الدولة السورية ردّت وستردّ على العدوان الصهيوني بطريقتها الخاصة
هشام الهبيشان
في هذه المرحلة تحديداً من عمر الحرب المفروضة على الدولة السورية نستطيع أن نرسم خطوطاً عامة للأحداث كافة التي عشنا تفاصيلها بالساعات وبالأسابيع والاشهر القليلة الماضية، ولنبدأ برسم هذه الخطوط العامة، من خلال تطورات أحداث وأبعاد وخلفيات «العدوان الصهيوني على مدينة القنيطرة السورية».
عاد من جديد الكيان الصهيوني ليمارس دوره القديم الجديد في إعادة صياغة ورسم ملامح جديده لأهدافه واستراتيجياته للمؤامرة القديمة الجديدة على الدولة السورية بكلّ أركانها، وخصوصاً بعد أن قام الطيران الصهيوني بضرب مجموعة مواقع عسكرية ومدنية داخل الأراضي السورية، وتحديداً بمدينة القنيطرة جنوب سورية، هذا العدوان الصهيوني لا يوضع إلا بخانة دعم المجاميع المسلحة المتطرفة والتي شارفت جميع حصونها وبؤرها على الانهيار، خصوصاً في ظل تصاعد دراماتيكي لقوة صمود الدولة السورية، ومع بروز مؤشرات انتصارها على هذه المؤامرة الكبرى، وبعد الصمود الأسطوري على الأرض للجيش العربي السوري، وانهيار البؤر الإرهابية في عدد من المناطق، واتساع حجم انتشار استراتيجية المصالحة الوطنية والمجتمعية بالدولة السورية بالكثير من مناطق الجغرافيا السورية.
وهنا نقرأ في خلفيات وأبعاد العدوان، فبعد فشل وكلاء الكيان الصهيوني ومجاميعهم المسلحة باستراتيجية مسك الأرض بسورية والتقدّم، فنرى أنّ حصونهم تنهار واحدة تلو الأخرى تحت ضربات الجيش العربي السوري وقوى المقاومة، في دمشق والقلمون والزبداني وريفي حماة الشمالي والغربي ـ وريف إدلب الغربي ودرعا والقنيطرة وريف اللاذقية الشمالي، إلخ… ومن هنا تيقن الكيان الصهيوني وقادته أن الرهان على وكلائهم وأدواتهم على الأرض السورية هو رهان فاشل وبخاصة بعد معركة «الزبداني» التي كانوا يراهنون على نتائجها، لتنهار كل رهاناتهم بعمليات نوعية وخاطفة للجيش العربي السوري وقوى المقاومة بعموم مناطق الزبداني، وها هي طلائع الجيش العربي السوري وقوى المقاومة قد شارفت على حسم المعركة ببلدة الزبداني، ومن هنا قرر الصهاينة التدخل مباشرة في سير المعارك على الأرض، لإنقاذ أدواتهم ومجاميعهم المسلحة ورفع معنوياتهم المنهارة، ولفرض واقع جديد عسكري وسياسي بما يخص فصول الحرب على سورية.
الصهاينة بدورهم حاولوا وما زالوا يحاولون المسّ بوحدة الجغرافيا والديمغرافيا للدولة السورية، فالكيان الصهيوني أظهر منذ بداية الحدث السوري رغبته الجامحة بسقوط سورية في أتون الفوضى، ودفع كثيراً باتجاه انهيار الدولة والنظام السياسي، فكانت له صولات وجولات في هذا السياق، ليس أولها ضرب جمرايا إسناداً للجماعات المتطرفة في دمشق في محاولة يائسة حينها لإسقاط دمشق وليس آخرها ما جرى من أحداث في القنيطرة، وإسناد المتطرفين في حربهم ضد الجيش العربي السوري والاشتراك بشكل مباشر بمجريات المعركة في الجنوب السوري.
بعد معارك أرياف القنيطرة الأخيرة، مروراً بعاصفة الجنوب ومعارك أرياف درعا، انطلاقاً إلى معارك تلال المال والحارة الاستراتيجية، وصولاً إلى المعارك التي دارت حول معبر نصيب الحدودي مع الأردن، إلى معارك جبل الشيخ، ووصولاً إلى معارك ريف درعا الغربي، فهذه المعارك بمجموعها توضح ان هذه المعارك تدار برؤية استراتيجية صهيونية بالشراكة مع من يدير هذه المجاميع المسلحة المتطرفة.
ومع هذا الدعم والتمويل والكم الهائل من الإمداد اللوجستي الذي يقوم به الصهاينة من خلال دعم المجاميع المسلحة المتطرفة بالمال والسلاح، بات واضحاً أن الهدف من هذا الدعم هو رفع معنويات سقطت تحت ضربات الجيش العربي السوري، واليوم هم يحاولون قدر الإمكان إخراج هذه المجاميع المسلحة من غرف الإنعاش التي وضعتهم فيها قصة وملحمة الصمود للدولة السورية بكل أركانها، وكل هذه المحاولات لن تؤثر ولن تثني من عزيمة الدولة السورية المصرة على قطع دابر الإرهاب وداعميه ومحركيه ومموليه عن الأرض السورية.
لقد كان الرد السوري على كل هذه العمليات الصهيونية التي دعمت وما زالت تدعم هذه المجاميع المسلحة «المتطرفة» واضحاً من خلال ما يجري من حسم سريع للجيش العربي السوري وقوى المقاومة بالزبداني والقلمون ودرعا وريفي حماة الشمالي والغربي- وريف إدلب الغربي إلخ… ومن جهة أخرى، بات واضحاً في الفترة الأخيرة إن الجيش العربي السوري قد استعاد زمام المبادرة بمعارك أرياف القنيطرة ودرعا، بعد فشل سلسلة العواصف بالجنوب السوري من تحقيق أهدافها، ومن هنا قرر الكيان الصهيوني التدخل مباشرة في سير المعارك على الأرض خصوصاً في الجبهة الجنوبية السورية.
ختاماً، لكل من يتحدث بلغة عجز الدولة السورية عن الرد، الدولة السورية اليوم ليست عاجزة عن الرد على أي عدوان خارجي وسترد قريباً، ولكنها تعرف أسس الرد وحجمه ومكانه وليس بالضرورة أن ترد بنفسها فـ»محور المقاومة حاضر وجاهز»، والدولة السورية بدورها تعلم جيداً أن معركة هذه الكيانات الوظيفية الطارئة على المنطقة مع الدولة السورية لن تنتهي ما دامت هذه الكيانات لها أدوات على الأرض السورية، لذلك اليوم تؤمن الدولة السورية بأن حجم إنجازتها على الأرض واستمرار معارك تطهير سورية من رجس الإرهاب، وبالتوازي مع ذلك السير بمسيرة الإصلاح والتجديد للدولة السورية مع الحفاظ على ثوابتها الوطنية والقومية، هو الرد الأفضل والأكثر تاثيراً اليوم في هذه الكيانات الطارئة والوظيفية بالمنطقة، وبقدر صمود سورية وضربها لآفة الإرهاب والعمل على اجتثاثها من الأرض السورية، بقدر ما يكون حجم الرد أقوى على هذه الكيانات والذي بدوره سيعجل من سقوط هذه الكيانات الطارئة على المنطقة، آجلا أم عاجلاً…
كاتب وناشط سياسي – الأردن
hesham.awamleh yahoo.com