ملتقى التصوير الزيتي السادس في السويداء… تشكيل من وحي الأدب
ريم أبو ترابي
اختتمت في صالة المركز الثقافي العربي في السويداء، فعاليات ملتقى التصوير الزيتي السادس، التي تضمنت افتتاح معرض ضمّ عشرين لوحة فنية جسّدت موضوعات متنوّعة كالطبيعة والمرأة وقدسية الشهادة، ومعظمها مأخوذ من مختلف الأجناس الأدبية، وتكريم الفنانين المشاركين إضافة إلى حفل فني أحيته فرقة «دفا» الموسيقية قدمت خلاله مقطوعات موسيقية جميلة متنوّعة.
ولفت معاون وزير الثقافة بسام أبو غنام إلى دور المتلقى في النهوض بالفن السوري للارتقاء به بالشكل الأمثل بما يقدّمه الملتقى من أجواء حميمية مناسبة لتبادل الخبرات والأساليب الفنية المختلفة.
وأشار مدير ثقافة السويداء وعضو اللجنة العليا للملتقى منصور حرب هنيدي إلى أن الملتقى يؤكد أن السوريين مع ثقافة الحياة ومع نغم الفنّ والإبداع، وهم قادرون على تقديم المزيد من العطاء الخلاق في مواجهة الفكر الظلامي الذي يحاول غزو وطننا بهدف تدميره فكرياً وثقافياً.
حضر فعاليات الملتقى يحيى الصحناوي عضو قيادة فرع السويداء لحزب البعث العربي الاشتراكي، وحمد عزام رئيس فرع اتحاد الفنانين التشكيليين في السويداء.
يشار إلى أن الملتقى أقامته مديرية الفنون الجميلة في وزارة الثقافة ومديرية الثقافة في السويداء بمشاركة عشرة فنانين من محافظة السويداء وخارجها.
وتنوعت الموضوعات الفنية التي طرحها الفنانون المشاركون في الملتقى، بأساليب فنية مختلفة عكست أحاسيس وتجارب عدّة.
الفنانة أسمى الحناوي ابنة محافظة السويداء رأت في الملتقى فرصة جيدة لتطوير خبراتها الفنية كونه يضمّ مجموعة فنانين يوحّدهم الإبداع إنما بأساليب وتقنيات مختلفة ميّزت بينهم. موضحة أنها استمدّت أحد عمليها من فيلم «أنشودة الجندي» المأخوذ من الأدب السوفياتي ويحاكي في مجمله الأحداث المؤلمة التي تشهدها بلادنا، إذ يجسد معاني الشهادة السامية ونبل الشهداء عبر ألوان تميل إلى العتمة بما يخدم موضوع اللوحة.
في حين اعتبر الفنان صفوان فرزات القادم من محافظة حماة، أن المشاركة في الملتقى عملية لنشر الوعي الفني وبالتالي تآلف مع المشاهد ومع الذات والحياة. مبدياً تحفّظه على عنوان الملتقى «التشكيل من وحي الأدب» كونه يحدّ من رؤى الفنان وآفاقه الفنية، ويبعده عن إحساسه ومشاهداته. ولهذا عمد إلى استلهام عمليه ممّا سمّاه أدب الحياة، وهما يربطان بين حياة البشر والوجود المطلق والتساؤل والتراكمات التي يكون لها أثر خاص في أعماق الفنان الوجدانية بفلسفة وجودية.
ولفت فرزات إلى حرصه على وجود المرأة في معظم أعماله كونها أساس الوجود ورمز العطاء. أما استخدامه اللون الأصفر في عمليه الفنيين كونه لوناً فضائياً، فيعكس الفراغ الهائل المحيط بنا. مؤكداً ضرورة وضع برنامج مدروس للملتقى وتشكيل لجنة متابعة وترك مساحة اختيار المواد للفنان.
أما الفنان الدكتور سائد سلوم، أستاذ التصوير في كلّية الفنون الجميلة في جامعة دمشق، فعمد خلال عمليه الفنيين إلى الجمع بين المتناقضات بأسلوب تعبيريّ سريالي خلاق ليصوّر عبرهما الواقع المضحك المبكي الذي يضج بالموت والحياة في آن، وتأرجح وجودية الإنسان بينهما بتفكير ما فوق الواقعي الحلمي، مستخدماً ألواناً ترابية تعكس عدمية المادة والإنسان الذي يخلق من التراب ليعود إليه محاولاً الولوج إلى الناحية الحسية والقوى التعبيرية لحالات الإنسان خلال وجوده في واقع مؤلم، وقدرته على البقاء في هذا الفناء.
بدوره، تحدّث الفنان سالم محمد الأحمد من محافظة الرقة عن إحدى لوحاته بأنها تعكس ارتباط الإنسان بالأمل مهما اشتدّ الظلام من حوله. تاركاً للمشاهد فسحة يترجم من خلالها اللوحة بحسب تجاربه وثقافته بأسلوب تجريديّ جميل يجسّد انعكاسات الفنان وتراكماته الداخلية. ليجرد في عمله الثاني الحروف ويوظفها بشكل غير مباشر بتركيبة وشكلانية رمزية تحاكي ليونة الحرف. داعياً إلى ضرورة تزاوج المجتمع بالفن التشكيلي ليأخذ قيمته الحقيقية وتوفير الدعم والتشجيع اللازم للفنان للارتقاء بالتشكيل السوري.
من جهته، صوّر الفنان نبيه بلان في عمله الأول شخصية دون كيشوت للكاتب الإسباني الشهير سرفانتس، كونها تجسّد صراعاً وهمياً ناتجاً عن تناقض الإنسان مع العالم من حوله ضدّ الشر المتنامي، وقدرة الخير في التغلّب على الشرّ. وتعبّر عن موقف الإنسان المثالي عندما يواجه واقعاً لا يرتضيه ولا يقبله ولا يملك حياله سوى إطلاق العنان لمخيلته كتعويض عن التغيير الذي يجب أن يحدثه فيه.
أما في عمله الثاني، فأراد الفنان بلان أن يكرّم الشهداء في لوحة مستوحاة من قصيدة الشاعر الفلسطيني عزّ الدين المناصرة «بالأخضر كفّناه»، بأسلوب فنّي يقدّس الشهادة والشهداء الذين يجسّدون أسمى معاني التضحية والشجاعة.