دي ميستورا… بين الواقع الميداني والوقائع الدولية

فاديا مطر

بعد خرق الهدنة في مدينة الزبداني من قبل المسلحين بتاريخ 15 آب الجاري من طريق التوجيه لمجموعات مسلحة باستهداف مدينتي الفوعا وكفريا في الريف الأدلبي، وقطع مياه الشرب عن معظم أحياء دمشق، تتواصل العمليات العسكرية في مدينة الزبداني مع استمرار تقدم قوات الجيش السوري والمقاومة اللبنانية نحو الحسم الكامل لمدينة الزبداني في ريف دمشق بعد قطع خطوط الإمداد وتقليص تواجد المجموعات الإرهابية في جغرافية متضائلة تدريجياً بغية السيطرة الكاملة على كامل المدينة التي تُعد في الموقع الاستراتيجي المهم ذات قيمة كبيرة بعد معركة القلمون لتوسطها بين دمشق وحمص والساحل في الشمال الريفي لدمشق، فالمدينة البالغة مساحتها ما يقارب 400 كلم كانت في فترة من الفترات ممراً لوجستياً مهماً للمسلحين من لبنان والقلمون، وهو ما جعلها في كفة الميزان «التكنواستراتيجي» للمسلحين وداعميهم ذات قيمة للانطلاق بتحركاتهم، وهو بدوره ما جعل الحركة الإقليمية والدولية دراماتيكية مع خسارتها، فمع إعلان مجلس الأمن في 17 آب الجاري تأييده لمبادرة المبعوث الأممي الخاص بسورية ستيفان دي ميستورا بتشكيل 4 مجموعات عمل مع ممثلي الحكومة والمعارضة السوريتين لتنفيذ بيان «جنيف»، وهو مقترح تقدم به المبعوث الأممي دي ميستورا في 29 تموز الماضي ينص على تشكيل أربع مجموعات عمل ستركز في خطتها على مسائل تتعلق بالسلامة والحماية وضمان وصول المساعدات الإنسانية والطبية والمسائل السياسية والدستورية والعسكرية والأمنية والمؤسسات العامة والتنمية مع التركيز على إعادة إعمار البلاد، فهو برأي مندوب فرنسا الدائم أنه تاريخي لجهة توحُد مجلس الامن منذ عامين في توجيه رسالة دعم للعملية السياسية في سورية، ولكن برأي مندوب فنزويلا رفاييل راميريز فهناك تحفظ على الكثير من بنود بيان مجلس الامن، فهو برأي المندوب الفنزويلي يُشكل سابقة خطيرة جداً «بدعمه عملية انتقالية تنتهك حق السوريين في تحديد المصير» فقد كان وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أكد في 17 آب الجاري إثر محادثات أجراها في موسكو مع نظيره الإيراني أن جميع اللاعبين الدوليين يتفقون حول الحل في سورية في شكله السياسي رغم وجود بعض الخلافات في ما يخص مصير الرئيس السوري بشار الاسد، موضحاً رفض موسكو توجه بعض الشركاء الغربيين والخليجين إلى مطالبة الرئيس الأسد بالرحيل كشرط مسبق لبدء التفاوض، ومؤكداً أن الشعب السوري هو صاحب القرار الوحيد في ما يخص الرئيس الأسد، فقوة البيان الدولي تكمن في شكله الخارجي لجهة القناعة في طرح حل سياسي في سورية يُجمع عليه غالبية مجلس الامن تجاه الدولة السورية وحكومتها، والباطن الخبيث له أنه يتغلغل ثانية الى ما كان أكده وزير الاعلام السوري من إيران منذ أيام بأن «الرئيس الأسد سيبقى رئيساً لسورية حتى يقرر الشعب خلاف لذلك، واصفاً المسارات السياسية الداعية لرحيله» بالخيارات الفاشلة والساقطة»، إذاً البيان الدولي هو «كلمة حق يُراد بها باطل» وقد يُراد منه استباق المبادرة الإيرانية التي طرحتها إيران في 4 آب الجاري ولقاء الثلاثية السورية ـ الروسية ـ الإيرانية في طهران لتحريك مبادرة حل سياسي للنزاع في سورية والتي لم تحمل طابعاً قريباً أو بعيداً يتعلق بمصير الرئاسة بل بتشكيل حكومة وحدة وطنية وإعادة تعديل الدستور السوري بما يتوافق وطمئنة جميع المكونات الطائفية والأثنية في سورية، ومع ما تجدد من زيارة وزير الخارجية الإيراني إلى سورية في 12 آب الجاري وتجديد الدعم الإيراني لسورية في مكافحة الإرهاب الدولي الذي تدعمه أطراف إقليمة بغطاء دولي، وهي زيارة سطرت تحذيراتها بتأجيل الزيارة الإيرانية التي كانت مقررة إلى تركيا، فالدولة السورية كانت طرحت مبادرات عدة للحل السياسي لكنها لا تلبي الحاجات الإقليمية في دعم الإرهاب الذي تحاربه سورية، فهو بشكله الخارجي لا يمكن رفضة سياسياً لكن بإطاره الداخلي الضمني لا يُراد له الحياة لأنه من المسافة الواحدة والقريبة من كل القواعد والقوانين الشرعية الدولية التي تحكم علاقات الدول وتحدد طريقة التعامل، وهذا ما جعل في الامكان دمج المبادرتين الروسية والإيرانية معاً لحل سياسي واقعي وشامل ربما يواجه بقناعاته ما صدر تأييد عن مجلس الأمن، فهل ستحرك معلقة دي ميستورا خليط الازمة المكثف نحو حل ذي طعم ولون ؟؟ أم أن ملامح المرحلة المقبلة تسير بالفعل نحو انعكاس الواقع العسكري على الوقائع الدولية المقبلة؟

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى