الكاتب السوري أريوس أسمر يضع نظرية نموذج جديد للنظام الشمسي
وضع الكاتب السوري أريوس أسمر أسساً نظرية جديدة للنظام الشمسي عبر كتاب «النظام الشمسي وحركة الأجرام السماوية» وبذلك يحاول بجدية منافسة النموذج الحالي المهيمن عالمياً عبر قرون عدة ومن خلال طرحه نموذج النظام الشمسي برؤية ومفهوم مختلفين عن المكان. ويعتبر أريوس أسمر النموذج الحالي غير مكتمل وفي ما يلي شرح موجز للنظرية بقلم الكاتب نفسه:
«إن الجدال حول النظام الكوني والذي نحن جزء منه، نال اهتمام جميع شعوب كوكبنا منذ القدم. فقد أثار اهتمام الشعوب القديمة منذ الحضارات الأولى كالحضارة السومرية والبابلية في جنوب بلاد ما بين النهرين. وهذا الجدال لا يزال يثير اهتمام الشعوب في كل أنحاء كوكبنا الأرضي ومن المستبعد أن ينتهي في المستقبل القريب.
نموذج مركزية الأرض هو نموذج يقوم على مفهوم أن الأرض ثابتة في مركز الكون، في حين أن الشمس والقمر والكواكب والنجوم وجميع الأجرام السماوية الأخرى تتحرك في مدارات حول الأرض. ومن أتى بهذا النموذج هو كلاوديوس بطليموس اليوناني 161-83 ق. م. وبدوره كان قد ورثه عن اثنين من الفلاسفة ذوي الوزن الثقيل وأعني أفلاطون وأرسطو اللذين عاشا في القرن الرابع قبل الميلاد
فلك التدوير وهو نموذج هندسي يستخدم لشرح الاختلافات في السرعة وجهة الحركة بالنسبة للقمر والشمس والكواكب. وهذا النموذج اقترحه لأول مرة ابلونيوس البرغاوي 262-190 ق. م. وأضفى بطليموس عليه طابعاً رسمياً حيث أوضح، على وجه الخصوص، الحركة الارتدادية من الكواكب الخمسة المعروفة في ذلك الوقت وأوضح أيضاً التغيرات في المسافات بين الكواكب والأرض. كما أن أرسطو 384-322 ق. م. أوضح من قبل أن حركات الدائرة هي الوحيدة التي يمكن أن تكون أزلية. وأظهر ابلونيوس البرغاوي الفلكي والمهندس والرياضي اليوناني إمكان وصف حركة الكواكب كدوائر أيضاً حيث كل كوكب على سطح دائرة التي بدورها تجلس على سطح دائرة أكبر وكل دائرة منها تدور.
وعلى رغم هيمنة فكرة مركزية الأرض، إلا أن فكرة مركزية الشمس حيث الأرض وجميع الكواكب تدور حولها كانت مطروحة قبل بطليموس من خلال أرسطرخس الساموسي 310-230 ق.م العالم الفلكي والرياضي اليوناني المغمور في عصره، وهو عالم ينتمي إلى مدرسة الإسكندرية القديمة، ويتميز بفكره الفلكي. فقد درس الفلك وقدم فيه إنجازات عديدة ومهمة، ومن أهمها فكرته حول مركزية الشمس داخل النظام الشمسي، جاعلاً الشمس هي مركز الكون بدلاً من الأرض. وبهذا سبق كوبرنيكوس بنحو 18 قرناً. وكان الساموسي قد تأثر بدوره بفكر الفيلسوف فيلولاوس 470-385 ق.م، أحد أتباع المدرسة الفيثاغورية، وهي مدرسة فلسفية وأخوية دينية كانت قد تأسست في كروتونة في جنوب إيطاليا في القرن الخامس قبل الميلاد.
تدور نظرية أرسطرخس حول أن الشمس تقع في مركز الكون والأرض تدور حولها سنوياً، وفي الوقت ذاته تدور حول محورها يومياً، وكل الكواكب السيارة الخمسة «آنذاك» تدور حول الشمس، ما عدا القمر فهو يدور حول الأرض. أما النجوم فهي ثابتة وحركتها اليومية ما هي إلا خدعة سببها دوران الأرض حول محورها في الاتجاه المضاد. واستنتج ذلك بناء على تأكده من كون الشمس أكبر من القمر والأرض، فليس من المعقول أن تتحكم الأرض ذات الحجم الصغير بكوكب كبير كالشمس.
والجدير بالذكر، أن أفكار أرسطرخس الجريئة ضاعت في ظل الكبار أمثال أرسطو وهيبارخوس وبطليموس وغيرهم ممن آمن بمركزية الأرض.
وكان فيلولاوس أول من طرح فكرة حركة الأرض. فهو الذي قال إنها تتبع مساراً دائرياً كل يوم، وهي تبقي دوماً الوجه نفسه متجهاً نحو المركز. فهو لم يضع الأرض في مركز الكون، ولا حتى الشمس كذلك. بل وضع ناراً مركزية تدور حولها الأرض والشمس والقمر والكواكب الخمسة وقبة النجوم، وبما أن الفيثاغورثيين كانوا يبجلون الرقم 10 فقد أضاف فيلولاوس جسماً افتراضياً متحركاً عاشراً حيث افترض كوكباً سماه الأرض المضادة والتي تتحرك دوماً لتبقى بين النار المركزية وأرضنا الدوارة فتحميها من التعرض المباشر للنار
وبعد هيمنة بطليموس صاحب نظرية مركزية الأرض بأكثر من خمسة عشر قرناً، ظهر نقولاس الكوزاني في جدال ميتافيزيقي أن الأرض كرة بيضوية الشكل تدور حول محورها وتدور حول الشمس. وأن جميع النجوم هي شموس تشبه شمسنا تحيط بها كواكب يسكنها بشر على أمثالنا. واضطلع نيكولاس كوبرنيكوس 1473-1543م وغاليليوغاليلي 1564-1642م على كتابات الكوزاني وكذلك يوهانس كيبلر 1571-1630م ، الذي ادعى أن الكوزاني كان «وحياً إلهياً» في أولى منشوراته. فقد سبق الكوزاني كيبلر في إعلانه عدم إمكان وجود دائرة كاملة في الكون بالمعارضة مع نموذج أرسطو . وفي أيام كوبرنيكوس لم يكن أحد يجرؤ على نقض نموذج بطليموس إلى أن بدأ هو بكتابة نظريته حول مركزية الشمس عام 1505م، في كتابه «رسالة عن دوران الأجرام السماوية».
ولكنه لم يجرؤ على نشر عمله حتى 1543م، حين شعر بالشجاعة الكافية وأن لديه ما يكفي من الأدلة لإثبات نظريته الثورية. واتضح أن كوبرنيكوس كان لديه قلق لا داعي له. فلم يجذب بحثه أي اهتمام، لا بين رجال الدين في الكنيسة ولا بين علماء الفلك من معاصريه، وذلك يعود إلى أن نموذج بطليموس في ذلك الحين كان ناجحاً في استعماله الفلكي في حين أن نظام كوبرنيكوس الذي استند إلى مبدأ أفضل كان معقداً من دون أن يخرج بنتائج أفضل أضف تناقضه مع الكتاب المقدس. وحتى بعد وفاة كوبرنيكوس وبعد دراسة أفكاره وملاحظاته على نطاق واسع من قبل باحثين كثر من بينهم عالم الفلك الدنماركي تيكوبراهي 1546-1601 م. فإنه لم يتم القبول بها تماماً.
وكان براهي قد أوكل من قبل الملك الدنماركي آنذاك مهمة بناء مرصد فلكي في جزيرة فين حيث درس الأجسام السماوية والمذنبات. وأسفرت ملاحظاته عن خلق رؤية خاصة به سميت Tychonic System النظام التيكوني. تعتبر هذه الرؤية حلاً وسطاً بين بطليموس نظام كوبرنيكس.
وأعرب عن اعتقاده بأن الأرض هي مركز للقمر والشمس فقط، في حين تدور جميع الأجرام السماوية الأخرى حول الشمس. وعلى رغم أن براهي لم يقبل بنظرية كوبرنيكس إلا أن أفكاره وملاحظاته كانت من أهم أسباب التي ساهمت في تطوُّر نظرية مركزية الشمس عبر الأجيال. وجاء غاليليو غاليلي 1564-1642 م. الذي كان ذا موقف أكثر إيجابية من أفكار كوبرنيكوس على أعقاب براهي. إلا أن الحدث الذي أثار اهتمام غاليلي بشكل كبير هو حدث ستيلا نوفا ميلاد نجم جديد عندما لاحظ إضاءة في السماء الشيء الذي لم يلحظه ولم يعطه أهمية إلا القليل من الناس. وبهذا استطاع غاليلي أن يستفيد من هذا الحدث لإثبات بطلان نظرية أرسطو معتقدات الكنيسة بأن الكون غير قابل للتغير.
وفي عام 1609م، وصل غاليلي خبر مفاده أن أستاذاً من هولندا يدعى هانز ليبرشي 1570-1619 م قد صنع تلسكوباً، ما أثار اهتماماً كبيراً لديه فبدأ بصنع واحد لنفسه. وكان أفضل بكثير من كل ما تم صنعه من قبل. فقد تمكن غاليلي من خلال تلسكوبه تكبير 32 مرة، ما أمكنه من دراسة الفضاء بشكل ليس له مثيل في السابق. فأثبت أن المشتري له أقمار وأن نظرية مركزية الأرض ليست هي الحقيقة. ففي عام 1613م قام بنشر أفكاره وملاحظاته في كتاب «رسائل حول البقع الشمسية».
وفي هذا الحين، كان يوهانز كيبلر مساعداً لتيكو براهي يعمل معه في مرصده، وبذلك ورث كيبلر جميع الإنجازات الرصدية لبراهي فعكف على دراسة مسار كوكب المريخ محاولاً وضع نموذج هندسي لحركة هذا الكوكب حول الشمس. فما لبث أن اكتشف أن نموذج المسار هو إهليلجي وليس دائرياً . فكانت نتيجة رصده دقيقة بحيث اعتبر الشمس إحدى بؤرتي الإهليلج. ومن هنا فإن العالم الألماني كيبلر استخدم نموذج براهي إلا أنه وضع الشمس في المركز حيث رأى أن الكواكب تتحرك بشكل إهليلجي حول الشمس وبهذا أمكن التخلص من فكرة فلك التدوير حتى في نظام كوبرنيكس. وجاء جيمس برادلي 1693-1762 م الفلكي الإنكليزي ليكتشف زيغ الأضواء وبذلك لينهي الجدل حول مركزية الشمس حيث قدم الدليل المباشر على أن الأرض تدور حولها. ولكن النقاش حول نموذج النظام الشمسي كما نعرفه لم ينتهِ بعد. ففي كتابي «النظام الشمسي وحركة الأجرام السماوية» أحاول تقديم تفسير لظواهر لم يشرحها نموذج مركزية الشمس القائم على أن الشمس مركز الكون، ما يجعل هذا النموذج محطّ كثير من التساؤلات، أهمها أن الشمس ليست مركز الكون ونموذجه لا يتطرق إلى مسألة وجود كواكب تدور حول محورها بعكس عقارب الساعة وأخرى تدور معها. وهو أيضاً لا يتطرق إلى الحركة التراجعية المباشرة للأجرام السماوية بحيث أن الجرم يدور بعكس اتجاه دوران الجسم المركزي. وهناك إشارات استفهام حول الحركة الارتدادية كما يحصل عند مشاهدة حركة رجوع المريخ على سبيل المثال ومن ثم توجهه نحو الأمام.
فعلى سبيل المثال، إننا نعرف أن الأرض تدور عكس عقارب الساعة حول محورها بينما كوكب الزهرة يدور مع عقارب الساعة كما نراها من أعلى النظام الشمسي. فباعتقادي زاوية ميلان الكوكب هي التي تقرر جهة دورانه حول محوره، فمثلاً، إن جميع الكواكب في نظامنا الشمسي التي تدور بعكس اتجاه عقارب الساعة لها زاوية ميلان أقل من الزاوية القائمة، أما البقية التي تدور مع عقارب الساعة فزاوية ميلانها هي أكبر من الزاوية القائمة. فإذا ما شبهنا دوران الكواكب حول محورها ببقع ضوء لونها أزرق وأحمر فإن كل كوكب ندفعه على حدة إلى إحدى هذه الجهات سيضيء بلون. وعلى سبيل المثال فإن الكواكب التي تدفع إلى اليمين ستضيء باللون الأزرق دائماً وإذا دفعناها إلى الجهة المضادة فإنها ستضيء باللون الأحمر دائماً حتى في حال إذا ما جمعناها وقلبناها رأساً على عقب فإن الكواكب في الجهة اليمنى ستضيء باللون الأزرق والأخرى ستضيء اللون الأحمر. ما يجعلنا نستنتج أن عملية قلب الكواكب أو ارتطامها بالشهب كما يفسر البعض سبب اختلاف جهة دوران الكواكب ليس لها بالضرورة علاقة بجهة الدوران.
ومن هنا، فإذا ما خلقنا الجهة اليمنى فإننا في الوقت عينه نخلق الجهة المضادة اليسرى في هذه الحال . وبهذا نستطيع استنتاج أن الكوكب يدور عكس ومع عقارب الساعة في الوقت عينه فهو يخلق اتجاهين معاكسين، فمثلاً هناك أجرام سماوية تدور حول الجسم المركزي بعكس جهة دورانه، كما يلاحظ في أقمار كوكب المشتري الستة والثلاثين المعروفة حتى الآن والتي البعض منها يدور باتجاه جهة دوران المشتري والبعض الآخر بعكسه. فزاوية الميلان تحدد جهة الدوران إن كانت من 0 90 درجة فهي تدور مع اتجاه الكوكب، وإن كانت من 90-180 درجة فهي تدور عكس اتجاهه. وكمثال أوضح لو أخذنا الأرض وقمرها فهو يدور حولها في جهة دورانها من العليا، لأن زاوية ميلان القمر هي بين 0-90 درجة. فَلَو وضعنا قمراً آخر في زاوية ميلان 90-180 درجة لدار بعكس جهة دوران الأرض حول نفسها. وهذه الملاحظات تنطبق على جميع الأجرام السماوية التي تدور حول أجسام مركزية حتى المذنبات حول الشمس.
وهذا كله يعود إلى الحقل المغناطيسي الذي يشكله كل جسم مركزي من حوله حيث يخلق له حيزاً في الكون. على أساس أنه ليس هناك حيزاً مطلقاً. فكل جسم مركزي له حيزه الخاص به. فمثلاً الأرض موجودة في حيّز الشمس ومتأثرة به إلا أنها في الوقت نفسه لها حيزها الخاص بها الذي يؤثر بالقمر الموجود فيه، بذلك لا يتأثر القمر بحيز الشمس ومن هنا تكون سرعة الأجرام تناسبية. فمثلاً كوكبا عطارد والزهرة هما الوحيدان اللذان ليس لديهما أي قمر في نظامنا الشمسي. فهذا يعود باعتقادي إلى أنهما لا يدوران حول نفسيهما وبذلك لا يستطيعان خلق حيّز يدور حولهما ليس كما يحاول علماء الفلك اليوم أن يفسروا هذه الحالة بكبر حجم الكوكب. فباعتقادي أن الحجم ليس هو السبب لعدم وجود أقمار حول الكوكبين. فبلوتو لم يعد يعتبر كوكباً بسبب صغر حجمه إلا أن لديه خمسة أقمار مكتشفة حتى الآن تدور حوله. وهناك أمثلة عديدة على هذه الظاهرة. وباعتقادي فإن ذلك يعود إلى دوران بلوتو حول نفسه، ما خلق لها حيزاً لتدور بدوران الكوكب. ومن الحالات التي تسترعي الانتباه حالة دوران كوكب أورانوس حول محوره حيث أنه يدور حول نفسه بشكل أفقي تقريباً نحو الأمام مثل دوران الدولاب إلى الأمام فإننا نلحظ أن جميع أقمار هذا الكوكب تتبع دورانه حول نفسه. نستنتج هنا أيضاً أن الحيّز الذي خلقه أورانوس حول نفسه مرتبط بدورانه. فبالتالي فإن دوران الشمس حول نفسها يجعل من جميع الأجسام التي في فلكها تدور حولها.
هذه العلاقة بين دوران الأجرام المركزية حول نفسها ودوران الأجرام حولها لم يأخذه أي من علماء الفلك بعين الاعتبار حتى الآن في شرح نموذج النظام الشمسي اليوم. فهذه النظرة هي نظرة رياضية تغطي حاجتنا الضرورية لكن ليس بالضرورة أن تكون الواقع نفسه.
وما يقدمه الكتاب من الجديد أيضاً هو تفسير لانحراف مسار الأجسام التي تدور حول الأجرام المركزية وعلى سبيل المثال مسار دوران الكواكب حول الشمس. فليس هناك كوكب أو أي جسم سماوي آخر يدور حول الشمس من دون أن يقطع خط استوائها. فبما أن الشمس تدور حول نفسها باتجاه عقارب الساعة وعكسها في آن واحد فإنها تَخَلَّق حيزين مضادي الاتجاه مع وعكس اتجاه عقارب الساعة فوق خط استوائها وتحته. وهذا ما يفسر لنا عدم إمكان دوران الأجسام في نصفها العلوي أو السفلي دورة كاملة ولذلك فهي مجبرة على سلوك مسار منحرف يقطع خط الاستواء.
وأيضاً فبما أن الشمس ليست مركزاً للكون فهي أيضاً تدور في مسار خاص بها حول مركز مجرة درب التبانة. وهذا يجعلنا نعتقد بأن الكواكب لا تستطيع أن تدور دورة كاملة حول الشمس بسبب تحركها في مسارها. فبرأيي فهي تدور حول الشمس في مسارين نصف دائريين في الجهة نفسها التي تتحرك الشمس بها. وهذا يفسر ظاهرة الأنالما بشكل أفضل والمشروح بإسهاب أكثر في كتابي «النظام الشمسي والأجرام السماوية».