حيفا تحْيي ذكرى رحيل سميح القاسم
وديع عواودة
أحيت مدينة حيفا الذكرى السنوية لرحيل عاشقها الذي قضى شبابه فيها واعتبرها مدينته المدلّلة، الشاعر الفلسطيني سميح القاسم، باحتفالية ثقافية خاصة احتضنها مسرح «الميدان».
وشملت الاحتفالية فقرات فنية من شعر وموسيقى ومسرح ورقص ومعرض رسم مستوحى من قصائد سميح القاسم، كثرت فيه لوحات أشجار زيتون يطلّ سميح كجزء منها. وعرض فيلم قصير يوثق فعاليات أقيمت في الوطن والشتات تخليداً لذكرى الراحل الذي سبق وقال في إحدى قصائده:
بعد موتي ستذكرون حياتي
ويعود الماضي على وَقْعِ آتِ
في بلادِ الأحياءِ أحيَيتُ مَوتي
وسأحيى في عالمِ الأموات
الطفلة لانا خليل من بلدة كفر ياسيف في الجليل في الخامسة من عمرها، افتتحت الاحتفالية بقصيدة الراحل التي قالها تكريماً للانتفاضة: «تقدّموا تقدّموا» بإلقاء جميل. وناب عن الرئاسة الفلسطينية أسعد عبد الرحمن الذي كشف عن أن مؤسسة فلسطين الدولية التي شارك الراحل سميح القاسم بعضويتها سترعى تأسيس مؤسسة بِاسم سميح القاسم تعنى بالإبداع.
ونيابة عن عائلة الراحل، أكد نجله وطن القاسم أنه لو كان سميح حياً لصرخ أولاً ضدّ الهجمة الشرسة على مسرح «الميدان». ولقال «لن تكسروا أعماقنا حتى لو أغلقتم مسرحاً أو مدرسة». وشكر مسرح «الميدان» وجميع الفنانين والطاقم وكل الفاعليات التي شاركت بإحياء ذكرى والده. وتابع: «قبل سنة، وفي مثل هذه الأيام والساعات، كنّا، الوالدة والأخوة والعائلة والأصدقاء، في غرفة المستشفى في صفد مع الحبيب والأب سميح، كنا نحاول أن نخفف عنه وطأة المرض، وكان بين الحين والآخر وكأنه يستدرك ويسأل عن أحوال الأصدقاء والأقارب، ويطلب أغنية وسمفونية، ثم يطلب أن يسمع نشرة أخبار ليتابع أخبار غزة والعراق متناسياً ألمه ومرضه».
ويضيف: «مرّت تلك الساعات علينا كأنها كابوس لا ينتهي، لأن الوقت يمرّ والأسرة عاجزة عن فعل أيّ شيء لتبعد ملاك الموت عن القاسم، لكنها كانت مؤمنة بحتمية الرحيل. شارك والدي الحياة وكان مبتسماً كما أراد، واستذكر مقولته: يوم تغادر روحي فضائي لشيء يسمّونه الموت، آمل ألا تفارق وجهي ابتسامة. وأشار إلى أن الأسرة تدرك أن سميح القاسم لن يموت وأنه إن غاب جسداً، إلا أنه حيّ يرزق في قلوب الملايين ووجدانهم.
وفي حوار مع صديقه الراحل سميح القاسم، قال الأديب توفيق فياض: «كنا أصدقاء لمدة خمسين سنة، لم نترك زاوية في حيفا لم نجلس فيها، قد تكون صورتك هذه المعلقة أنا من صوّرك إياها، يا صديقي لقد منحتني هدية هذه العصا، وعندما سألتك لماذا يا سميح تمنحني هذه العصا فأجبتني تضربني إذا خنت، فكلهم خانوا».
وتابع الأديب فياض الذي عاد إلى مسقط رأسه قرية المقيبلة داخل أراضي 48 قبل نحو شهرين، بعد ثلاثة عقود قضاها في المنفى في صفوف منظمة التحرير: «لقد خنتني أنت ومحمود درويش وغادرتما دوني، أتمنى أن تبعث حياً لأضربك وأقول لك لماذا خنتني ورحلت عني».
وتوّجت الاحتفالية بفقرة فنية بمشاركة هبة بطحيش ووهيب حبيش ووصلة رقص صوفي على إيقاع على صدى صوت الشاعر سميح القاسم.