اليمن: ما هي خلفيات تقهقر الجيش واللجان؟
حميدي العبدالله
خسر الجيش واللجان الشعبية السيطرة على أكثر من 90 في المئة من المناطق التي سيطرا عليها في المحافظات الجنوبية.
تعدّدت التفسيرات والروايات حول أسباب هذا التقهقر وخسارة المناطق التي سيطر عليها الجيش واللجان. عندما سقطت عدن وحقق أنصار هادي تقدماً ملحوظاً، قيل في تفسير ذلك أنّ قواتٍ عربية، وتحديداً من الإمارات العربية، كان لها الدور الكبير في السيطرة على عدن، ولكن بعد أيام قليلة جرى تبني رواية أخرى مفادها أنّ الجيش واللجان انسحبا من عدن لتسهيل دخول قوات التحالف العربي إلى المدينة والاشتباك الالتحامي معها لتفويت الفرصة على تفوقها الجوي، ولكن تبين لاحقاً أن لا وجود لقوات الجيش واللجان الشعبية في مدينة عدن، وتمّت لاحقاً سيطرة أنصار هادي على قاعدة العند، تحت ضغط القصف الجوي والهجمات التي شنها أنصاره، وفي وقت لاحق قرّر الجيش واللجان الشعبية الانسحاب من مدينة عتق مركز محافظة شبوة، وفسر هذا الانسحاب بأنه تمّ بناء على اتفاق بين الجيش واللجان الشعبية من جهة، وبين قادة الحراك الجنوبي. قد يكون ذلك صحيحاً وقد لا يكون، أو قد يكون مجرد تبرير يشبه تبرير تقدم أنصار هادي في عدن وتقهقر الجيش واللجان الشعبية، أو قد يكون خطوة استباقية للدفاع عن مناطق أخرى أكثر أهمية، ولكن كيف يمكن تفسير التقدم الذي يحققه أنصار هادي في مدينة تعز على حساب الجيش واللجان الشعبية؟
لا شك أنّ تقهقر الجيش واللجان وخسارتهم بشكل سريع في مناطق واسعة توازي بسرعتها سرعة سيطرة الجيش واللجان على هذه المناطق، يكمن تفسيره في واحد من احتمالين:
ـ الاحتمال الأول، أن يكون الحصار المُحكم على اليمن، والدعم القوي لأنصار هادي والقصف الجوي والبحري الكثيف والمتواصل لقوات الجيش واللجان الشعبية قد أنهك هذه القوات واستنزف قدرتها الهجومية، سيما وأنّ المناطق التي انسحب منها الجيش واللجان الشعبية كانت في الأساس غير موالية للجيش وأنصار الله، إن لم تكن معادية لهما، وهي مناطق المحافظات الجنوبية التي تسعى إلى الانفصال عن اليمن، أو تعز التي تشكل معقلاً من معاقل حزب الإصلاح، أي جماعة الإخوان المسلمين، إضافة إلى أنّ الجيش واللجان الشعبية فشلا في تقديم بدائل سياسية، واستمرا في الرهان على الحوار الذي بات متعذراً، ووضعت في وجهه شروط تجعل من الصعب أن يسفر عن حلّ سياسي سريع للأزمة يضع حدّاً للمعاناة والحصار المُحكم على اليمن.
ـ الاحتمال الثاني، أن يكون الانسحاب تمّ بقرار إرادي، أي أنه انسحاب منظم تحركه حسابات بينها القناعة بعجز القوى التي حاربت الجيش واللجان الشعبية في المحافظات الجنوبية عن التوصل إلى اتفاق على إدارة المحافظات الجنوبية، وتسهيل إجراء حوار سياسي للوصول إلى حلّ للأزمة يضع حدّاً للمعاناة الناجمة عن الحصار والقصف الجوي.
بمعزل عن أي من هذين الاحتمالين هو الذي يفسر تقهقر الجيش واللجان الشعبية، فإنّ الواضح أنّ الوضع في اليمن مفتوح على مزيد من الصراعات، ولا تلوح في الأفق إمكانية لإيجاد حلّ سياسي في وقت قريب، وقد خرجت الأوضاع عن سيطرة الجميع.