رايس والدعم الفتاك: ضوء أخضر أم أن المهمة تقترب من نهايتها؟!
عامر نعيم الياس
قالت مستشارة الأمن القومي الأميركي سوزان رايس في تصريح لشبكة «سي إن إن»: «إن الولايات المتحدة ضاعفت دعمها للمعارضة المعتدلة، وزودتها بدعم فتاك وغير فتاك، حيث ما أمكنها تقديم العون للمدنيين وللمعارضة المسلحة»، إذاً هذا أول اعتراف من قبل الإدارة الأميركية بتقديم أسلحة نوعية للمعارضة «المعتدلة» في البلاد، بعد أن كانت التصريحات السابقة كافة الصادرة عن الإدارة تؤكد المساعدات غير الفتاكة وضرورة الحصول على ضمانات بعدم وقوع الأسلحة بيد المتطرفين. ما سبب هذه التصريحات؟ ولماذا الاعتراف الآن؟ هل نحن أمام تغيّر تدريجي في استراتيجية الرئيس الأميركي باراك أوباما في سورية بحسب توصيف صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية لخطاب الرئيس في أكاديمية وست بوينت، أم أننا أمام تصريح لقطع الطريق على من يطالب بالتسليح الذي حدث فعلاً؟
قبل الدخول في الهدف من وراء التصريحات، فإن توقيتها أتى بعد سلسلة من التطورات والتصريحات أهمها:
– كلمة أوباما في الأكاديمية العسكرية في وست بوينت، وتحديده الأطر العامة لمحددات السياسة الخارجية الأميركية حتى نهاية ولايته بعد عامين من الآن، سياسة «أقل عسكرية» بحسب «ليبراسيون» الفرنسية، تضع حداً لحقبة بوش الابن وترسم معايير محددة للتدخل العسكري الأميركي في دول العالم، لا تنطبق على الحالة في سورية تحديداً.
– تصريحات السفير الأميركي السابق في سورية والمسؤول عن إدارة المعارضة السورية روبرت فورد التي انتقد فيها سياسة الرئيس الاميركي بشأن سورية قائلاً: «كان علينا منذ وقت طويل مساعدة المعتدلين في صفوف المعارضة السورية بالأسلحة والمساعدات الأخرى غير الفتاكة، لو فعلنا ذلك قبل عامين لما استطاعت القاعدة التي تكسب أتباعاً وأن تنافس المعتدلين الذين نتفق معهم في كثير من الأمور».
– التسريبات الإعلامية والتي احتلت حيزاً بارزاً من تغطية الصحافة الغربية والمتعلقة بما ورد في مذكرات وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون حول «رفض الرئيس أوباما تسليح المتمردين السوريين» على رغم تأييد وزيرة خارجيته لهذا الأمر.
– مشهد الانتخابات الرئاسية السورية الذي دفع الإعلام الغربي مرغماً إلى عدم تجاهله، خصوصاً الأميركي منه، حيث عنونت «واشنطن بوست» أحد تقاريرها «الانتخابات تظهر عمق الدعم الشعبي للأسد».
من الواضح أن تصريحات رايس تأتي لمواجهة الحملة الشرسة التي تشنّ على الرئيس الأميركي سواء من داخل حزبه أو من المحافظين الجدد وأتباعهم داخل الإدارة الأميركية، حملة يعتقد بالدرجة الأولى أنها لأسباب داخلية وانتخابية، وفي هذا السياق علقت «لوفيغارو» الفرنسية على مذكرات كلينتون معنونةً: «عبر مذكراتها: هيلاري كلينتون تحضّر لمستقبلها الرئاسي» هذا من جهة، ومن جهة أخرى لم تحدد مستشارة الأمن القومي الأميركي توقيت تسليح المعارضة السورية بأسلحة فتاكة وكيف تم ذلك ومنذ متى، وهو أمر يرجّح فرضية أن تكون رايس قصدت من وراء التصريح قطع الطريق على الذين يحاولون استغلال ملف التسليح لمصلحتهم مستغلين تركيز الخطاب الرسمي الأميركي، ما قبل تصريحات رايس على عدم التسليح، والحديث فقط عما يسمى «مساعدات غير قاتلة»، واليوم يأتي تصريح رايس ليقول نحن سلّحنا المجموعات التي يطالب معارضونا بتسليحها وهذه هي النتيجة التي وصلنا إليها، لا شيء تغيّر في موازين القوى على الأرض، بل التراجع في مواجهة الجيش السوري كان السمة الأبرز لأدواتنا المسلحة في الداخل السوري، فهل بإمكان من تطالبون الآن بتسليحهم أن يفعلوا شيئاً، هل يغيّر ضخ مزيد من الأسلحة لهم شيئاً على الأرض؟
مما لا شك فيه أن الإدارة الأميركية مستمرة حتى اللحظة في تنفيذ استراتيجيتها الخاصة باستنزاف سورية، استراتيجية تهدف اليوم وبعد نتائج الانتخابات الرئاسية إلى تسعير العنف في محاولة «لتغيير موازين القوى على الأرض من أجل التفاوض» بحسب تصريحات مصدر سوري معارض لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية، بعد أن تم تجديد التفويض السياسي للدولة السورية. هو ضوء أخضر لمزيد من العنف على الأرض واعتراف بتسليح قائم منذ البداية ولكن لا يمكن أن يستمر طويلاً، أو يستخدم للمزايدة على إدارة راهنت قبل غيرها على إسقاط نظام الحكم في سورية عبر دعم التمرد المسلح من دون جدوى.
كاتب سوري