الانفتاح السوري الواضح: ذهنية منتصر
يبدو النظام السوري كما يعرفه خصومه الأكثر انفتاحاً واندفاعاً للتعاون من أجل الحلّ في سورية، لازمة طالت ولامست السنوات الخمس على الرغم من اتهامه سابقاً بعدم التجاوب مع مبعوثي الأمم المتحدة كوفي انان والاخضر الابراهيمي اللذين ما لبثت الامم المتحدة ان استبدلتهما بالمبعوث الاممي الحالي ستيفان دي ميستورا.
لم يسلك المبعوثان الامعان بداية الخط الحيادي الكفيل بالمحافظة على مصداقية يحتاجها طرفا النزاع للشعور بالأمان والتقدّم نحو حلول جدية، وذلك يعود إلى قرار دولي أممي بالانحياز لصالح اسقاط الدولة السورية والرئيس بشار الأسد، وكان ذلك جديا وقد شهد العامان الاولان من عمر الازمة كباشا ًحاداً في أروقة الأمم المتحدة بنيويورك بين ممثل سورية السفير د. بشار الجعفري وممثلي الدول من سفراء ووزراء خارجية كان أبرزهم وزير خارجية قطر حمد بن جاسم، كلّ هذا بالاضافة الى الفيتو الذي رفعته الدول الحليفة لسورية بشكل فاجأ المجتمع الدولي لشدّة التمسك بالرئيس الأسد، وكان أن توالى الفيتو الروسي – الصيني الشهير لعدة مرات.
تبدو الامم المتحدة اليوم، كما دائماً، مسيّسة بكلّ ما للكلمة من معنى، وإنْ كانت هذه المرة من الجهة المعاكسة للسنوات السابقة فقد تجنّبت الجلسة الأخيرة التوجه نحو تصعيد المواقف نحو سورية ولم تأت للمرة الأولى على ذكر حلّ سوري من دون الأسد، كلّ هذا يؤشر الى تغيّرات ما في هذا العالم، انه تغيير اميركي فرضه واقع جديد وهو صمود سوري واتفاق مع الايرانيين لحلّ المشكلة النووية.
إدارة أوباما التي تقرأ الأحداث جيداً توجهت نحو آلية حلّ سياسي في سورية يكون الرئيس الأسد فيها جزءاً أساسياً، هذا ما أكده أوباما في حديثه لقناة «سي ان ان» الاميركية، وبين سطور الكلام وابعاده، يبدو ذلك في تأكيده على انّ الاتفاق النووي مع إيران فتح آفاقاً جديدة للحلّ في سورية، واذا أراد أوباما الحديث مع إيران عن سورية فإنه يعرف انه سيتحدّث مع إيران عن حلّ تحت سقف الأسد!
الكباش الدولي اليوم حول الاستفادة من أشهر قليلة مقبلة لتجميع نقاط، يبدو واضحاً التصعيد التركي والسعودي والإسرائيلي بشأنها على مختلف الجبهات، لا يعني تراجعاً اميركياً عن الحلّ السياسي في ظل الأسد، رغم عدم معارضتها محاولات الحلفاء لتجميع نقاط تفاوضية. في المقابل فإنّ التصعيد الكلامي للحكومة السورية تجاه السعودية وتركيا وحتى المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا الذي حاول بتصريحات نافرة التصويب على الدولة للمرة الأولى عبر اتهامها بقصف مدنيين في دوما، وهذا أيضاً لا يعني رفضاً سورياً للحلّ.
تشهد سورية اليوم انفتاحاً غير مسبوق منذ بداية الأزمة على عواصم القرار الأممي والاقليمي، لكن اللافت عدم تسكيرها او رفضها لاي نوع من انواع المساعي السياسية المفيدة من اي جهة كانت، فهي تمدّ اليد للسعودية وتفتح اليد لمصر بدعوة واضحة من وزير خارجيتها وليد المعلم للعب دور محوري في الحلّ، وتزور سلطنة عُمان للتأكيد على قبول الوساطات الصادرة عن الحلفاء ولا تعارض ايّ مشاركة تركية ضمن حدود حفاظ السيادة السورية.
الانفتاح السوري اللافت اليوم يؤكد على ذهنية منتصر ومرتاح مستعدّ للحديث بهدوء حول الحلّ، لا هروبا ولا تقاعسا بل مواجهة المفاوضات للوصول إلى حق سيادي بحت بكل جدية ودقة.
الانفتاح السياسي السوري وحراك حلفاء سورية بين مبادرات واتصالات دولية كثيفة دليل واضح على تهيئة أرضية اقليمية ودولية لحلّ جدّي يعرف كلّ الأطراف انه يتحضّر على صفيح ساخن.
«توب نيوز»