ماذا حصل في جرود عرسال تفاصيل وأسماء؟
باريس نضال حمادة
يتواجد في متاهات جبال القلمون حوالي ستمئة مسلح يتوزعون في التلال والوديان بين جرود عرسال وجرود القاع في البقاع الشمالي، وفي بعض وديان وتلال القلمون السورية واللبنانية، وهذه المجموعات من المسلحين تعيش حالة من التشرد وعدم وجود هدف محدد لها بعدما سيطر حزب الله والجيش اللبناني على كل المرتفعات والممرات الاستراتيجية الواصلة بين المدن والجرود، من الجهة اللبنانية وبعدما سيطر الجيش السوري وحلفاؤه على الأماكن التي تحمل المواصفات ذاتها في الجانب السوري من سلسلة جبال القلمون.
أدى هجوم المقاومة والجيش السوري في الربيع الماضي إلى إرساء معادلة جديدة في القلمون ثبتت منذ عدة أشهر، بعد مقتل غالبية الكادر القتالي المهم في الجماعات المسلحة في القلمون وفرار آخرين إلى مناطق أخرى في سورية، وذوبان البعض في عرسال، ما جعل من العدد الباقي من المسلحين في وضع منتهٍ ويائس لناحية البقاء والصمود في الجبال، خصوصاً أن البنية التحتية القتالية انتهت بفعل التدمير الذي لحق بها جراء الهجوم الذي شنته المقاومة والجيش السوري نهاية الربيع الماضي، والسبب الثاني هو إحكام الجيش اللبناني السيطرة على كل المعابر والمنافذ المحيطة بعرسال والتي كان يحصل المسلحون عبرها على الإمداد بالمؤمن والذخائر وكل ما يحتاجونه تقريباً، والسبب الثالث هو إحكام الطوق على مدينة الزبداني وقرب تحريرها من قبل الجيش السوري وحلفائه. وكانت مدينة الزبداني شريان المسلحين الحيوي من الداخل السوري، وقد أمن لهم موقعها الجغرافي التواصل مع الريف الدمشقي ومع مناطق في البقاع الغربي والأوسط في لبنان، وكانت تمدهم بالمقاتلين في أوقات المعارك الصعبة كما حصل في معركة يبرود ومعارك القلمون السنة الماضية وهذه السنة.
هذا الوضع الجديد، أدخل اليأس إلى نفوس المسلحين التكفيريين في الجرود، وقد ضاقت الدنيا بهم بما رحبت، وأصبحوا تائهين في تضاريس الجرود من دون استراتيجية واضحة، ومع عدم وجود أي مؤشر لتغيير في المعادلة، فضلاً عن اقتراب فصل الخريف في جبال القلمون وبردها القارس، حيث من المتوقع أن يكون الشتاء المقبل قارصاً مثل الشتاء الذي سبقه، ما دفع هؤلاء إلى البحث عن مخرج بكل السبل، وهذا ما شهدته المنطقة في الأيام القليلة الماضية، حيث حاول ما يقارب حوالى المئة وخمسين مسلحاً، التسلل إلى بلدة عرسال عبر جرودها، فرصدتهم مواقع الجيش اللبناني المتواجدة في المنطقة، واشتبكت معهم طوال الليل، حيث انسحبوا مع بزوغ الفجر، إلى قلب الوديان، تاركين جثتين في أرض المعركة لم يتمكنوا من سحبهما، وتعود الجثتان لشخصين من مدينة القصير هما محمد الكنج وعلي المطاوع وتقول المصادر الميدانية أن المسلحين هربوا إلى وادي رافق في جرود عرسال حيث يتجمع عدد كبير منهم هناك، باحثين عن مخرج من الحصار والمتاهة التي يعيشونها، وتشير أيضاً إلى أن لديهم خيارات ثلاثة هي:
أ محاولة التسلل إلى عرسال أو شن هجوم عليها وهذا يعد محاولة انتحار جماعية وهم يعرفون نتائجها سلفاً.
ب- التوجه نحو معبر جوسية عند سفح جرود القاع وهذه المنطقة أصعب عليهم من مدينة عرسال بسبب وجود الجيش السوري والمقاومة فيها في شكل قوي وثابت بينما لا يتواجد أي من الطرفين في عرسال، كما أن الصعوبة تكمن في بعدها بعض الشيء عليهم، وهي لن تفيدهم في مأزقهم وذلك لعدم وجود مناطق حضرية تستقبلهم.
ج محاولة الخروج من جبال القلمون باتجاه القلمون الشرقي حيث سيكونون عرضة لنيران الجيش السوري المتمركز في مواقع على طول الخط الذي سيكون خط سيرهم الإجباري.
في المحصلة تتوقع المصادر الميدانية أن يعاود المسلحون محاولاتهم للخروج من عنق الحصار الذي يضيق عليهم، وتتوقع انتهاء ظاهرتهم في القلمون مع حلول فصل الشتاء المقبل.