جلسة الانتخاب بلا 8 وجلسة السلسلة بلا 14
هتاف دهام
بات مؤكداً أنّ الاستحقاق الرئاسي ليس في الأولويات السياسية. جلسة انتخاب رئيس الجمهورية التي دعا اليها رئيس مجلس النواب نبيه بري تشبه كلّ شيء إلا جلسة انتخاب الرئيس.
لا أحد من الكتل السياسية يعير هذا الشأن الرئاسي أيّ اهتمام. استحوذت سلسلة الرتب والرواتب على كامل الحراك النيابي والوزاري في ساحة النجمة.
لم يأبه نواب 14 آذار الذين حضروا إلى ساحة النجمة الدخول إلى القاعة العامة، فكثير من أمثال النائب هادي حبيش لم يدخل القاعة العامة، كان منشغلاً بالتصريحات التلفزيونية، ليستدرك لاحقاً ويسأل الصحافيين هل دقّ الجرس برفع الجلسة؟
وفيما جلس نواب كتلة الوفاء للمقاومة كالمعتاد في مكاتبهم، سُجل غياب لافت لنواب تكتل التغيير والإصلاح لانتفاء أسباب الحضور والتصريح، طالما لم يستجدّ أي جديد في شأن الاستحقاق الرئاسي.
وعلى عكس المرات السابقة لم يحضر رئيس جبهة النضال الوطني النائب وليد جنبلاط، كما لم تحضر النائب ستريدا جعجع، فبالكاد دخل إلى القاعة العامة 64 نائباً فيما كان العدد يفوق السبعين نائباً في المرات السابقة، فمن أصل 54 في قوى 14 آذار دخل 42 نائباً، و14 نائباً من التحرير والتنمية و8 نواب مستقلين.
خيّم الملل على الأجواء مع المشهد المتكرّر منذ الجلسة الثانية. والسبحة ستكرّ في الجلسة السابعة في الثامن عشر من الشهر الجاري والجلسات المتلاحقة إلى أن ينزل وحي التوافق ويبشر بولادة رئيس الجمهورية. وإلى ذلك الحين سيبقى الانشغال السياسي مصوباً على عمل المجلس النيابي في ظلّ الشغور الرئاسي، لا سيما لجهة إقرار سلسلة الرتب والرواتب التي كانت «طبق اليوم» في ساحة النجمة، حيث اجتمع رئيس المجلس بهذا الخصوص إلى وزير التربية والتعليم العالي الياس بو صعب، لينضمّ اليهما في وقت لاحق وزير المال علي حسن خليل الذي اجتمع أيضاً إلى وزير الصحة وائل أبو فاعور. كما التقى بري لأكثر من ساعة كلاً من رئيس الحكومة تمام سلام، الرئيس نجيب ميقاتي، رئيس كتلة المستقبل فؤاد السنيورة، النائب بهية الحريري، بحضور وزير المال.
كلّ هذه اللقاءات لم تجدِ نفعاً. وحده تكتل التغيير والاصلاح من المقاطعين أعلن المشاركة، فيما ذهب إقرار السلسلة في مهبّ رياح رئيس كتلة المستقبل فؤاد السنيورة الذي أعلن صراحة رفض الكتلة مشروع السلسلة كما هو مطروح، لما من شأنه برأيه أن يؤثر سلباً ويزيد الخلل الهائل الواقع على المالية العامة وسيؤدي إلى المسّ بالقدرة الشرائية وبمستوى عيش اللبنانيين ويطرح احتمالات إدخال البلاد في حالة تضخم لا طاقة لها بها»، قائلاً: «لن نوافق على دفع لبنان نحو الإفلاس وتحويله إلى دولة فاشلة».
بالطبع قرار السنيورة، لم يتوقف عند حدود بيت الوسط والنواب المستقبليين، فاجتماع 14 آذار المسائي أسفر عن النتيجة نفسها لجهة الاتجاه إلى مقاطعة الجلسة من القواتيين والمسيحيين المستقلين. وأبلغ النائب ايلي كيروز لـ«البناء» ان من الأجدر ان تنهي اللجنة الفرعية لجنة النائب جورج عدوان النقاط العالقة بدلاً من ان نأتي الى المجلس وننقسم على غرار الجلسة الماضية حيال الإيرادات والإنفاق. كما أعلنت مصادر قواتية لـ«البناء» أنّ عدم المشاركة يعود إلى أنّ السلسلة بلغت 2150 مليار ليرة، وهي بعيدة جداً من الايرادات المتوافرة، لقد أنهكنا في العمل لإيجاد توازن بين النفقات والإيرادات إلا أنّ ذلك لم يحصل».
وحده حزب الكتائب في 14 آذار بقي متمسكاً بموقفه الذي يعتبره مبدئياً لجهة مقاطعة الجلسات في ظلّ الشغور الرئاسي. فعند وصوله الى المجلس حسم النائب سامي الجميّل فرضية الحضور اليوم بالجزم «ان الجلسة غير دستورية في غياب رأس الدولة».
وأكد وزير العمل سجعان قزي لـ«البناء» أنّ «عدم المشاركة في الجلسات لا يعني المقاطعة، فانعقاد أي جلسة للتشريع مع تأكيد الكتائب مطالب هيئة التنسيق لجهة حقوق الأساتذة والمعلمين والعسكريين هي غير دستورية، لا سيما أنّ المواد 73 74 75 في الدستور اللبناني تشير إلى انه لا يحق للمجلس النيابي التشريع قبل انتخاب الرئيس».
وشدّد قزي على انّ «عدم الحضور ليس مقاطعة أو رفضاً للسلسلة، فعند انتخاب الرئيس مستعدّون للحضور».
وضرب تيار المستقبل السلسلة عرض البحر. مداولات رئيسه أمس مع الرئيس بري لم تصل إلى أي نتيجة. وبات إقرار السلسلة من جديد رهن إجراء المزيد من الاتصالات للوصول إلى تفاهمات سياسية، لا سيما حول الزيادات المفترض ان توضع على صيغة عدوان لجهة الدرجات الست، والعسكريين الذين يرفض السنيورة إعطاءهم حقهم بالسلسلة، والحفاظ على الدرجات الأربع والنصف للإداريين، وفضلاً عن ذلك فإنّ رئيس المستقبل يريد أن يرفع الضريبة على القيمة المضافة TVA إلى 12 في المئة.
الموقف الرافض للسلسلة لم يقف عند عتبة 14 آذار بل طاول المستقلين، وأعلن الرئيس نجيب ميقاتي والنائب أحمد كرامي أنّ مشروع القانون الذي يناقش حالياً مختلف عن النص الأساسي الذي أرسلته الحكومة السابقة، والإيرادات فيه غير مؤكدة.
ولما أعلن نواب جبهة النضال انهم سيحضرون الجلسة انطلاقاً من موقفهم الرافض لمقاطعة عمل المجلس النيابي، حيث ان الموقف من السلسلة يطلقونه أثناء المناقشة أو يعبّرون عنه بالتصويت، أكد النائب وليد جنبلاط «أنّ أي مغامرة في إقرار السلسلة ستترك تداعيات غير محسوبة على الاقتصاد الوطني، وتعذّر تأمين واردات السلسلة يؤكد ذلك، بصرف النظر عن مدى شعبيّة أو عدم شعبيّة هذا الموقف».
ربّ ضارة نافعة. قد تكون مقاطعة 14 آذار الجلسة اليوم أفضل من تكرار مسرحية المزايدات النيابية عن ضرورة التوازن بين النفقات والواردات، لا سيما أنّ الجلسة السابقة استنزفت بالنقاشات التي لم تنتهِ إلى نتيجة، فرفع رئيس المجلس الجلسة الى اليوم.
وحدها وزارة التربية تتحمّل تبعات التقاعس النيابي عن إقرار السلسلة وانتفاضة هيئة التنسيق، غير أنّ وزير التربية الياس بو صعب لن يقف مكتوف الأيدي أمام معاناة الطلاب جراء الأمرين، وأكد أنّ الامتحانات الرسمية ستجري يوم الخميس، وتوجه الى الطلاب بعد لقائه الرئيس بري امس بالقول: «ستكونون في مراكزكم يوم الخميس وكونوا جاهزين لإجراء امتحاناتكم الرسمية».