حصيلة المواجهات: 99 جريحاً من قوى الأمن و61 متظاهراً و32 موقوفاً… وعزل السراي
بدا وسط العاصمة أمس أشبه بساحة حرب حقيقية بعد المواجهات الليلية التي شهدتها المنطقة أمس وتجاوزتها إلى عدد من شوارع العاصمة، بين القوى الأمنية من جهة، وعناصر مندسة استغلت تحرك تجمع «طلعت ريحتكم» لإثارة الفوضى، فعمدوا إلى تحطيم واجهات المحال وإشارات السير وحرق الإطارات وتكسير الأرصفة لاستخدام حجارتها لرشق رجال مكافحة الشغب.
وقد ساد الهدوء التام ساحة رياض الصلح مروراً بشارع اللعازارية حتى ساحة الشهداء، ما سمح بمباشرة أعمال إزالة الركام، وتنظيف المكان عبر رش المياه، وتم كنس زجاج الواجهات التي تكسرت والزجاجات الفارغة التي رُشقت القوى الأمنية بها. واذ بدأ إصلاح إشارات المرور التي تم تكسيرها، أزيلت العبارات النابية التي كتبت على الجدران. وتفقد رئيس الهيئة العليا للاغاثة اللواء محمد خير المكان.
عزل السراي
وتحسباً لأي تحركات مقبلة قد يحاول خلالها المشاغبون خرق طوق السراي، عملت القوى الأمنية ووحدة حماية السراي على إنزال مكعبات اسمنتية ضخمة في محيط المقر الرسمي من جهة رياض الصلح شكلت حائط سد يحصّن السراي في وجه أي خطر أمني، بخاصة أن الشرائط الشائكة وحدها ما عادت تكفي اذ يعمد المعتصمون إلى محاولة رفعها عند كل مواجهة. وأفيد أن وفداً أمنياً درس المنطقة ووضع خطة لكيفية توزيع المكعبات لتأمين أفضل حماية للسراي.
وعن حصيلة المواجهات، أعلنت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي – شعبة العلاقات العامة ان أعمال الشغب أدت إلى سقوط 99 جريحاً من قوى الأمن الداخلي وإصابة عدد من المتظاهرين وتضرّر عدد كبير من المحال والمطاعم والمباني والمنشآت الطرقية وآليات عسكرية، وتوقيف 32 شخصاً من مثيري الشغب، معربة عن أسفها «للأحداث التي رافقت التحرك في بيروت»، ومؤكدة أن «مهمتها حماية حق التظاهر السلمي للمواطنين الذين لا يلجأون إلى استعمال العنف ولا يعتدون على الأملاك العامة والخاصة».
وزير الداخلية
حضر وزير الداخلية نهاد المشنوق يرافقه الضباط الأمنيون إلى ساحة رياض الصلح، وتفقد الأضرار، واستمع إلى أصحاب المحال التجارية الذين أعربوا عن استنكارهم لما تعرضوا له من المندسين.
وأعلنت حملة «طلعت ريحتكم» تأجيل اعتصامها الذي كان مقرراً أمس إلى يوم السبت المقبل الساعة السادسة مساء في مكان يحدد لاحقاً لإسقاط مناقصات النفايات، التي أعلن عنها أمس، معتبرة أنها «عملية سلب للمال العام وكل من شارك فيها من وزراء وشركات وبلديات هو مشارك في عملية السطو»، مشددة على ان «المناقصات باطلة، كما ان التقاعس في المساءلة والمحاسبة واستعمال العنف يؤدي إلى استمرار تفكيك الدولة».
وطلبت «محاسبة وزير البيئة محمد المشنوق لعجزه في معالجة ملف النفايات»، وقالت: «نعاهدكم من موقع مسؤليتنا القيام بكل ما بوسعنا لتعزيز قدراتنا التنظيمية ضماناً لاستمرار زخم الحراك».
وطالبت بالافراج عن المعتقلين.
وسط هذه الأجواء، شهدت السراي الحكومية زيارات لوزراء وأمنيين أكدوا التفاهم حول رئيس الحكومة تمام سلام.
وفي هذا الإطار، استقبل سلام وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق على رأس وفد ضم المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء إبراهيم بصبوص وعدد من القيادات الأمنية.
بعد اللقاء قال المشنوق «أطلعنا الرئيس سلام على الوضع وراجعنا الأحداث التي حصلت في اليومين الماضيين، وأثنى الرئيس سلام على صبر ودقة أداء قوى الأمن الداخلي خلال اليومين الماضيين مع اعترافه الأكيد بأحقية التظاهر السلمي في لبنان تحت سقف القانون أياً كانت شعاراته وأسبابه لكن من دون التعرض للأملاك العامة أو الخاصة».
وتابع: «نتيجة التظاهر وقع تسعة وتسعون جريحاً من عناصر قوى الأمن الداخلي وواحد وستون جريحاً من المدنيين، ويتم التحقيق مع عدد من الموقوفين وإذا ثبت عدم ارتكابهم لأي مخالفة في القانون سيتم اطلاق سراحهم».
وقال: «هناك نوعان من المتظاهرين إذا لم يكن ثلاثة. هناك حملة منظمة للتظاهر مدنية سلمية ومن حقها أن تتظاهر أياً كانت شعاراتها ومهما كانت قاسية لكن هذا حق يحفظه القانون، وهناك مجموعة أخرى سياسية وليس سراً انها تنتمي الى أحزاب سياسية محددة كانت لديها شعارات محددة أيضاً وأجندة سياسية غير معلنة، المعلن هو إجراء انتخابات نيابية قبل انتخابات رئاسة الجمهورية وهذه أجندة سياسية وليست مطلبية».
وأضاف» في الجانب السياسي هناك ثلاثة أمور: المعلن، الانتخابات النيابية قبل انتخابات رئاسة الجمهورية، اما غير المعلن أو النصف المعلن هو عدم دعوة مجلس الوزراء إلى الإنعقاد قبل تحقيق مطالب أعلن من هنا أنها لن تتحقق. الأمر الثالث يتعلق بالمراسيم التي وقعت من دون مكونين رئيسيين في الحكومة ما جعلهما يعتبران ان هذا الأمر مخالف لرغباتهما وقررا المزيد من التصعيد الذي شهدناه كلنا من الساعة العاشرة والنصف وحتى الثانية عشرة إلا ربعاً حيث تم تسيير دوريات من الجيش وقوى الأمن الداخلي.»
وأكد المشنوق «أننا لن نسمح لا لمتظاهرين سلميين كانوا أم معتدين بالدخول الى حرمي السراي الحكومية ومجلس النواب وهذا يجب أن يكون واضحاً. أقصى ما يستطيعون القيام به هو الإعتداء على الأملاك الخاصة للناس». كما أكد أن «لا انتخابات نيابية قبل انتخاب رئيس للجمهورية ولا أحد يبيع الناس الأوهام والأحلام، هذا الأمر لن يحدث، ويجب أن يكون واضحاً للجميع، الأمر الطبيعي لاستعادة النصاب الدستوري هو انتخاب رئيس للجمهورية بتوافق جميع اللبنانيين وليس فرضاً من جهة سياسية على كل الجهات السياسية مع احترامي وتقديري ومحبتي لهذا المرشح المطروح».
وأكد انه حصل إطلاق نار في الهواء يوم السبت الماضي «من قبل الجيش التابع للسَرية المخصصة لحماية مجلس النواب وحصل إطلاق نار في الهواء من قبل القوى الأمنية التابعة لمجلس النواب لمنع المتظاهرين من الدخول إلى منطقة المجلس كما حصل إطلاق نار من قبل قوى الأمن الداخلي في الهواء. ومن أصل 160 اصابة لا يوجد أي إصابة جرّاء الرصاص الحي. والجريحان الموجودان حالياً في المستشفى هما شخص مدني أصيب برأسه جراء آلة حادة في منطقة مونرو اللعازارية وليس في محيط السراي وأجريت له عملية خلال الليل ووضعه صعب، وكذلك أصيب عسكري في صدره جراء التدافع ووضعه حرج أيضاً كما أصيب شاب برصاصة مطاطية في خاصرته وأجريت له عملية وهو بخير». وأوضح أن « كل الجرحى من دون استثناء غادروا المستشفيات وهناك أيضا ضابطان أصيب أحدهما في كتفه وصدره ولكن من بقي في المستشفى حتى هذه اللحظة هم ثلاثة مدنيين وعسكري».
وأشار إلى أن «المفتش العام لقوى الأمن الداخلي يقوم بإجراء تحقيق مسلكي كامل لكل ما حصل منذ اللحظة الأولى وهو موثق بالصوت والصورة وبشهادات العسكريين والمدنيين وخلال 72 ساعة سيكون التقرير جاهزاً ويُحدد المسؤوليات في شكل مباشر وسيتم عرضه أمام كل وسائل الإعلام».
واستقبل سلام وزير الاتصالات بطرس حرب معلناً تضامنه معه وقال: «من واجبنا أن نقول إن الدولة لا يمكن أن تتفرج على انفلات الأمن، من هنا نعتبر أن كل مطالبة بريئة ضمن إطار القانون نحن نتبناها»، مؤكداً «أننا ندعم حق المواطن في التعبير عن رأيه بالطرق الديموقراطية والسلمية».
كذلك استقبل رئيس الحكومة رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل يرافقه رئيس كتلة نواب الكتائب ايلي ماروني ووزيري العمل سجعان قزي والإعلام رمزي جريج.
من جهته، ذكر المكتب الاعلامي لرئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع انه اتصل بكل من الرئيس سلام والرئيسين سعد الحريري وفؤاد السنيوة، وتداول معهم في الأزمة المستجدة الناتجة من التقاعس في معالجة ملف النفايات وما نتج منها من اعمال شغب في العاصمة.
وشدد جعجع وفق البيان «على وجوب احترام الاستقرار والانتظام العام في البلد والحفاظ على تماسُك الحكومة في ظل الفراغ الذي نُعاني منه ولا سيما ان الرئيس سلام يتحمّل في الوقت الراهن مسؤولية الإمساك بالشرعية في البلد».
دريان
وفي المواقف أسف مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان لما حصل من أعمال شغب في وسط بيروت، مؤكداً أن «الحكومة لا تسقط في ظل الفراغ في سدة الرئاسة الأولى»، ولافتاً إلى أن «بقاء الحكومة السبيل الوحيد لانتخاب رئيس للجمهورية ولولا وجود الحكومة وحكمة رئيسها تمام سلام وصبره لكان الانهيار في البلد سيّد الموقف فعلينا مؤازرته والوقوف إلى جانبه في هذه المرحلة الخطيرة التي يمرّ فيها لبنان من فراغ رئاسي ومجلس نيابي معطل».
وأعلن أمام زوّاره ان «دار الفتوى مع مطالب الشعب ضمن الأطر والقوانين المرعية الإجراء التي تحفظ الأمن والبلد من الخراب».
وأشار الى ان «ما شهدته بيروت مُدان ومرفوض من هؤلاء المندسين الذين حاولوا إحراق العاصمة، وحرية الرأي لا تكون بالعنف».
حمدان
وقال أمين الهيئة القيادية في «حركة الناصريين المستقلين المرابطون» برئاسة العميد مصطفى حمدان، بعد زيارته دريان على رأس وفد من الحركة «كل من يتكلم في التظاهرات وفي المطالب التي سمعناها بمطالب اجتماعية واقتصادية ومحاربة الفساد والافساد يتكلم باسمنا جميعاً، لكن ما نشاهده من بعض المحاولات لأخذ هذا الحراك الشعبي المبارك في اتجاهات مذهبية أو طائفية فهو مدان من أي طرف أتى». ودعا «كل الشباب الذي نزل إلى ساحة التلاقي في وسط بيروت إلى ممارسة أقصى المسؤولية في الحذر من أجل منع هؤلاء من حرف هذا الحراك الشعبي الى حراك قد يؤدي الى دخولنا في متاهات الفوضى والعنف الطائفي والمذهبي الذي نحاربه جميعاً، لذلك ندعو الجميع إلى التروي والحكمة».
وأشار إلى أن «هذا الذي يجري من فساد وإفساد وعجز عن إدارة شؤون الناس لا يتحمل مسؤوليته فقط الرئيس سلام، هذا تراكم كل الذين شاركوا في الحكم منذ أعوام وأعوام، ولا يمكن اليوم أن نحمّل أيضاً ملف النفايات وما فيه من روائح تنبعث منه للوزير محمد المشنوق».
«أمل»
واستنكرت حركة أمل زج اسمها في الأعمال المسيئة والمخلة بالأمن. وطالبت بعودة المؤسسات التشريعية والتنفيذية الى ممارسة دورها.
وكان المكتب السياسي للحركة عقد اجتماعاً طارئاً «لمتابعة الموقف المحلي على خلفية الأحداث التي جرت بعد التحركات الشعبية والمطلبية المحقة». وأكد المكتب السياسي في بيان أن الحركة «وعشية الذكرى 37 لتغييب مؤسسها الأمام القائد السيد موسى الصدر ورفيقيه تؤكد انها ارتكزت في انطلاقتها على انها حركة مطلبية شعبية مقاومة هدفها إزالة الحرمان وأن لا يبقى محروم واحد كما أكد ذلك قسمها الذي رددته خلف الامام الصدر في ساحات بعلبك وصور وغيرهما».
وأكدت الحركة أنها «كانت ولا تزال في طليعة التحركات الشعبية والمطلبية لكافة القطاعات وانها ليست حركة نخبوية شعبوية وأن هدفها سيبقى ترسيخ مشاركة المواطنين من الفئات الاجتماعية كافة في كل ما يصنع حياة المجتمع والدولة وتحقيق العدالة الاجتماعية».
وأضاف المكتب: «إن حركة أمل وقد حذرت الحكومات المتعاقبة من واقع الاهمال وتجاهل المطالب العامة والقفز في الفراغ فوق كل ما يمس حياة الناس والخدمات الأساسية من ماء وكهرباء وهاتف ونقل إضافة إلى تهديد البيئة والصحة والسلامة العامة متبعة في ذلك تقليداً أرساه الامام الصدر وهو التحذير من ان الحرمان ارضية الانفجار والدعوة الى العدالة الاجتماعية حتى لا نجد وطننا على مزبلة التاريخ».
وتابع: «إن الحركة ترى أنه كان من الطبيعي أن تجري التحركات الشعبية عندما يقفل باب ممثلي الشعب ويعطل دور المؤسسة التشريعية في المحاسبة والتشريع. إن حركة أمل وهي ترى اليوم ما آلت إليه الأمور ومن موقع تأييدها لمطالب اللبنانيين تدعو الى تقويم الاعوجاج وإصلاح ذات البين وتثبيت الأمن، والحركة تدين وتستنكر كل الأعمال المسيئة والمخلّة بالأمن وكل المحاولات التي قام بها المندسون ومحاولة زج اسمها في الأعمال المسيئة». ودعت «القضاء والأجهزة المختصة الى حماية التحركات المطلبية بما يليق بلبنان»، مطالبة «بعودة المؤسسات التشريعية والتنفيذية الى ممارسة مهماتها في تجديد الدعوة الدائمة لانتخاب رئيس للجمهورية».
مخزومي
وأعلن رئيس «منتدى الحوار الوطني» المهندس فؤاد مخزومي في بيان أن «ما جرى من حراك شبابي وشعبي مستقل عن القوى السياسية القائمة على شؤون البلد يدل على أن الكيل طفح بالناس من جراء الإهمال المتمادي بقضاياهم المعيشية الأساسية بدءاً من الكهرباء والمياه والصحة وغيرها وصولاً إلى الأزمة المهينة المتعلقة بالنفايات وما يجري حولها من عمليات ابتزاز تمهيداً للتحاصص على جري العادة، منذ اتفاق الطائف وحتى اليوم».
وأكد أن «الحراك الشبابي الشعبي يثبت إفلاس الطبقة السياسية القائمة»، داعياً «الشباب اللبناني، الذي أكد أن مطالبه محقة، ألا يترك مجالاً للاستخدام السياسي أو لتسلل قوى تريد التخريب أو الإخلال بالاستقرار الأمني».
ودعا الحكومة إلى «التعامل بجدية مع التظاهرات الجارية، ودعوة القوى الأمنية إلى عدم التعامل بالقوة مع المتظاهرين، والمبادرة إلى تشكيل لجنة للحوار مع الشباب»، مبدياً أسفه «لوقوع ضحايا من المتظاهرين والقوى الأمنية ومتمنياً للجرحى الشفاء العاجل».
الرابطة المارونية
وأعلنت الرابطة المارونية في بيان «تأييدها أي تحرك شعبي مطلبي سلمي ينادي بحق العبور إلى مصاف الدول المؤتمنة على حقوق شعوبها وكرامتها»، وشدّت «على أيدي من تظاهروا بعيداً من الشعارات الطائفية والفئوية والحزبية»، آملة من المراجع الامنية التي تبقى الداعمة الاساسية للاستقرار والنظام، تحييد المتظاهرين الآمنين من أولئك الذين هدفوا عبر أعمالهم التخريبية المشينة إلى زعزعة الاستقرار وتقويض دعائم الدولة».