الأجوبة متى؟
بلال شرارة
تعليقاً على الإعلان الأميركي قتل الرجل الثاني في داعش
ليس هناك رجل ثانٍ أو أول أو ثالث في داعش. هناك تسلسل قيادي طبعاً ولكن الجميع قتلة محترفون على قدر السوية.
نحن بالنسبة إلى جميعهم، أقصد بلادنا وأرضنا والناس. كبار السنّ والنساء والأطفال وطبعاً الرجال والشباب والشابات، كلنا أهداف على لائحة داعش السوداء كلنا على لائحة الذبح والسبي.
أليس هذا الأمر ما أكدته تجربة داعش في سورية ولبنان والعراق؟
أليست هذه تجربة لبنان؟
من خطف العسكريين؟ من هاجم مراكزهم بالأساس؟ من خطف بلدة عرسال. ووضع سلاحاً في صدغ سكانها؟ مَنْ مِنْ عرسال فكر آنذاك بالكسب الآني من تجارة السلاح ونقل المسلحين والسلع ولم يتطلع أبعد من أنفه ليرى أنه يطلق العنان للثور في حديقة الخزف؟
نحن، أنا شخصياً، لا أهتم من هو الرجل الثاني. ولو أنّ الأخبار طالعتني بأنّ «الخليفة» أبو بكر البغدادي قد قتل وهو ما سوف يحدث لاحقاً، فهذا الأمر لن يغيّر شيئاً، لأنّ هناك إطاراً من القتلة موجود في الشرق وفي دول آسيا ودول أفريقيا الإسلامية.
الآن «ولي الأمر» هنا وهناك يفرّ بما خفّ وزنه وغلا ثمنه. يهرب بالأموال ويسرق خمسة ملايين دولار أو عشرين مليون لا همّ! يقطع لحم جماعة ويتمرّد، يدير مناطق لحسابه ولاية كما يحدث في بعض الأنحاء كان الأمر كذلك في غزة أمراء على الأنفاق من هنا وضباط من هناك. كما اعترف لي أحد المصادر ورشة تهريب من الحي المتبقي في يد المعارضة حمص وربما في حلب وربما في ضواحي الشام.
شراء وبيع مناطق وحواجز وصنع انتصارات موهومة، والنتيجة أنّ الموت يفترش المساحة العربية من المحيط إلى الخليج. الإرهاب قبض ثمن عمله مسبقاً. جرى تمويله وتسليحه وجعله عابراً لحدود الدول وربما القارات.
طيّب… إذا كان هذا القدر الكبير من «الثوار» التابعين للقاعدة وداعش موجوداً أساساً فكيف كان النظام العربي سائداً؟
لماذا لم يهاجموا الموصل في عهد صدام؟ لماذا لم يحتلوا سرت أيام القذافي؟ لماذا لم يدعم النظام العربي القاعدة لاحتلال تعز في اليمن أيام كان الرئيس علي عبد الله صالح يترأس اليمن؟
لماذا حدث فجأة هذا التعاون الرسمي الدولي – الإقليمي – العربي مع التنظيم الدولي للإخوان المسلمين ومع مسمياته داعش والقاعدة،أليسا هما التعبير الأصولي عن التنظيم الأممي للإخوان؟ ألم يكن هؤلاء يقيمون تحت نظر وسمع أجهزة الأمن الدولية في الغرب، ألم يكن مسيطَراً على حركتهم بـ»ريموت كونترول» لإحكام السيطرة على مواردنا البشرية والطبيعية؟
أليست هذه الفوضى «الإرهابية» هي إحدى تعبيرات الفوضى البناءة؟
اليوم ربما بلغ «الموسى دقن الجميع»، «فإذا ماتوا انتبهوا»، ويحاولون إدارة الحرب! بضرب داعش والقاعدة على أطراف أصابعهما، وليس هزيمتهما؟ فمن يظن أنّ تركيا ستغلق حدودها؟ ألا تخدم داعش العملية الانتخابية لحزب التنمية والعدالة باعتباره تركياً ضرورة لضبط الإسلام المتفلت؟
كنت أتوقع ليس إعدام الخبير الدولي في تدمر فحسب. أنا أتوقع في ذات اللحظة إعدام تدمر وإسقاط التاريخ، لأنّ المشروع هو وضع نهاية للتاريخ وأن يبدأ التاريخ منذ اكتشاف كريستوف كولومبوس للقارة الأميركية. فمن قال إنّ الإدارة الاميركية تهتمّ بتاريخ وجغرافيا الأحوال الاجتماعية أيام سيادة الأنظمة الملكية في أوروبا؟ ومن قال إنّ الإدارة نفسها بالتسلسل تهتمّ بنظامنا السياسي الذي لم يتغيّر منذ فجر التاريخ؟ حيث ما زالت تحكمنا أنماط متفاوتة من السلطة ما أنزل الله بها من سلطان.
كلّ يوم وأنا اتابع الأخبار من سرت إلى الأنبار مروراً بسورية، أجمع مقتل عشرات المسلحين ولكن نبع هؤلاء لا ينضب وكأنهم لا يهتمّون لموتهم… ولكن السؤال بالنسبة لنا هو: كيف نبني ونصنع ونعمّر الحياة عندنا؟
هل سنبقى في لبنان مثلاً نتغنى في فصول حكايات الشيخ أحمد الأسير؟ وفي سورية حكاية زهران علوش؟ وفي العراق وسورية حكاية أبو بكر البغدادي؟
ألم يحن الموعد لنعيش حكاية بلادنا غداً؟ كيف كان اليمن سعيداً منذ ما يزيد على ثلاثة آلاف سنة ولم يعد اليوم؟ كيف كان برّ الشام ممتلئاً نعمة وسهل البقاع إهراءات روما؟ وكيف كانت بلاد ما بين النهرين تكتب الرواية والنص والتاريخ على الألواح السومرية؟
أنا لا أعرف الإجابة ولكني تعبت من الأسئلة.
ألم يحن الوقت للأجوبة؟