحية الدينية، على نحو خاص، تحققت في جماعة المؤمنين وهم يمارسونها إيماناً بالله وطاعةً له ولرسوله وصلاةً وصوماً وحجاً وزكاة. نحن الآن أمام حزب واقعي تاريخي متحرّك في الجغرافيا السياسية للمنطقة جهاداً ونمواً.
نعود إلى مجرى بحثنا الرئيسي للكلام على مؤسسة الحزب الجديد. نقول، إنه بعد ظهور قوّته على غيرها من قوى شبه الجزيرة، بخاصة بعد فتح مكة وبقية نواحي بلاد العرب. واستقرار محمد في المدينة بعد التفاف أقوى قبلتين فيها: الأوس والخرج، نقول، بعد حصول كل ذلك، تحوّل الحزب إلى دولة فالقوة التي تجمّعت لمحمد عبّرت عن ذاتها في دولة، عرفت في التاريخ، بدولة محمد في المدينة يثرب . ولم يعد محمد، كرأس الدولة، محتاجاً، على ذلك المستوى، أن يتصل بالأمراء فرداً فرداً ليحاورهم في شؤون العقيدة الجديدة بل صار يوجّه لشيوخ القبائل والأمراء والملوك رسائل مختصرة يُضمّنها عبارة صريحة واضحة هي: «أسلمْ تسلمْ». 106 هذه العبارة المتكررة في كتبه إلى أمراء العرب في شبه الجزيرة وإلى رؤساء الدول حولها، هي، في نظرنا، عبارة مهمة، من الوجهة الدولية السياسية لأنها تفيد أن المطلوب، بالقوة، مثل الذي كان مطلوباً بالاقتناع، هو الطاعة. أجل، إن رئيس الدولة الجديدة يأمر بالطاعة.
بالنسبة لكيفية ممارسة محمد للحكم السياسي، لا بد لنا أن نذكر أنه وجد مجلساً، كان عى رأسه محمد نفسه، تمكن تسميته بمجلس العشرة ذلك لأنه تألف من عشرة من الصحابة عرفوا باسم «المهاجرين الأول» وكلهم من قريش، من أفخاذ قريش المختلفة، وهم: أبو بكر وطلحة تيم ، عمر وسعيد بن زيد عديّ ، عبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقّاص زهرة وعثمان أميّة والزبير أسد وأبو عبيدة فهر . ويقال إن محمداً كان يمارس الشورى مع الصحابة مجتمعين أو مع بعضهم. غير أنه، من الطبيعي، أن يكون القرار الأخير له هو، نسبةً لموقعه العقائدي ولثقة صحابته المطلقة به.
دولة الخلفاء الراشدين
بعد وفاة محمد نشأت حالة جديدة كلّ الجدّة فاجأت العرب المسلمين: ما الفعل؟ لقد انتهى عهد النبوّة ولقد تم تنزيل آيات الدين، فما العمل؟ حصل فراغ أخاف المسلمين حتى تجاوز بعضهم حد المنازعة إلى تجريد السيف. من يحكم الآن؟ وانتهى الجدل، الذي لن نخوض في تفاصيله، إلى البيعة لأبي بكر خليفةً للرسول.
في البداية، خال أبو بكر الخليفة أن سوق الطاعة مليء ببضاعتها عند المسلمين بفضل فعل العقيدة وممارستها. غير أن زلزالاً وقع، عندما رفضت جماعة من المسلمين في البحرين دفع الزكاة. وهم الذين وصفوا بتاريخ الإسلام «بالمرتدّين». ما معنى ذلك؟ في مجادلة صغيرة بين الخليفة وعمر كانت وجهة عمر عدم محاربتهم لذلك السبب لكن الخليفة أصرّ لأنه اعتبر «الزكاة مثل الصلاة». 107 واعتبار الزكاة كالصلاة، وهما ليسا كذلك، يعني أن الخليفة، لا بد أن يكون قد نظر إليهما على مستوى الطاعة، طاعة أوامر الله ورسوله وأولي الأمر من المسلمين. وقد عرف أبو بكر أن عدم الطاعة في أمر، إذا قُبل، سيؤدي إلى العصيان في أمور أخرى، وفي الأخير إلى التمرّد على حزب الله ودولة هذا الحزب. إذن، كان أبو بكر أكثر وعياً للاتجاه المحمدي السياسي من عمر: السياسة لا تكون جوهرياً إلا بالطاعة للإمرة.
قلنا، إن خلافة أبي بكر لمحمد تمّت بالبيعة. والبيعة أصلها اللغوي الاشتقاقي من باع. وباع شيئاً، في المجال الاقتصادي التجاري، معناه بادله بشيء آخر، أي بضاعة ببضاعة، والبضاعتان ماديتان. إن استعمال البيعة، على سبيل الاستعارة، في المجال السياسي سيفيد مبادلة من نوع آخر هو: الطاعة والولاء للحاكم مقابل حكمة العادل أو المتوقّع أن يكون عادلاً. بهذا المعنى بايع عمر أبا بكر.
ماذا حصل لعلاقة الإمرة الطاعة بعد أبي بكر؟ الذي حصل هو أن أبا بكر أوصى بالخلافة لعمر الذي صار يدعى «أمير المؤمنين». وبعد مقتل عمر تمّت البيعة لعثمان بن عفّان الأموي من قبل من بقي من الصحابة. وبعد مقتل عثمان من بعض العصاة المتمردين في المدينة صارت الخلافة إلى عليّ في جوّ من الانقسام الحادّ الذي تحوّل إلى معركة دموية في صفّين بين علي ومعاوية الذي اتهمه بمقتل عثمان. قبل مقتل الخليفة عليّ بأشهر، أعلن معاوية خلافته في بيت المقدس، فبدأ عهداً جديداً كل الجدّة ومغاير كل المغايرة لمفهوم دولة محمد ودولة الخلفاء الراشدين الأربعة.
قبل التقدم للكلام على المفهوم الجديد للدولة الذي مورس من قبل معاوية وأبنائه من بعده، لا بد من أن نذكر أن ما سُمّي «بالبيعة» للخلفاء الراشدين اقتصر على رضى وقبول الصحابة كلّهم أو بعضهم فقط. أما جموع المسلمين فلم يكن لها رأي في ما جرى إلا في ما بعد عن طريق الموافقة والتسليم بالأمر الواقع. 108 المسلمون موافقون لأنهم مسلمون والرئيس مسلم، ولأن الطاعة لله وللرسول ولأولي الأمر منهم هي من الإيمان. ومن هنا عدم اكتراث الخلفاء برأي المسلمين عموماً وبخاصة من يعيش منهم بعيداً عن الأمصار لأنه إذا لم يزع القرآن وزع السلطان وقد يزع السلطان ما لا يزع القرآن.
الدولة الأموية
قلنا إن المؤسسة الدولية الجديدة هي الدولة الأموية وعلى رأسها معاوية بن أبي سفيان. هذه الدولة، في رأينا، اتجهت اتجاهاً مناقضاً لاتجاه الدولة السابقة. ففي حين استخدم محمد والخلفاء الراشدون الدولة وسيلة لنشر الدين في العالمين عن طريق الجهاد، بالإضافة إلى العناية بشؤون الدنيا، صارت الدولة، مع معاوية، هي الغاية وأُنزل الدين إلى مستوى الوسيلة لخدمة أغراض الدولة الدنيوية.
ويبدو أن ما حصل على يد معاوية بفوزه بالإمرة، كان بمثابة «أُحُد» سياسية تتمةً لأُحُد الحربية التي كان انتصر فيها والده أبو سفيان بن حرب على محمد وحزبه الإسلامي. والتناقض الطبقي والعشائري بين بني أمية التجار الأغنياء ومحمد وأعمامه من بني هاشم الفقراء تناقض قديم كان له تاريخ معروف من المعارك الدموية في معركتي بدر وأُحد وغيرهما. ولم يلغِ ذلك التناقض انتماءَ الأمويين إلى الإسلام إلا في الظاهر. وعندما بويِعَ عثمان خليفةً وهو منهم استبشروا خيراً. ويقال إن من أسباب التمرد الذي أدى إلى مقتل عثمان أنه وزع مناصب الدولة على أقربائه وكذلك ثرواتها. وقد اتهم معاوية علياً بالتقاعس عن الدفاع عن عثمان عندما حاصره المتمردون في المدينة واكتفى بإرسال ولديه الحسن والحسين اللذين لم يقدرا على منع المرتدّين من تمزيق جسد الخليفة. ولم يسكت معاوية على ما حصل. بل إنه تمادى في تحدّيه لعليّ حتى بعد أن صار عليّ خليفة فنازله في معركة صفّين 37هـ التي خسرها حربياً لكنه ربحها دبلوماسياً بواسطة صديقه الداهية عمرو بن العاص في مرحلة التحكيم مع أبي موسى الأشعري الذي مثّل علياً. ومن يتطلع على الكتب المتبادلة بين معاوية وعلي يتحقق إلى أي حدّ بلغت الكراهية بين الرجلين ويتثبّت من حدة التناقض بين اتجاهيهما. 109
صحح أن الإمرة كانت تتبع قريش كما قال محمد. غير أن هناك صحيحاً آخر وهو أن القريشيين الأمويين هم الذين نجحوا في الأخير في امتلاك الدنيا بالإضافة إلى الدين في عالم الإسلام الذي حكموه لمدة تقارب المئة عام. وابتدأ حكمهم عندما أعلن أتباع معاوية خلافته في بيت المقدس عام 661 قبل وفاة عليّ بأشهر. 110
أخص خصائص الدولة الأموية أنها دولة دنيوية في المقام الأول. ومن خصائصها الأخرى التي تميّزها عن الدول السابقة نذكر أنها كانت دولة ملكية بالمعنى الواقعي للكلمة: فقد سلك معاوية في سياسته العامة وسلوكه الشخصي مسلك الملوك، كما أنه قضى بأن يكون الحكم وراثياً. وهذا ما حصل فعلاً، عندما أوصى بالخلافة لابنه يزيد. 111
هذا النظام الجديد من الإمرة بدا غريباً عما رسب في الوعي الإسلامي من صورة عن دولة محمد ودولة خلفائه الراشدين. كما أن الدين في قرآنه وحديث رسوله لم ينصّ عليه. هذا النظام الذي حوّل الخلافة إلى لفظ مفرغ من معناه التقليدي المتعارف عليه، إلى لفظ معناه خلافة الابن وابن الابن، شكّل ما يشبه الصدمة عند كثيرين من المسلمين.
ثم هناك المظاهر التي ظهر فيها معاوية كانت من بين المآخذ عليه. مثل «سرير الملك» الذي أحدثه في قصره، والمقصورة في الجامع الذي كان يصلّي فيها ويخطب وهو جالس وغير ذلك من مظاهر سلوكه وسلوك أفراد عائلته. فقد عرف عن ابنه يزيد الذي خلفه أنه كان يشرب الخمرة حتى الثمالة حتى أن بعض المؤرخين سمّاه «يزيد الخمور». 112
ومن المعروف أن معاوية كان داهية في السياسة. كان يعرف أن المعارضة والتي معظمها من آل البيت الهاشميين، يمكن استمالتها بما صار يسمى في زماننا، المال السياسي، على صورة أعطيات وهبات. كذلك عرف كيف يسكت الشعراء عن هجائه أو يحوّلهم إلى مديح حكمه بالوسيلة نفسها. لقد «كان انتهازياً مكيافيليّاً قبل أن يولد مكيافيلي» وفقاً لرأي المؤرخ الدكتور فيليب حتّي. 113
بكلمة أخرى، عرف معاوية أن الدولة لها الأولوية على كلّ شيء. وكلّ ما عدا الدولة يجب أن يسخّر لغاياتها وليس الدين بمستثنى من هذه النظرة الجديدة إلى الحكم.
بالنسبة إلى عامة الشعب، يمكن القول، إن معاوية كان مطمئناً إلى النصارى فقد أحسن معاملتهم وهو المدين لهم في سورية: فزوجته ميسون كانت نصرانية، وكان شاعر البلاط، الأخطل، نصرانياً وكان طبيب معاوية، ابن أُثال، نصرانياً أيضاً. واستعان معاوية بآل سرجون النصارى فولّاهم شؤون بيت المال وراثياً. 114 وهذا الأمر جديد في تاريخ الإمرة في الإسلام.
والحقيقة، هي أن معاوية لم يؤسس دولة بالمعنى الكامل الشامل لجميع مؤسساتها. جديده كان في مفهومه للحكم واتجاهه الدنيوي العملي. أما مؤسسات الدولة فقد وجدها معاوية قائمة في بلاد الشام وقد استبقاها بموظفيها النصرانيين كما استبقى لغة دواوينها الإغريقية التي بقيت حتى خلافة عبد الملك 685 -705 م عندما تحوّلت إلى العربية.
ولأول مرة أنشأ معاوية مؤسسة البريد وكان البريد ينقل على الخيل. 115 وأعاد معاوية النظر في نظام الجيش. فالجيش، قبله، كان مبنياً على الوحدة القَبلّية حيث كانت القبيلة تعتبر كتيبة فيه وقائدها شيخ القبيلة وهو نظام يصلح للغزوات . أما الآن فصارت كل الجيوش جيشاً واحداً ذا مركزية واحدة في يد الخليفة وصار نظام الجيش صارماً. وبنى معاوية أسطولاً هو الأول من نوعه في تاريخ الإسلام، وجعل بحّارته من السوريين، واتخذ لنفسه لقب «أمير البحر». 116 وبجيشه القوي وأسطوله تمكن معاوية من تأسيس ما صار يعرف بالإمبراطورية الأموية التي امتدت غرباً إلى إسبانيا شاملةً بلدان شمال أفريقية، وشرقاً إلى الصين.
الثلاثاء المقبل حلقة رابعة
هوامش
93 – Sir Muir, William.K.C.S.I. The Life of Mohammad from Original Sources, A new and revised ed. By T.H. Weir, John Grant, Edinburgh, 1923.ch. XXXII, pp. 14 -16.
94 – الشهرستاني، أبو الفتح محمد بن عبد الكريم ابن أبي بكر أحمد. الملل والنحل، تحقيق عبد العزيز محمد الوكيل، الجزء الثالث، مؤسسة الحلبي وشركه للنشر والتوزيع، ص 81 – 82.
95 – Sir Muir, William.K.C.S.I. The Life of Mohammad, p. 58.
وكان علي بن أبي طالب لا يزال يافعاً. وقد عاش في بيت محمد وترعرع فيه بعد عجز والده أبي طالب، لضيق حاله، عن إعالة جميع أبنائه وأسلم.
96 – المرجع السابق، ص 57.
97 – السيّد، رضوان. الأمة والجماعة والسلطة، دار إقرأ، 1984، ص 98.
98 – الأمة كجماعة من الناس وردت في الآية: «ولمّا ورد ماء مدين وجد عليه أمةً من الناس يسقون» القصص: 23 . وتجدر الملاحظة أن ابن قتيبة. غريب الحديث، بغداد، 1977، 1/384.
99 – المرجع السابق، ص 98. ولتعريف الأمة الخاطئ، انظر ناصيف نصار: مفهوم الأمة بين الدين والجماعة والسلطة، ص99.
100 – السيد، رضوان. الأمة والجماعة والسلطة، ص 99.
101 – المرجع السابق، ص 110.
102 – يقول المستشرق جبّ Gibb حول هذه المسألة ما يأتي: «فالميزة الأولى التي تتحلى بها الشريعة الإسلامية هي أنها مذهب واجبات». ويرى واجبات نحو الله منصوصاً عنها في العقيدة والفروض، وواجبات نحو الناس. H.A.R. Gibb بنية الفكر الديني في الإسلام، تصدير وتعريب الدكتور عادل العوّا، مطبعة جامعة دمشق، ص 101.
103 – الأشعري، أبو الحسن. مقالات الإسلاميين واختلاف المصلّين، تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد، طبعة ثانية، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة، 1969، الجزء الأول، ص 338.
أيضاً: عبد القاهر البغدادي. الفَرْق بين الفِرَق، تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد، مكتبة محمد علي صبيح، القاهرة، ص 211 – 212.
وأيضاً: محمد ضياء الدين الريّس. النظريات السياسية الإسلامية، مكتبة الأنجلو، القاهرة، 1968، ص 258 وما بعدها.
104 – Muir. The Life of Mohammad, p. 58.
105 – Ibid, p. 57.
106 – صفوت، أحمد زكي. جمهرة رسائل العرب في عصور العربية الزاهرة: الجزء الأول: العصر الجاهلي، عصر صدر الإسلام، الطبعة الأولى، شركة مصطفى البابي الحلبي بمصر، 1356ه/1937م، من الأمثلة الرسالة إلى هرقل ملك الروم، ص 32 -33 والرسالة إلى المقوقس عظيم القبط، ص 38.
107 – أركون، محمد. تاريخية الفكر العربي الإسلامي، طبعة أولى، مركز الإنماء القومي، بيروت، 1986، ص 175.
108 – الدكتور العجلاني، منير. عبقرية الإسلام في أصول الحكم، الطبعة 2، دار الكتاب الجديد، 1965، ص 161.
109 – صفوت، أحمد زكي. جمهرة رسائل العرب في عصور العربية الزاهرة: الجزء الأول، نذكر في ما يلي أمثلة عن الرسائل المتبادلة بين معاوية وعليّ: بعد أن ينتقد عليّ معاوية لادعائه أن «أهل الشام» لم يدخلوا في بيعته ويذكره بأن البيعة واحدة ملزمة للحاضر والغائب وأنه «فاربع على ظلعك، وانزع سربال غيّك، واترك ما لا جدوى له عليك، فليس لك عندي إلا السيف، حتى تفي إلى أمر الله صاغراً وتدخل في البيعة راغماً، والسلام». رسالة رقم 444، ص 476. ويردّ معاوية، في إحدى رسائله، على عليّ متهماً إياه بمقتل عثمان لجهة أنه لم يدافع عنه بل كان وراء الدسائس ضده، يقول: «حتى قُتِلَ بمشهد منك لا تدفع عنه بلسان ولا يد… ولكن جلست في دارك تدسّ عليه الدواهي، وترسل إليه الأفاعي، حتى إذا قضيت وطرك منه أظهرت شماتة… وشمّرت عن ساقك، ودعوت الناس إلى نفسك، وأكرهت أعيان المسلمين على بيعتك». الرسالة رقم 406، ص 415.
تجدر الملاحظة أيضاً أن علياً ومعاوية المتناقضين في كل شيء كانا متشابهين في أمرين وهما: أنهما ولدا في العام نفسه، 600م وفي المكان نفسه، مكة.
وتجدر الملاحظة أيضاً أن علياً وعثمان تشابها في أمر ثالث وهو كونهما صهري محمد: عليّ كان متزوجاً من ابنة محمد، فاطمة، وعثمان من ابنة محمد رقيّة.
110 – الدكتور حتّي، فيليب. صانعو التاريخ العربي، ترجمة الدكتور أنيس فريحة ومراجعة الدكتور محمود زايد، دار الثقافة، 1969، ص 68.
111 – المرجع السابق، ص 74، ص 82.
112 – المرجع السابق، ص 82.
113 – المرجع السابق، ص 73 – 74. وسيلة استعمال الشعراء لمديح الحكم رآها معاوية مفيدة جداً: أولاً، لأنها الوسيلة الإعلامية الشعبية الوحيدة المتوفرة، ثانياً، لأن الشعر محبّب لدى العرب وهو كان أشهر ما اشتهروا به منذ زمن المعلقات في سوق عكاظ. وقد تابع أبناؤه الخلفاء، من بعده، الاستفادة من هذه الوسيلة. نذكر في ما يلي أمثلة من ديوان الفرزدق يمتدح فيها هشام بن عبد الملك والوليد بن عبد الملك. والفرزدق كان فحلاً من فحول الشعر، في ذلك الزمان، هو وخصمه الشاعر جرير: يقول الفرزدق مادحاً هشاماً:
فإن هشاماً أن تلاقيه سالماً تكون كمن بالغيث يُنصر جانبه
لناتيَ خيرَ الناس والملك الذي له كل ضوء تضمحل كواكبه
أبى الله إلا أن ملككم الذي به ثبتَ الدين الشديد نصابه
الفرزدق. ديوان الفرزدق، الطبعة الثانية، المطبعة الوطنية، بيروت، 1933، ص 26 – 27 .
ويقول في قصيدة أخرى:
إن استطع منك الدنوّ فإنني سأدنو بأشلاء الأسير المقيّدِ
خليفة أهل الأرض أصبح ضوؤه به كان يهدي للهدى كلّ مهتدِ
المرجع السابق، ص 36 .
ويمدح الوليد واصفاً إياه بأنه «راعي الله» فيقول:
وإنك راعي الله في الأرض تشتهي إليك نواصي كلّ أمر وآخره
المرجع السابق، ص 66 .
ويصف سليمان بن عبد الملك بأنه «خليفة الله»، فيقول:
أيعجبُ الناس إن أضحكت سيّدهم خليفة الله يُستسقى به المطرُ
المرجع السابق، ص 69 .
ويمدح الأمويين الخلفاء واصفاً إيّاهم «بالهداة المهديين» وذلك في قصيدة عن الوليد، فيقول:
ومن عبد عبسٍ أنت سادس ستة خلائف كانوا منهم العم والأبُ
هداة ومهديين عثمان منهم ومروان وابن الأبطحين المطيّبُ
المرجع السابق، ص 22 .
والفرزدق هو همام بن غالب بن صعصعة التميمي. ولد في البصرة في سنة 19هـ وتوفي في سنة 110هـ. أما جرير الذي كان نداً للفرزدق فإنه، بالرغم من خصومته الشعرية له، كان مثله داعياً للأمويين. ها هو يسمي عمر بن عبد العزيز «خليفة الله»، يقول:
خليفة الله ثم الله يحفظه، والله يصحبك الرحمن في السَّفر
أنت مبارك والمهدي سيرته تَعصَى الهوى وتقوم الليل بالسُّوَرِ
نال الخلافة إذ كانت له قدراً كما أتى ربَّه موسى على قَدَرِ
جرير. ديوان جرير، دار صادر للطباعة والنشر ودار بيروت للطباعة والنشر، بيروت، 1960، ص 210 – 211 .
ويدعو الوليد بن عبد الملك «خليفة لربّ العالمين»:
فأنت لربّ العالمين خليفة وليّ لعهد الله بالحق عارفُ
المرجع السابق، ص 303 .
ويمدح يزيد بن عبد الملك:
الله أعطاك فاشكر فضل نعمته، أعطاك ملك التي ما فوقها شرفُ
هذي البريّة ترضى ما رضيت لها، إن سرت ساروا وإن قلت اربعوا وقفوا
المرجع السابق، ص 308 – 309 .
114 – الدكتور حتّي، فيليب. صانعو التاريخ العربي، ص 74 – 75، ص 68.
115 – المرجع السابق، ص 68 – 69.
116 – المرجع السابق، ص 68.