تركيا والانتخابات المبكِّرة

حميدي العبدالله

لوّح رئيس حزب العدالة والتنمية رئيس حكومة تصريف الأعمال أحمد داوود أوغلو باللجوء إلى خيار الانتخابات المبكرة بعد أن فشل حزب العدالة والتنمية، صاحب أكبر كتلة برلمانية، في تشكيل حكومة ائتلافية.

لكن هل تهديد داوود أوغلو جدي، أم أنه دون الانتخابات المبكرة عقبات؟ وما هي هذه العقبات؟

لا شكّ أنه منذ اللحظة الأولى لإعلان نتائج انتخابات 7 حزيران بدأت تراود أذهان أردوغان وقادة حزبه فكرة الانتخابات المبكرة، وحتى قبل استكمال المسار الدستوري الذي يلزم أردوغان قبل الذهاب إلى انتخابات مبكرة تكليف زعيم ثاني أكبر كتلة برلمانية بالسعي إلى تشكيل الحكومة الجديدة، وعند فشله يمكن تعيين موعد إجراء انتخابات جديدة بعد صدور قرار بحلّ البرلمان، على أن يحظى هذا القرار بموافقة غالبية أعضائه، لكنّ حزب العدالة والتنمية يلوح بخيار الانتخابات المبكرة قبل اجتياز كلّ المراحل التي نصّ عليها الدستور.

لكنّ قرار حلّ البرلمان ليس في يد حزب العدالة والتنمية بمفرده، فإذا لم توافق الأحزاب الثلاثة الأخرى التي تشكل غالبية أعضاء البرلمان، سيكون من الصعب حله وتعيين موعد لإجراء انتخابات مبكرة.

يبدو أنّ حسابات الأحزاب الثلاثة في هذه اللحظة لا تشجع على العودة من جديد وفي وقت قصير إلى صناديق الاقتراع. فحزب الشعب الجمهوري عارض صراحة هذا الخيار، والأرجح أنّ حزب الشعوب الديمقراطي الذي يمثل المناطق ذات الغالبية الكردية لن يوافق على حلّ البرلمان، حتى وإن كانت حساباته تشير إلى عدم خسارته الأصوات التي حصل عليها في انتخابات 7 حزيران. أما حزب الحركة القومية، فهو الآخر يخشى من خيار الانتخابات المبكرة لأنه هو المستهدف بالدرجة الأولى من هذا الخيار، فمن المعروف أنّ المكاسب التي حققها حزب الحركة القومية جاءت من صفوف مؤيدي حزب العدالة والتنمية، وتحديداً من العناصر القومية التي كانت تحتجّ على سياسة حزب العدالة والتنمية إزاء الأكراد، وإجراء الانتخابات من جديد في ظلّ الصدام بين الجيش والأكراد وسقوط قتلى من الطرفين قد يصبّ في مصلحة استعادة حزب العدالة والتنمية بعض الأصوات التي خسرها وعزّزت حصة الحركة القومية في البرلمان الحالي. وفعلاً، فقد أبلغ زعيم حزب الحركة القومية دولت بهشتلي داوود أوغلو رفض الحزب للانتخابات المبكرة.

وإذا كانت مصالح الأحزاب الثلاثة التي تمثل الغالبية لا تؤيد حلّ البرلمان، سيكون من الصعب على الرئيس التركي، أو أي جهة أخرى، فرض مثل هذا الخيار، ثم أنّ حزب العدالة والتنمية ذاته يعيش حالة من اللايقين في ظلّ التدهور الاقتصادي والأمني، وغياب حال الاستقرار، وخيار الانتخابات المبكرة هو مغامرة يجب أن تُحسب بدقة لأنّ عدم تحقيق مكاسب في انتخابات جديدة، أو تسجيل مزيد من الخسائر، ينهي الحزب ويفجِّر أزماته.

هذه الحسابات تجعل الانتخابات المبكرة خياراً دونه الكثير من الصعوبات.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى