الموصل خارج سيطرة الحكومة العراقية… والنجيفي يدعو إلى الوحدة لمواجهة الإرهاب

تطورات دراماتيكية متسارعة شهدها العراق خلال الساعات الأربع والعشرين الأخيرة بدءاً من الموصل الذي سيطر مسلحو تنظيم داعش عليها وعلى الحويجة وأحياء من كركوك بعد معارك عنيفة، ما دفع الحكومة العراقية إلى تشكيل خلية أزمة برئاسة نوري المالكي بعد أن دعت البرلمان إلى إعلان الطوارئ.

وكانت وكالة أنباء «الأناضول» أفادت في وقت سابق عن سيطرة داعش على مطار الموصل المدني، ثاني أكبر مدن العراق، مضيفة أن «مسلحي التنظيم سيطروا أيضاً على مبنى محافظة نينوى ومركز القاهرة للشرطة وقاموا بإحراقه».

المعارك مستمرة منذ 4 أيام

وتستمر المعارك بين الجيش العراقي والتنظيم منذ أربعة أيام. وقال مصدر: «إن هذه المنطقة تمرّ بأشد مراحلها الأمنية بعد انتشار مسلحي داعش فجر أمس في أحياء متفرقة من الساحل الأيسر الذي كان مسرحاً للعمليات العسكرية لداعش الموجود أساساً فيها».

وأضاف المصدر أن «مسلحي داعش عملوا في بداية الأمر على إخراج معتقليهم الذين اعتقلتهم القوات الأمنية العراقية في الأيام الماضية وأودعوا سجون الموصل» مشيراً إلى أنهم «نجحوا في ذلك عندما قاموا بالسيطرة على سجن بادوش الواقع غرب الموصل، وكذلك على سجن التسفيرات في منطقة الفيصلية شرق الموصل، وعلى سجن مكافحة الإرهاب الذي يقع وسط المدينة»، لافتاً إلى أن «جميع المعتقلين تمكنوا من الخروج منها».

وتابع المصدر أن «عناصر داعش تمكنت من السيطرة أيضاً على مبنى محافظة نينوى الذي يضم مقري الحزبين الطالباني والبرزاني اللذين أخليا بالكامل خوفاً من استهداف داعش لهما، كما حصل في اليومين الماضيين في الدومو في طوزخرماتو».

ونفى المصدر أن تكون عناصر داعش سيطرت على المطار العسكري الموجود في المدينة كونه «مقراً للعمليات والخطط الأمنية والعسكرية للجيش العراقي ويتمركز فيه أيضاً الضباط».

ويبدو أن القوات الأمنية العراقية لم تتخذ بعد قرار الحسم العسكري لعدم تكرار سيناريو ما حصل في الفلوجة والرمادي أي الحديث عن الجبهة الثانية المناوئة للحكومة، كما أن مدينة الموصل هي مدينة مترامية الأطراف وأحياؤها السكنية متقاربة جداً وأي عمليات تطهير إذا ما أجريت عسكرياً فإنه ستنتج عنها أضرار بشرية ومادية كبيرة، خصوصاً أن هناك عائلات بالآلاف لا تزال محاصرة داخل هذه الأحياء التي يسيطر عليها عناصر «داعش».

وبحسب مصادر عسكرية فإن «وجود المدنيين في هذه الأحياء يعيق تقدم القوات العراقية التي راهنت في الأيام الماضية على أجهزة مكافحة الإرهاب، التي ربما ستستقدم من بغداد من أجل القيام بعمليات عسكرية»، مضيفة أن توسع العملية مع التباطؤ هو لعدم حسم هذه المعركة.

وشهدت المحافظات الملاصقة لمحافظة نينوى والموصل وهي كركوك وصلاح الدين وحدود الأنبار استنفاراً أمنياً كبيراً جداً خوفاً من انتشار مسلحي داعش فيها. وقد شهدت هذه المناطق دوريات من قبل الجيش العراقي واستنفرت قوات البشمركة على طول الحدود التي تربط محافظة دهوك بمحافظة نينوى شمالاً وصولاً إلى محافظة ديالى التي تشهد استنفاراً منذ أكثر من ثلاثة أيام أيضاً، عقب معركة سامراء التي حاول فيها مسلحو داعش السيطرة على مرقد الإمامين العسكريين وسط هذا القضاء.

إقالة مدير شرطة

وأفاد مصدر في شرطة محافظة صلاح الدين بالعراق، بأن مسلحي تنظيم «داعش» انتشروا في مؤسسات حكومية بالشرقاط شمال تكريت. وقال: «إن مسلحي داعش انتشروا في مبنى قائممقامية الشرقاط وعلى مديرية الشرطة في الشرقاط وقاموا بإحراق مقر فوج الطوارئ». وأضاف المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أن «عدداً من مناطق الشرقاط بدت خالية من القوات الأمنية العراقية».

وكان مصدر في شرطة محافظة صلاح الدين أفاد في وقت سابق بأن عناصر «داعش» انتشرت في أحد الطرق الرئيسة شرق تكريت، وفي حين بين أنه فرض حظر تجول جزئي بمناطق قضاء بيجي وتكريت، أشار إلى أن العشرات من الأسر بدأت بالنزوح من تكريت إلى شمال العراق.

وفي السياق، أعلن رئيس مجلس محافظة صلاح الدين العراقية أحمد الكريم إقالة مدير شرطة المحافظة اللواء الركن جمعة عناد وتعيين المدير السابق الذي تم اجتثاثه حمد النامس بدلاً منه. ومن الغريب أن هذا القرار يأتي في وقت تواجه فيه المحافظة حالياً هجوماً خطراً.

وقال الكريم: «إن مدير شرطة صلاح الدين اللواء الركن جمعة عناد أقيل من منصبه واستدعي مدير الشرطة السابق حمد النامس الذي سبق أن اجتث من منصبه، ليحل بدلاً من عناد». وأضاف الكريم أنه «استُدعي العميد الركن عصام متعب والذي اجتث أيضاً من منصب مدير شرطة تكريت الذي كان يشغله سابقاً، وعُيّن حالياً معاوناً لقائد شرطة المحافظة».

النجيفي: «داعش» سيدمر العراق

حذر رئيس البرلمان العراقي أسامة النجيفي من قيام داعش بتدمير العراق ما لم تُجهّز كل الإمكانات الدولية والوطنية للتصدي للتنظيم. واعتبر في مؤتمر صحافي في البرلمان أن ما يحدث في الموصل مؤامرة تستهدف العراق. ودعا الجيش إلى تكثيف القصف الجوي على داعش. وطالب رئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني بتقديم الدعم العسكري للجيش والمساعدة للنازحين من نينوى.

من جهة أخرى، قرر مجلس النواب العراقي أمس عقد جلسة طارئة غداً الخميس، لمناقشة الأوضاع الأمنية التي تشهدها البلاد.

وقالت قناة العراقية الرسمية في خبر عاجل بثته أمس: «إن مجلس النواب العراقي قرر اليوم عقد جلسة طارئة يوم الخميس المقبل». وأضافت: «المجلس سيناقش الأوضاع الأمنية التي تشهدها البلاد، خصوصاً محافظة نينوى».

وجاء ذلك بعدما تسلم مجلس النواب العراقي، في وقت سابق، طلباً مشتركاً من رئاستي الجمهورية والوزراء لإعلان حالة الطوارئ.

تنديد… ودعم

وتلقت الحكومة العراقية مواقف عربية وإقليمية داعمة، إذ أعلنت جامعة الدول العربية دعمها للجهود التي تبذلها الحكومة العراقية من أجل محاربة الإرهاب، وأعربت عن استيائها من تصاعد موجة العمليات الإرهابية ضد المواطنين العراقيين التي استهدفت آخرها مدينة الموصل.

وقال الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي في بيان وفق «السومرية نيوز»: «إن جامعة الدول العربية تتضامن بالكامل مع العراق وشعبه في مواجهة هذه المحنة وتبدي دعمها للجهود التي تبذلها الحكومة العراقية من أجل محاربة الإرهاب»، مؤكداً ضرورة «تحقيق التوافق الوطني العراقي في هذه المرحلة الخطيرة التي تهدد أمن العراق واستقراره السياسي».

واستنكرت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الإيرانية مرضية أفخم، هجوم الإرهابيين على مدينة الموصل مركز محافظة نينوى الواقعة شمال غربي العراق، واعتبرت اتساع نطاق الهجمات الإرهابية في العراق مثالاً بارزاً لخطر الإرهاب العابر للحدود.

وأعربت أفخم عن القلق من مسار هجمات الإرهابيين المتسلسلة على مختلف المناطق المدنية والقروية في العراق، وعبرت عن الأمل بأن يفضي الإجراء المشترك لقوات الجيش والقوى الأمنية والشعب العراقي في مواجهة الإرهابيين، إلى إعادة الأمن والاستقرار إلى المناطق التي تعرضت للهجمات.

واعتبرت المتحدثة باسم الخارجية الإيرانية أن اتساع نطاق الهجمات الإرهابية في العراق مثالاً بارزاً لخطر الإرهاب العابر للحدود، وأضافت: «التهديد الذي يمثله الإرهاب على النطاق العالمي يستوجب وقوف الحكومات والأوساط الدولية إلى جانب الحكومة والشعب العراقي في الظروف الخطيرة الراهنة».

وأعلنت أفخم دعم الجمهورية الإسلامية في إيران للحكومة والشعب العراقي في الظروف الجارية، معتبرة أن المهم والمؤثر جداً ترسيخ التضامن والتعاون بين جميع الأطراف السياسية في مواجهة الإرهابيين في العراق.

نزوح سكاني

وأكد مصدر عراقي مطلع أن المدينة شهدت موجة نزوح كبيرة باتجاه البلدات والقرى المجاورة، وذلك جراء الهجوم. وأضاف أن أرتالاً طويلةً من النازحين توجهوا إلى المناطق الكردية، إلا أن سلطات منطقة كردستان ترفض حتى الآن استقبالهم.

وأفادت تقارير أن بلدات سهل نينوى تستقبل النازحين من الموصل، في وقت حذّرت مصادر محلية من كارثة إنسانية جراء الأزمة.

وفي السياق، خرجت تظاهرةٌ في الموصل تطالب بحماية سكانها ومحاسبة محافظ المدينة الذي اتّهموه بالتواطؤ مع الإرهاب. وحمل الأهالي المحافظ اثيل النجيفي المسؤولية، داعين الحكومة إلى تغييره بأسرع وقت ممكن.

ووجه الأهالي نداء لممثليهم في مجلسي النواب ومحافظة نينوى بالتحرك السريع من أجل إيصال صوت الجماهير للجهات المعنية، مؤكدين أن الإرهاب لا يرحم ولا يعرف الإنسانية وأن الإرهابيين هم وحوش على شكل بشر.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى