رُفعت الأقلام… وجفت الصحف

شهناز صبحي فاكوش

لم يعد من شيء يختبئ في طيات الأيام، فما عاد التزلف يجدي، ولا الالتفاف وتدوير الزوايا… أصبحت الأمور جلية كانبلاج الفجر، لم تعد عباءاتهم تستر عوراتهم السياسية ولا عمالتهم وخياناتهم.

أيديهم الملطخة بدماء السوريين واليمنيين ما عادت خفية على أحد، ودسّ أنوفهم في شؤون الدول ذات السيادة، وكذلك رائحة أفواههم النتنة التي تتفوّه بما لا يعنيها بطريقة تثير حفيظة المعنيين الذين يطالهم كلام تجار الدماء والنخاسة…

أنظمة انغمست في وحل العمالة، متأسلمة، ترعى في مرابع الخيانة، تخلص لمشغّلها، وتنحدر في محور الشر حتى الثمالة. ما عاد خفيّاً أنهم يحاولون تقويض القوة الإيرانية من خلال ضرب سورية ومحور المقاومة، باعتبار إيران مرتكز إمداده…

ما كان الخوف من إيران حاضراً في ظلّ الشاه، عندما كان الذراع الإقليمي الأقوى في المنطقة، ولم يكن للطائفية حضور وابن الشاه يصاهر الملك فاروق بأخته. وأصبح التحريض المذهبي يتأجج عندما سقط العلم «الإسرائيلي» وارتفع الفلسطيني.

استشرت سياسة التشهير والتكفير المذهبي، وكثرت أسماء المجاميع الإرهابية ما بين «النصرة» و«داعش» و«الجيش الحر»، في سورية والعراق، وأصبحت الدول الداعمة تسفر عن ذاتها وتعترف بمكاتبها الداعمة في دول الجوار غرفة موك مثلاً في الأردن .

تبنّت حكوماتهم مناصبة العداء للدولة السورية أمام الجميع. جُمِّد حضور سورية في ما يُدعى «الجامعة العربية»، والسعودي يخاطب أحد المعارضين بوقاحة، بفخامة الرئيس، متجاهلاً الدولة الشرعية، وفرنسا تقبل تسمية «سفير للمعارضة».

أما تركيا فأعلنت بلسان أردوغان تبنيها دعم الإرهاب، وأدخلت التكفيريين من جنسيات مختلفة إلى الأراضي السورية، فعملوا على تحريض العشائر مغذين العقلية المتخمة بالعشوائية ضدّ الدولة الوطنية، لكنهم سرعان ما استعادوا رشدهم.

أما الجيش العربي السوري، فقد أبدع في مهاراته القتالية، بسرعة التكيّف من جيش نظامي إلى قتال يواجه تلك العصابات الإرهابية. ما جعله يكتب أسطورة التاريخ الحديث، محيّراً أعداءه المستذئبين، المزروعين في الداخل، والمتناثرين خارجاً.

أما العدو الصهيوني فقد فتح لذاته رصيداً عدائياً من نوع آخر مع سورية، أثقل فيه فاتورته بالتعدّي المباشر على بعض المواقع السورية في عملية تخفيف الضغط على شركائه المسلحين في الداخل السوري، وتصعيد عمليات حرق الأطفال في فلسطين.

يتزاحم المشغلون والداعمون للتكفيريين والإرهابيين، بالتباهي بدعم من دعوهم بالمعارضة المعتدلة وتسليحهم بحجة مقاتلة «داعش»، والبعض خرج من التلميح إلى التصريح بأنه يعمل لإسقاط الدولة السورية والرئيس السوري…

بقيت الدولة السورية صامدة وانتهى مناصبوها العداء الواحد تلو الآخر. تغيّرت مواقف الكثير من الدول وعادت إلى مدّ جسور العلاقات مع سورية، ونبذ اللغة التحريضية التكفيرية، وخصوصاً في الإعلام، ولملمة التشظي في بعض الخطابات والأفكارالعشوائية.

ثبت موقف الدول الصديقة إيران وروسيا والصين، إلى جانب سورية لأنهم قرأوا الموقف على حقيقته منذ البدايات، في مواجهة عقد التحالفات أكان ضدّ «داعش» في العراق وسورية كما يدعون، أو ضدّ اليمن لمنع التمدّد الإيراني الذي يدّعون.

ورغم كلّ محاولات الأصدقاء لتقريب وجهات النظر بين الدولة السورية وما يُسمى بالمعارضة خارج حدود الدولة، وإرساء قاعدة أنّ الدولة السورية باقية وصامدة، وأنّ سيادة الرئيس بشار الأسد رئيس شرعي للدولة السورية بإرادة شعبه، يبقى البعض الأحمق الغارق في وهمه وأحلامه العنكبوتية، يضرب رأسه بالجدار السوري الصامد، المجبول بدماء شهدائه، كمن ينفخ في قربة مقطوعة ، أو يصرخ في الصحراء وحيداً، يعلن أنّ على الرئيس بشار الأسد التنحي عن الرئاسة.

أغبياء يستحقون عليها بطاقة معاق فكرياً. هذا المدعو عادل الجبير الوزير السعودي، تائه في بحر رمال مملكته وتحت عباءته المعتوه الآخر الذي زار الكيان الصهيوني، طالباً دعمه ومرتزقته، ضدّ وطنه وشعبه. هل من عته أكبر؟

أما أردوغان الغارق في نتائج انتخاباته الخاسرة، الذي يحاول اليوم تصدير أزمته باجترار موضوع المنطقة العازلة والحشد العسكري على الحدود السورية، وإعادة كسب الودّ الأميركي المشروخ، بفتح قاعدة أنجرليك، محاولاً أيضاً كسب الشارع التركي بالتحريض ضدّ الأكراد، أملاً بصندوقٍ انتخابيّ مطلق لحزبه في الانتخابات المبكرة.

سورية اليوم تدافع عن الأمة العربية وعن الأمة الإسلامية لحفظ الهوية القومية والإسلام الحقيقي، كما جاء في الرسالة المحمدية.

للجميع نقول كلّ الأوراق باتت مكشوفة، وما من أمل لكم في كسب سياسي، لما لم تنالوه بالقوة. فالجيش السوري يقوم بدوره على أكمل وجه، والشعب صامد في وجه الحصار حتى بالجوع الصارخ كما في دير الزور.

سورية الدولة والشعب والقائد باقون، الجيش السوري حاضر على كامل الجغرافيا السورية، ومشروع تقسيم سورية كيدٌ مرتدّ إلى نحر الحالم به، المنطقة العازلة وهم حتى لو أضاءت له أميركا ضوءاً أخضر، والعلم السوري يلتمع بعينيه الخضراوين، يفقأ عيون الكارهين.

أصدقاء سورية إلى جانبها من دون تخلٍّ تحت أي ظرف.

رُفعت الأقلام وجفت الصحف.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى