تركيا نحو انتخابات مبكرة: أي دور للمؤسسة العسكرية؟
ناديا شحادة
باتت الأمور في تركيا تتجه نحو الأكثر تعقيداً بعد إعلان رئيس حزب العدالة والتنمية احمد داود أوغلو فشله في التوصل مع الاحزاب التي حلت في المراكز الثاني والثالث والرابع لتشكيل حكومة ائتلافية، ومع اقتراب انتهاء الفترة القانونية التي ينص عليها دستور البلاد التركية لتشكيل ائتلاف حكومي وهي 23 آب الجاري، أعاد رئيس الوزراء احمد داود أوغلو رسمياً أمس تفويض تشكيل الحكومة الى الرئيس رجب طيب أردوغان بعد فشل المفاوضات في شأن تشكيل ائتلاف حاكم جديد بحسب ما أعلنت الرئاسة التركية، وبحسب الدستور التركي سيتعين على رئيس الجمهورية أردوغان بعد انتهاء المهلة المحددة لتشكيل حكومة الائتلاف حل حكومة تصريف الأعمال التي يقودها داود اوغلو والدعوة الى تشكيل حكومة موقتة تستمر حتى اجراء انتخابات جديدة، أي الانتخابات المبكرة التي يطمح إليها أردوغان حيث وجد نفسه امام تحديات حقيقية بعد فشل حزب «العدالة والتنمية» في تحقيق غالبية برلمانية في الانتخابات، الامر الذي وضعه امام خيارين إما تشكيل حكومة ائتلافية لا يكون فيها صاحب السلطة المطلقة او السعي الى اعادة الانتخابات. وبما أن اردوغان اعتاد على تجاوز القوانين، قد ينتظر حتى انقضاء المهلة الدستورية في 23 الشهر الجاري ليدعو الى انتخابات مبكرة ويبقي على حكومة حزب «العدالة والتنمية» لتصريف الاعمال والإشراف على اجراء الانتخابات وهذا ما أكدته اوساط المعارضة التركية أمس.
هذه الانتخابات الجديدة التي بذل اردوغان قصارى جهده لدفع البلاد لإجرائها لضمان حصول حزبه على السلطة وحكم البلاد بحزب منفرد ستدخلها تركيا في ظل التدهور في الوضع الاقتصادي، حيث أعلن البنك المركزي التركي في 14 آب خفض الفوائد على الودائع بالدولار للحد من تراجع الليرة التركية غداة فشل المفاوضات السياسية لتشكيل حكومة ائتلافية، وأكد الخبير الاقتصادي في مجموعة فاينانس بنك دنيس تشيتشيك على ان عدم اليقين السياسي سيستمر وهذا الوضع سيترجم بضغوط على النشاط الاقتصادي باتجاه التراجع ويجعل اسواق المال اكثر قلقاً.
إضافة الى الاضطرابات الأمنية التي تشهدها البلاد والتي وصلت الى أبعاد خطيرة وأصبح الخوف والقلق يسيطران على المجتمع التركي، الذي يعيش مخاض الحرب ضد حزب العمال الكردستاني، بعد تعليق الهدنة بين انقرة والحزب، وتهديدات تنظيم داعش الذي نشر شريط فيديو أول من أمس الثلاثاء يدعو فيه الى غزو إسطنبول وإعلان الحرب ضد الخائن اردوغان حسب ما ذكرت صحيفة «ميلييت» التركية.
في ظل الوضع الاقتصادي المتدهور وكذلك الوضع الامني المقلق الذي تعيشه البلاد نتيجة ما تتعرض له من هجمات واعمال عنف تكون تركيا خسرت كل ما جنته خلال العقود الماضية، ويتساءل المراقب للشأن التركي كيف سيكون موقف الجيش التركي وما الاجراءات التي سُيقدم عليها امام التحديات التي تعيشها البلاد؟ فالمتغير الأبرز في تركيا الذي بات ظاهراً هو عودة العسكر الى واجهة الأحداث مرة اخرى بعد ان خفت صوت المؤسسة العسكرية طيلة حكم حزب «العدالة والتنمية» وتقلص نفوذها في رسم السياسات، حيث عارضت هيئة الاركان التركية توجه الحكومة والرئاسة في تركيا برسم سيناريو تدخل عسكري ضد الأكراد في سورية وفق ما أعلنت مصادر صحافية، مؤكدة تلك المصادر ان المؤسسة تظهر اليوم في صورة مغايرة، فهي تعمل على ضبط تهور الطبقة السياسة الحاكمة في تركيا، فالمؤسسة العسكرية ذات التاريخ الحافل في التدخل بالحياة السياسية هل ستكون صوت العقل الذي يحمي تركيا من انزلاقات الحكومة وتعمل على إعادة التوازن للبلاد؟