بوغدانوف إلى «جنيف 3»؟

يبدو أنّ الكباش على تثبيت الأوراق في يد الأطراف المعنية بالأزمة السورية لا يزال على قدم وساق، ويبدو التوقيت الذي تهدأ فيه الأمور ويتم خلاله الاستماع إلى صوت العقل والديبلوماسية لا يزال غير ناضج حتى الساعة، فالحدث كبير والمتغيّرات دقيقة، ولا يريد أي من الأطراف اعتبار أي تسارع بالتجاوب مع ما فرضه الاتفاق الغربي مع إيران انكساراً أو هزيمة، وها هي الأوراق تتحضر اليوم من أجل ترتيبها لمرحلة ما بعد الاتفاق لتكون في طليعة التغيير.

ومع توقيع التفاهم النووي الشهر الماضي بين دول الخمسة زائداً واحداً وإيران، شهدت العلاقات التركية الإيرانية تطوراً سلبياً كبيراً عبّر عن نسف جسور التقارب بين الحكومتين مع إلغاء وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف زيارته لأنقرة، رداً على التصعيد التركي في شمال غربي سورية، وتحديداً في سهل الغاب، بالتزامن مع تسويق حركة أحرار الشام للوصول إلى تقديمها بديلاً لخسارة الأتراك لـ«جبهة النصرة»، بينما تزامن تصعيد جماعة تركيا عسكرياً في سورية مع تصعيد رجل السعودية زهران علوش بقصف دمشق كصدى لترجمة كلام وزير الخارجية السعودي عادل الجبير من موسكو، بينما كان وزير الإعلام السوري ينفي كلّ ما نشر عن لقاءات سورية ـ سعودية، مستأنفاً لغة المواجهة مع السعودية رداً على كلام الجبير، بعدما امتنعت سورية عن هذا المستوى من التصعيد قرابة الشهر، إفساحاً في المجال، كما قرأ المسؤولون الروس، لإنجاح مبادرة الرئيس فلاديمير بوتين.

التصعيد واضح واللغة المستعملة سعودياً وسورياً تكفي للإشارة إلى أنّ هناك عقداً لا تزال قيد الفكفكة وربما تتطلب بعض الوقت، وها هو السعودي في تصريح وزير خارجيته الجبير يعود إلى اللغة القديمة أنّ الحلّ الأفضل لسورية من دون الرئيس بشار الأسد.

ومن اليوم حتى ثلاثة أشهر مقبلة سيتحدّد شكل التسويات التي ستنتج عن مرحلة ما بعد الاتفاق النووي والتي ستكون كفيلة بكشف النقاب عن الدول القادرة على فرض حضور لها على طاولة المفاوضات للحلّ في سورية، وخصوصاً بعدما اتضح لهم أنّ الأميركي يسير قدماً نحو الاتفاق مع إيران من دون النظر بالعين نفسها التي كانت تراعي بعض مصالحهم، وبالتالي لا يسع هذه الأطراف إلا الإثبات أنها قادرة على انتزاع مكانة وأنّ الوقت لم يفت وبطبيعة الحال لا يعرقل الأميركي هذا بل يعطي المهل وينتظر.

التصعيد هذا انسحب أيضاً من الجهة المقابلة، تصعيد الحوثيين العسكري في هجمات على مواقع عسكرية سعودية بعدما توهّم السعوديون أنهم يتقدمون بسبب قوتهم، وليس بسبب الرغبة في منحهم فرصة حفظ ماء الوجه.

على هذا الإيقاع وبما أنّ التسوية لم تنضج بين الأطراف كافة، تعود روسيا إلى تجميع أفضل ما في المعارضة مع الحكومة لتطوير مستوى التفاهم تحت عنوان حلّ المشكلة الداخلية يتم بالاحتكام إلى صناديق الاقتراع وإلى هذا الطريق يتوجه بوغدانوف.

«توب نيوز»

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى