إرهاب ضدّ الحضارة

طلال معلا

إن القضية صارت واضحة وجليّة. فالمستهدَف يتمثل بالحضارة السورية العريقة بكلّ جوانبها الأرض، الثقافة، الخبرة . وكل شيء يمتّ لسورية بِصلة، ويلامس أشكال الحضارة السورية والإنسانية.

إنّ استهداف عالم الآثار خالد الأسعد، لهو انتقام من الشكل الحضاري لسورية، وانتقام من المستوى الثقافي السوري، ومن الاهتمام العالمي الذي حصلت عليه سورية ما قبل الحرب في المجالين الثقافي والحضاري. فهذه الحضارة تؤذي «داعش» ومن يقف وراءه، ويوضح إجرامهم للرأي العام العالمي.

سورية مولد الأمن والأمان، ويتم اليوم الاعتداء عليها وعلى قيمة عربية كبيرة وشخص ذي موقع هام في مجال الآثار في سورية. هذه الهجمة الإرهابية إنما هي ضدّ الإنسان أولاً، وضدّ الحضارة ثانياً.

نحن اليوم نطالب الدولة والمجتمع بحماية المثقفين. إذ إننا نواجه اليوم هذا الإرهاب الذي صار معروفاً بأنه لا يخضع لأيّ ضوابط، ويضرب عرض الحائط كلّ المعايير الدولية، ولا يأبه بالمنظمات الدولية، ويجتاح بجرائم كجريمة اغتيال العالم الأسعد، كل القيم الإنسانية عموماً والسورية خصوصاً.

إنّ دور المثقف اليوم يكمن في أن يؤمن أكثر بذاته وبهويته. فالوطن ليس أرضاً فقط. الوطن هو الثقافة والتفاعل والهوية. وحماية هذه الذات المركّبة تأتي من خلال التضامن بين المثقّفين والمجتمع.

المجتمع المسؤول حتى نستطيع قيادة الحاضر والمستقبل بشكل سليم وسويّ. فحماية الإنسان هي الأساس كما حماية التراث والآثار. ولا بدّ من ظهور مؤسسات لحماية الإبداع والمبدعين في سورية. فهذه الحرب طاولت المبدعين في المجالات كافة، وبعدّة طرق كالتهجير والقتل والذبح. ولا بدّ من حماية هذه العقول مجتمعياً وحكومياً حتى نتمكن من حماية الوطن.

مدير وحدة التراث الثقافي في سورية

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى