خليل: فليسمع العالم كلّه أنّ السوريين يقفون صفّاً واحداً في وجه هذه الحرب الإرهابية
رانيا مشوِّح
نظّمت وزارة الثقافة السورية اعتصاماً أمام مبنى المديرية العامة للآثار والمتاحف في دمشق، تنديداً بالمجازر الوحشية التي يقوم بها تنظيم «داعش» الإرهابي، واستنكاراً لجرائمه في تدمير معبد «بعل شمين» في تدمر، المدرج على لائحة التراث العالمي، وشجباً لإقدام التنظيم الإرهابي على إعدام الشهيد الباحث خالد الأسعد في مدينة تدمر.
شارك في الاعتصام وزير الثقافة عصام خليل، ووزير السياحة المهندس بشر يازجي، وعدد من الشخصيات السياسية والفنية والثقافية السورية.
وعبّر خليل عن فحوى رسالة الاعتصام بالقول: «نحن هنا للتعبير عن استنكارنا الشديد للجرائم التي يقوم بها تنظيم داعش وغيره من التنظيمات الإرهابية ضد الشعب السوري والإنسانية».
وأضاف: «كلّ جريمة تطاول الآثار السورية، إنما هي تطاول الإنسانية كلها، لأن هذا الإرث الإنساني العظيم والغني هو لكلّ الإنسانية، وإن كان جغرافياً موجوداً على أرض سورية. إنّ هذه الجرائم الإرهابية ما كان لها أن تتم لولا الدعم والمساعدة اللذين تحظى بهما التنظيمات الإرهابية من أطراف عربية وإقليمية ودولية متورّطة في سفك الدم السوري، وفي دعم الإرهاب، وهي بذلك تخالف قرارات مجلس الأمن المرتبطة بعدم جواز الاتجار بالآثار المسروقة، لا سيما القرار 2199 القاضي بعدم جواز الاتّجار بالآثار المسروقة من سورية والعراق. ولذلك نحن نطالب المنظمات الدولية أن تتحمل مسؤوليتها الأخلاقية والقانونية كاملة لوقف هذا المسلسل الإجرامي بحق واحدة من أغنى الحضارات الإنسانية المتمثلة في التراث السوري. ولذلك، من واجب هذه المنظمات ألا تكتفي ببيانات الإدانة، إنما يجب أن يبدر موقف جادّ ومسؤول من الدول المعنيّة لوقف مسلسل الاعتداء على الإرث الإنساني السوري وعلى الشعب السوري كلّه من خلال مساندة الإرهاب ودعمه. هذه رسالتنا، ونريد من العالم كله أن يسمع أنّ السوريين يقفون صفاً واحداً في وجه هذه الحرب الإرهابية المفروضة على سورية، والتي دفع السوريون تضحيات جسام بالنيابة عن البشرية كلها في مواجهة هذه الحرب».
بدوره، قال يازجي: «نؤكد أن معبد بعل شمين سيبقى كما كان في ذاكرة الإنسانية والعالم أجمع، وسيضاف إليه أنه تعرض للإرهاب التكفيري، وسنضيف مستقبلاً أن السوريين أعادوا بناءه وترميمه بالخبرات العلمية وبسواعد أبناء سورية المنتصرة. اليوم، نؤكد أن الإرهاب لن يستطيع التأثير على حضارة سبعة آلاف سنة، وندين صمت العالم المخجل بحق ما يجري في سورية، والتأكيد أيضاً أن السوريين سيعيدون المعبد ومدينة تدمر بكاملها محجاً للسيّاح كما كانا».
وفي حديث لـ«البناء»، أشار مدير عام هيئة الآثار والمتاحف الدكتور مأمون عبد الكريم إلى الهدف من الاعتصام قائلاً: «الهدف الأول من الاعتصام التنديد بهذا الاستهداف الممنهج والطريقة الوحشية وغير الإنسانية من قبل هؤلاء الإرهابيين الذين لا يؤمنون بالحضارة ولا يؤمنون بقيمة التراث، والذين يعيثون إجراماً في مدينة تدمر. ودمّروا معبد بعل شمين وأعطوا رخصة التنقيب الهمجية لعصابات الآثار في تدمر، وحوّلوا المتحف الوطني إلى سجن، ودمّروا التماثيل وأعدموا الشهيد الباحث خالد الأسعد بطريقة وحشية. هناك مسلسل إجرامي، ونحن موجودون هنا في المتحف الوطني لتقديم رسالة إلى العالم مفادها أنّ التراث السوري جزء عريق من التراث العالمي، وهناك مسؤولية كبيرة أممية للضغط على العصابات التي لا دين لها ولا احترام لها ضد التراث الذي ينزف يومياً. ونطالبهم بعدم الصمت لأنه لن يجدي نفعاً. تدمر معرّضة للدمار والعالم صامت، فعليه أن يتحرّك بقوّة للمشاركة مع الجهود الوطنية السورية في سبيل إنقاذ هذا الإرث الحضاري، لأنه مسؤولية جماعية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وإلا ستكون فضيحة إنسانية ضدّ التراث الإنساني.
كما قال مدير الهيئة العامة للآثار والمتاحف الدكتور جهاد بكفلوني لـ«البناء»: «اليد المجرمة التي قتلت العالم الجليل خالد الأسعد بطريقة وحشية، هي اليد نفسها اليوم تتابع إنجاز حلقات جديدة من مسلسل تدمير الحضارة الرائعة. وهذا الاعتصام عبارة عن رسالة للعالم الذي يدّعي الحضارة والمدنية. وقد وضعنا عدة إشارات تعجّب على مدنيتهم. فهم من أرسل الأسلحة، وسهّل استقطاب المجموعات التي ما حملت سوى القتل والدمار. اليوم لا نكتفي بإدانة تصدر عن أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون، إنما نريد فعلاً على أرض الواقع، فهؤلاء الذين دمّروا الآثار العظيمة في تدمر، ما كانوا قادرين على فعل جريمتهم النكراء لو لم يكونوا مزوّدين بأرقى الأسلحة وأحدثها، المنتجة في الغرب. فيكفي التحدّث مع المواطن العربي في سورية بلسان الكذب، المواطن صار يعرف أن الغرب كاذب، وكل ما يصدر عنه من إدانات واستنكار ما هو إلا ذرّ رماد في العيون. فإذا أرادوا إثبات أنهم حريصون على سورية تاريخاً وحاضراً ومستقبلاً، عليهم التوقف عن دعم هذه المجموعات التي لن تحمل معها إلا لعنة الأجيال ومذمّة التاريخ».