سرّ سورية
كان بوذا ذات يوم يتمشّى في الريف، فقابل مزارعاً في طريقه. فانبهر ذلك المزارع بإطلالة بوذا وكأن نوراً ساطعاً يحيط به.
فسأله المزارع: «من أنت يا صديقي؟ فأنا أشعر أنني أقف أمام ملاك أو إله ينبع النور من وجهه!».
فأجابه بوذا: «أنا لست أيّاً من هذين».
فقال المزارع: «لعلك مشعوذ ذو قوة خارقة؟».
فأجاب بوذا: «لست كذلك أيضاً».
فاستغرب المزارع وأردف قائلاً: «إذاً، ما الذي يجعلك مختلفاً جدّاً عن الآخرين لدرجة يلاحظها حتى فلاح بسيط مثلي؟».
فأجاب بوذا: «أنا مجرّد شخص أوقِظَ ليرى الحياة على حقيقتها. هذا كلّ ما في الأمر. لكنني أقول ذلك للجميع ولا أحد يصدقني».
كلّ العالم يراقب بدهشة سنبلة القمح سورية، ويستغربون من أين أتت كل هذه القوة، ومن أين ينبع كلّ هذا الصمود الذي لم يكن يتوقّعه أعتى المحللين لديهم. وكانوا ينتظرون سقوطها بعد أسابيع أو أشهر في أحسن الأحوال. ومُجدّداً ضربنا بأوهامهم عرض الحائط، وكنّا منذ البداية نقول إنّ سورية مختلفة، وكانوا يهزأون ويقولون كلّ البلاد متشابهة، ولا يمكنها الصمود أمام اجتماع العالم ضدّها. وأثبتنا مجدّداً أنّهم لا يفقهون.
سورية ليست مجرّد بلد، إنما هي روح خالدة وصانعة تاريخ شاء من شاء وأبى من أبى. وعلى رغم أن الحرب عليها اليوم هي من أخطر الحروب التي تُشنّ لأنها ليست عبارة عن مواجهات بين الجيوش، إنما هي مواجهة بين جيشنا وبين مرتزقة مدرّبين ليصبحوا بديلاً عن الجيوش النظامية في الكثير من الحروب الحديثة للتخفيف من سخط الشعب الأميركي على استهلاك جنوده في حروب مُهلكة. إضافة إلى متطرّفي «القاعدة» والإخوان المسلمين الذين تدرّبوا على حرب الشوارع والعصابات، ولا يأبهون بمن يقتلون في سبيل تحقيق الأهداف الصهيو ـ أميركية. ولكن، مع ذلك، استطاع جنودنا أن يكونوا على قدر المسؤولية. واستطاع شعبنا أن يقاوم على طريقته الحروب الإعلامية والطائفية التي تُشنّ بالتوازي مع القتل والتدمير.
لمن لا يزال يستغرب تفرّد سورية وتميّزها نقول لهم: لقد رضعنا من أمهاتنا الكبرياء، وتعلّمنا من جبالنا الشموخ، ومن تراب أرضنا المرويّ بدماء الشهداء على مرّ الأزمان أن أرضنا مقدّسة ليست للبيع. وتعلّمنا من جحافل الغزاة التي خرجت مدحورة مهزومة مُذلولة بالعار، أن سورية لا تُمسّ ولا تركع. وتعلّمنا من المنبطحين أنّ ثمن الوقوف غالٍ، ومن العبيد أن حرّيتنا أثمن من أن نفرّط بها، ومن جواري أميركا وغلمان الصهيونية ومخصيّي الأعراب أن الرجولة طريقة حياة لا استعراضات أموال. ولذلك، سنبقى نبعث الدهشة يوماً بعد يوم، وسنبقى متفرّدين في اختلافنا أقوياء في مواقفنا. وستبقى سورية تشعّ نوراً حتى لو غرق العالم كلّه في الظلام.
صباح من صارت بطولاتهم أساطير تُروى… صباح من بذكرهم يُقدَّس الكلام… صباح الجيش السوري الأبيّ.
وفاء حسن