الصواريخ الذريعة والصديق وقت الضيق

د. سليم حربا

لا شك في أنّ الكيان «الإسرائيلي» مأزوم بعد تحطّم أحلامه وسقوط ما كان يُسمّى عاصفة الجنوب، وعجز مجاميع إرهابه عن تحقيق أهدافه بالسيطرة على درعا وإقامة المنطقة العازلة والجدار الخبيث. وفي الوقت نفسه يرى كيان العدو أنّ أكبر وأخطر مجاميع الإرهاب التي كان يُعوّل عليها في القلمون تحتضر الآن في الزبداني وتلفظ أنفاسها، ما يشكّل له كابوساً ليس فقط لانهيار مشروعه في القلمون، بل لأنه يخشى إجابة الجيش السوري والمقاومة على ما بعد القلمون والزبداني، لأنّ معركة الزبداني في خواتيمها، ولم ولن تستطيع هستيريا الإرهاب في وادي بردى والغوطة الشرقية وداريا وصولاً إلى حمص وإدلب أن توقف قرار الجيش السوري والمقاومة بإنهاء هذه المعركة والانتقال إلى ما بعدها بنوعية مقاتلين لا يوجد أمامهم صعب أو مستحيل.

هذا ما دفع الكيان «الإسرائيلي» إلى الاستعانة بصديق وقت الضيق وأعطى أوامره إلى حليفه وأداته المتمثلة بـ«جبهة النصرة» في ريف القنيطرة لإطلاق صواريخ عدة ليتّخذها ذريعة لشنّ عدوان يخطط له لتحقيق أهداف عدة تبدو واضحة ولا تحتاج إلى كثير من التحليل، وتُذكّرنا هذه الذريعة بمسرحية حقان فيدان وأردوغان عندما أرادا أن يرسلا إرهابيين إلى إدلب لإطلاق صواريخ على الأراضي التركية كذريعة للتدخّل العسكري.

لقد سارع العدو فوراً وبشكل معدّ مسبقاً إلى اتهام حركة الجهاد الإسلامي، وتحميل سورية المسؤولية، وبدأ العدو بإطلاق بعض القذائف على المواقع السورية وبدأ يُصعّد تهديداته، لكن ما هو معروف ومكشوف أنّ قوات الكيان الإسرائيلي كانت قد بدأت منذ أسابيع بتنفيذ مشاريع وتدريبات للفرقة 210 والفرقة 36 وألوية النخبة والقوات الخاصة في الجولان على أعمال اقتحام وتوغّل في الأراضي السورية وسيناريو السيطرة على تل الحارة وتل مسحرة وتل الجابية، وفي الوقت نفسه بدأ التصعيد والتهويل المسرحي الإعلامي الصهيوني يُحذّر من وجود «جبهة النصرة» و«داعش» في المنطقة الجنوبية، وأنها تملك أسلحة كيماوية، وأنّ ما يُسمّى «الأمن القومي الإسرائيلي» بات مهدّداً، متناسياً أنّ دور «جبهة النصرة» مكشوف ومعروف أيضاً، كونها تشكل في الوقت نفسه ذراعاً لتنظيم «القاعدة» الإرهابي، وذراعاً وقدماً لكيان العدو في الجنوب، إذاً فإنّ هذه المسرحية التي ألّفها وأخرجها كيان العدو بأيدي «جبهة النصرة» تهدف إلى التسلق على هذه الذريعة لتنفيذ عدوان على سورية والتوغل في الأراضي السورية وتعويض ما أخفق به الوكيل بإقامة منطقة عازلة وخلط الأوراق، ومحاولة منع الجيش السوري والمقاومة من إتمام معركة الزبداني، ومحاولة فتح جبهة جديدة لتخفيف الضغط عن مجاميع ومشروع الإرهاب الذي يندحر أمام تقدّم الجيش العربي السوري.

ويأتي سيناريو العدوان المحتمل كتجريب لاستراتيجية كيان العدو الجديدة والمعلنة استراتيجية ايزنكوت بالاعتماد على القوات الخاصة وقوات الاقتحام، لتنفيذ إمّا هجوم جوي وبري أو هجوم جوي يستهدف أهمّ نقاط القوة للجيش السوري في المنطقة الجنوبية لتمكين المجموعات الإرهابية من الانتقال إلى الهجوم، وتحقيق ما يتمّ رسمه لها من قبل كيان العدو «الإسرائيلي»، وفي المقلب الآخر التذرّع «الإسرائيلي» بتنفيذ ضربات نارية على مواقع الجهاد الإسلامي في غزة لتطويعها وترويعها لأنها لم تذهب مع حركة حماس بخيار التسوية القطرية السعودية في تصفية المقاومة والقضية الفلسطينية.

وقد جاءت مقدّمات ذلك في تصريح وزير خارجية السعودية في موسكو بأنه يريد إحياء ما سمّاه المبادرة العربية، إضافة إلى أنّ كيان العدو «الإسرائيلي» يهدف من ذلك السيناريو في حال حدوثه خلط الأوراق تمهيداً لامتلاك أوراق جديدة قبل التسويات الكبرى، ومحاولة التفاوض على الانسحاب من المناطق التي يمكن أن يدخلها بدلاً من الانسحاب من الجولان، وأيضاً كسر الخوف والتردّد التركي بالتدخل العسكري لإقامة ما يُسمّى المنطقة العازلة في الشمال.

إذاً، كيان العدو يعدّ لتصعيد خطير وكبير ضدّ سورية وفلسطين والمقاومة في لبنان ومحور المقاومة بشكل عام، وهذا يتطلب استراتيجية موحدة ومشتركة للصدّ والردّ لكي لا يحقّق العدو أهدافه.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى