هل تسير روسيا ومصر نحو بناء تحالف استراتيجي حقيقي؟
يشكل اللقاء الذي جرى في موسكو بين الرئيسين، الروسي والمصري، هو الرابع في أقل من سنتين، غير ان هذه الزيارة الجديدة التي قام بها السيسي إلى موسكو تعد مؤشراً واضحاً على استقرار العلاقات بين البلدين، ووضوح رؤيتهما المشتركة في السياسة الخارجية كما قال سفير مصري سابق لدى روسيا… فهل تسير الدولتان نحو بناء تحالف استراتيجي حقيقي؟ أين وصلت مصر من إعادة تصويب بوصلتها من خلال التوجه شرقاً؟
وأين تقف روسيا من إعادة الترميم لشبكة مواقعها في المنطقة العربية بخاصة في ضوء المشاورات الحثيثة التي يجريها الرئيس بوتين مع قادة المنطقة؟
على الصعيد الثنائي: ثمة مخزون مدهش من المشاريع الروسية – المصرية المشتركة التي تتراوح درجات أحجامها بين المصيرية والمهمة… وتتعدد مراحل تقدمها بين التفاهمات المبدئية والتطبيق الفعلي على الأرض… ولكن ما الجديد؟
عسكرياً: استأنفت القاهرة تسلم الأسلحة الروسية الحديثة… فأين وصلت مصر من تنويع مصادر سلاحها وتدريبها وما أهمية ذلك؟
أما إقليمياً: هل تساعد مواقف الدبلوماسيتين الروسية والمصرية في تقريب الحلول لأزمات الشرق الأوسط وعلى رأسها الأزمة السورية… وبخاصة عبر تنسيقات نشطة للبلدين مع غيرهما من الفاعلين في المنطقة والعالم؟
وأكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في لقاء مع نظيره المصري عبد الفتاح السيسي في موسكو دور مصر في أمن منطقة الشرق الأوسط.
وقال بوتين في مؤتمر صحافي مشترك مع السيسي «أعول كثيراً على أنه سيتسنى لنا خلال زيارتكم بحث مسائل اقتصادية»، وأضاف ان «التبادل التجاري بين بلدينا زاد خلال العام الماضي بمقدار 86 في المئة».
ولفت بوتين الى انه «تمَّ خلال اللقاء مع السيسي مناقشة الوضع بالمنطقة في شكل عام والتسوية الفلسطينية «الإسرائيلية» ومكافحة الإرهاب»، وأكد ان «مصر في كل هذه القضايا تؤدي بالطبع دوراً محورياً».
وأشار بوتين الى انه «تمَّ الاتفاق على بناء جبهة اقليمية واسعة لمكافحة الارهاب»، وتابع «اتفقنا مع القاهرة على إنشاء اول محطة نووية لتوليد الطاقة في مصر».
ووصف بوتين محادثاته مع السيسي بأنها جرت في جو بناء وودي، إذ تبادل الطرفان الآراء حول مجمل العلاقات الثنائية التي كانت تحمل دائماً طابعاً ودياً ومتبادل المنفعة.
وقال إن الطرفين يتفقان أن تعزيز التعاون الروسي – المصري على الساحة الدولية يصب في المصالح الأصيلة للدولتين، مؤكداً أن محادثاته مع السيسي تناولت أيضاً مسائل أخرى تتعلق بالوضع في المنطقة.
من جهته، قال الرئيس السيسي إن «اللقاء الحالي هو الرابع بين رئيسي البلدين إلى أن ذلك يؤكد الطابع الخاص للعلاقات الثنائية بين مصر وروسيا».
وقال السيسي أن لقاءه مع بوتين سيعطي دفعة إضافية للعلاقات بين البلدين التي شهدت على مدار العامين الماضيين نمواً مستمراً ونقلة نوعية حقيقية. وأضاف: «نسعى للبناء عليها لترسيخ شراكتنا في المستقبل، بخاصة في ظل المواقف الشجاعة التي اتخذتها روسيا لدعم خيارات الشعب المصري في الوقت الذي واجهت فيه مصر تحديات جسيمة وغير مسبوقة».
وأضاف السيسي ان «الشعب المصري ينظر بأمل إلى آفاق تطوير العلاقات بين البلدين في المجال الاقتصادي وكذلك في مجال مكافحة الإرهاب بخاصة في تلك المنطقة التي تواجه مشاكل كبيرة تتعلق بالإرهاب والتطرف».
وكان الرئيس الروسي أكد في وقت سابق دور مصر في ضمان أمن منطقة الشرق الأوسط.
وقال السيسي إن الحكومة المصرية تكافح الإرهاب ليس فقط من خلال استخدام القوة، بل وكذلك بتنمية البلاد اقتصادياً واجتماعياً، وأعرب عن شكره للقيادة الروسية لحضور رئيس الوزراء الروسي ديميتري ميدفيديف في افتتاح قناة السويس الجديدة.
وتعتبر هذه الزيارة الثانية للسيسي إلى موسكو هذا العام، علماً أنه حضر في أيار الماضي الاحتفالات بمناسبة الذكرى السبعين للانتصار على النازية. كما قام الرئيس المصري بزيارة إلى روسيا في آب عام 2014. فيما زار بوتين مصر في نيسان الماضي.
وتأتي زيارة السيسي إلى موسكو في الوقت الذي تواصل فيه القيادة الروسية المشاورات على المستويين العالمي والإقليمي حول مبادرة الرئيس بوتين لتشكيل تحالف واسع لمواجهة تنظيم «داعش» الإرهابي.
وقال ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية الروسي في مقابلة صحافية الأسبوع الماضي إن المبادرة الروسية الخاصة بتشكيل تحالف مناهض لـ «داعش» تحظى بتأييد واسع في الغرب والشرق الأوسط، على حد سواء.
وبالنسبة الى مصر أصبح موضوع مكافحة الإرهاب الأكثر إلحاحاً بعد سلسلة الهجمات الدامية في سيناء والتي شنها تنظيم «ولاية سيناء» الموالي لـ»داعش». وفي هذا السياق دخل في مصر قبل أيام حيز التطبيق القانون المعدل لمكافحة الإرهاب بعد أن صادق عليه السيسي.
كما أن مصر تعد شريكاً مهماً لروسيا في ما يخص المساعي الدولية لتوحيد صفوف المعارضة السورية تمهيداً لإطلاق مفاوضات شاملة مع دمشق. وكانت موسكو استضافت على مدى الأيام العشرة الماضية مشاورات مكثفة بهذا الشأن في العاصمة الروسية مع وزيري الخارجية السعودي عادل الجبير والإيراني محمد جواد ظريف، و3 وفود للمعارضة السورية.
وقال بوغدانوف تعليقاً على آفاق استئناف عملية المفاوض بين الحكومة السورية إن نتائج لقاءات المعارضين السوريين في موسكو والقاهرة يجب أن تشكل قاعدة مشتركة لإجراء المفاوضات مع دمشق في إطار عملية «جنيف-3».
ويذكر أنه في الآونة الأخيرة وقعت مصر وروسيا عقوداً لتوريد معدات عسكرية تقدر قيمتها بأكثر من ثلاثة مليارات دولار.