إيديولو جيا «داعش»… خروج عن الإنسانية والحضارة!

فاديا مطر

لم يكتفِ تنظيم «داعش» الإرهابي بتدمير التاريخ وحرق الهوية الإنسانية والحضارية القديمة، بل أمتدت سكاكينه إلى رؤوس العلماء والمفكرين والمؤرخين وغيرهم، مع غياب قرار عواصم القرار الدولي إزاء التنظيم، فبعد دخول التنظيم الإرهابي إلى مدينة تدمر في 21 أيار الماضي وهي التي سُميت بـ «لؤلؤة الصحراء»، قام بتدمير ممنهج للأثار والكنوز الأثرية العالمية التي كان ليس أخرها معبد «بعل شمين» الشهير في مدينة تدمر الأثرية في الوسط السوري.

وكان التنظيم الإرهابي اغتال عالم الآثار السوري الشهير خالد الأسعد في 19 آب الجاري ليستمر في التدمير الوحشي لما بقي من كنوز هذه المدينة الأثرية، فقد قال المدير العام للآثار والمتاحف السورية مأمون عبد الكريم: بأن تنظيم «داعش» الإرهابي قام في 23 آب الجاري بتفخيخ معبد «بعل شمين» الأثري بكمية كبيرة من المتفجرات قبل تفجيره مضيفاً أنه تم تدمير جزء كبير من المعبد وأن التفجير أدى إلى دمار الجزء المغلق من المعبد وانهيار الأعمدة المحيطة به وهو المعبد الذي بُني عام 17 للميلاد، متابعاً أن إرهابيي «داعش» نفذوا اعدامات في المسرح الأثري الذي حولوه إلى محكمة وسجن وساحة إعدام، فالتدمير الموتور للآثار والكنوز والمعابد التاريخية التي تسرد قصص تاريخ البشرية ينم عن الوحشية التي تتمتع بها إيديولوجية هذا التنظيم الإرهابي، فقد كانت منظمة اليونسكو قد نددت في 3 تموز المنصرم بتدمير آثار تدمر، وقالت مديرة المنظمة إيرينا بوكوفا أن تدمير الآثار أمام السكان ودعوتهم إلى تخريب آثارهم يُشكل مشهداً تقشعر له الأبدان، فالتنظيم الإرهابي يقوم بتكسير وتفجير وهدم الآثار القديمة ليقوم لاحقاً ببيعها خارج سورية والعراق من أجل الكسب المادي بحسب ما أوردته صحيفة «واشنطن بوست» في 15 حزيران 2015، فهو تدمير للحضارة وسرقة للتاريخ الذي قال فيه مايكل دوناتي أستاذ علم الآثار في جامعة بوسطن والعامل كمستشار في وزارة الخارجية الأميركية بأن الآثار المنهوبة من العراق وسورية في طريقها إلى الولايات المتحدة والأسواق الغربية الأخرى، فقد نشرت صحيفة «واشنطن بوست» في العدد نفسه أن قيمة التحف والقطع الأثرية القديمة التي تستوردها الولايات المتحدة من سورية والعراق ومصر ارتفعت أربعة أضعاف بين عامي 2010 ـ 2014 لتصل إلى أكثر من 5.3 مليار دولار وفق اللجنة التجارية الدولية في الولايات المتحدة، وهذا ما يجعل التنظيم الإرهابي يستغل مناطق نفوذه لتدمير الآثار والكنوز التاريخية، فقد دمر تنظيم «داعش» الإرهابي في نيسان الماضي مدينة النمرود الأثرية في العراق بالجرافات والمتفجرات ومدينة «الحضر» الرومانية ومتحف الموصل بشمال العراق وكنيسة «ماراليان» في مدينة القريتين في ريف حمص في 20 آب الجاري ومتحف مدينة تدمر والمجسمات التي تمثل عصور ما قبل التاريخ المكتوب، في ما كان الأزهر الشريف قد أعرب عن قلقه في 24 أيار المنصرم عبر بيان صادر عنه من النهب والسلب والدمار الذي ينشره تنظيم «داعش» مشدداً على ان «المعركة هي معركة الإنسانية بأكملها» فهنا تطاول التساؤلات المبهمة الكثيرة المؤسسات الدولية التي عجزت عن تقديم أدنى حماية للآثار، واستراتيجية «التحالف الدولي» بقيادة الولايات المتحدة الذي يتراجع يومياً في وقف ما ادعاه سابقاً بأنه «القضاء على تنظيم «داعش» الإرهابي في سورية والعراق»، فيما التنظيم يقوم ببناء ذاكرة مُناوئة للذاكرة الثقافية الأصيلة المتسامحة تاريخياً في الشرق العربي بعد نشر صور لمقاتليه في شباط الماضي عبر آلة دعائية تُبين تدمير قطع أثرية في متحف الموصل تعود للقرن الثامن قبل الميلاد، وهو ما أوردته المواقع ومثله من تدمير للآثار والانهماك في عمليات السطو والنهب والسلب لبعض النفائس الأثرية، فيجب البحث عن طرق تقطع الطريق على أيدي وأرجل تنظيم «داعش» الإرهابي بتدمير الآثر والشجر والبشر الذي يعتمده هذا التنظيم في أي منطقة سيطرة، ويجب التحرك من قبل المؤسسات المكونة للمجتمع الدولي للقضاء على التنظيم وأعماله وأهدافه، هذا إن كانت هذه المؤسسات تمتلك إرادة وغطاء دولياً حقيقياً للتحرك، أم أن الإضرار بالبلاد المستهدفة يحتاج إلى الشعور والمسؤولية الذي تعتبره بعض المنظمات الدولية يشكل جريمة؟!

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى