مصير اليمن الجنوبي

حميدي العبدالله

بات واضحاً أنّ الجيش اليمني واللجان الشعبية على وشك خسارة كلّ المواقع التي سيطرا عليها داخل محافظات الجنوب التي كانت تشكل قبل الوحدة مع الشمال جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية. إذ من المعروف أنّ محافظة حضرموت لم تسقط في أيدي الجيش اليمني واللجان، بل سيطر عليها تنظيم القاعدة، واليوم بعد سيطرة أنصار هادي وقوى الحراك الجنوبي المختلفة على غالبية محافظة عدن والتقدّم في محافظة لحج، يبدو أنّ الجيش واللجان فقدا المبادرة والقدرة على استعادة هذه المناطق، والمسار القائم حتى الآن هو في مصلحة استكمال قوات الحراك الجنوبي السيطرة على ما تبقى من محافظات أو مواقع لا تزال تحت سيطرة الجيش اليمني واللجان الشعبية.

هذا التطور الميداني يعبّر عن حقيقة فشل القوى السياسية اليمنية، ولا سيما حركة أنصار الله في تقديم ضمانات تدفع بالجنوبيين الذين يسعون للانفصال واستعادة جمهوريتهم قبل الوحدة للوقوف إلى جانب الجيش واللجان الشعبية، ولولا وجود بيئة حاضنة لما تمكنت القوى المؤيدة لهادي والحراك الجنوبي المدعومة من قبل التحالف العربي الذي تقوده السعودية من تحقيق ما تحقق في المحافظات الجنوبية.

لكن الأمر الهامّ في تطورات جنوبي اليمن ليس تحقيق المزيد من التقدّم والسيطرة على المواقع الأخرى أم لا، ولكن ماذا سيكون الوضع في هذه المناطق بعد جلاء الجيش اليمني واللجان الشعبية عن كلّ المحافظات الجنوبية؟

من تابع التقارير المصوّرة عن التقدّم الحاصل في محافظات الجنوب لا يستطيع تجاهل ظاهرتين، الظاهرة الأولى رفع علم جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية على الآليات التي شاركت في القتال وتمكنت من دحر قوات الجيش واللجان الشعبية، وهذا يعني أنّ دعاة العودة إلى جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية لهم ثقل كبير في الحراك والمعارك العسكرية الدائرة، الملاحظة الثانية المشاركة الفعالة لتنظيم «القاعدة» والتنظيمات السلفية الأخرى، بما في ذلك جماعة «الإخوان المسلمين».

وبديهي بعد إخراج قوات الجيش واللجان الشعبية من كلّ المحافظات الجنوبية، سيكون هناك فرز داخل القوى التي حاربت الجيش واللجان الشعبية، ذلك أنّ الحراك الجنوبي يريد العودة إلى الأوضاع التي كانت قبل الوحدة مع الشمال، و«القاعدة» تريد جعل المحافظات الجنوبية نقطة انطلاق للسيطرة على كلّ اليمن، وكذلك أنصار هادي، وبديهي أنّ صراعاً ضارياً سوف ينشب بين هذه الأطراف أولاً، حول مصير الجنوب، وثانياً حول استمرار القتال ونقله إلى المحافظات الشمالية. وبهذا المعنى فإنّ ما ينتظر الجنوبيين ليس العودة إلى جمهورية اليمن الشعبية الديمقراطية، بل صراعاً دموياً أكثر قساوة مما حصل حتى الآن.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى