لافروف: مطالبة الأسد بالرحيل كشرط لمكافحة الإرهاب أمر ضارّ وغير واقعي
اعتبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن مطالبة الرئيس السوري بشار الأسد بالرحيل كشرط مسبق للشروع في مكافحة الإرهاب، أمر ضار وغير واقعي.
ودعا في في خطاب ألقاه أمس أمام طلاب وأساتذة معهد موسكو للعلاقات الدولية التابع لوزارة الخارجية الروسية إلى التخلي عن هذه المطالب التي ما زال بعض شركاء روسيا متمسكين بها ، باعتبار أن ذلك سيسمح بزيادة فعالية مكافحة الإرهاب، مؤكداً أن هذا هو الهدف الذي ترمي مبادرة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى إحرازه.
وشدد لافروف على أن بشار الأسد ما زال رئيساً شرعياً تماماً على رغم التصريحات الغربية.
وأردف قائلاً: «إنهم يحاولون اليوم ربط كافة الخطوات التي يجب اتخاذها للتسوية في سورية برحيل بشار الأسد باعتبار أنه لم يعد شرعياً، وهو النهج نفسه الذي اعتمدوه للقضاء على صدام حسين ومعمر القذافي. لكن الأسد شرعي تماماً».
وتابع أن هذه المبادرة التي قدمها بوتين في حزيران الماضي خلال استقباله وزير الخارجية السوري وليد المعلم، تتعلق بتوحيد جهود جميع الأطراف التي تدرك الخطر الكبير الذي يمثله تنظيم «الدولة الإسلامية» والجماعات الإرهابية الأخرى.
وأوضح أن هذه المبادرة موجهة، بالدرجة الأولى إلى الجيشين السوري والعراقي والقوات الكردية، أي إلى القوات كافة التي تواجه «داعش» بالسلاح على الأرض.
واعتبر الوزير الروسي أن الجيش السوري يمثل اليوم القوة الأكثر فعالية التي تواجه «داعش» على الأرض.
وتابع: «من المستحيل أن يكون الأسد شرعياً في ما يخص أغراض تدمير الأسلحة الكيماوية، في الوقت الذي ليست له شرعية لمكافحة الإرهاب. يبدو أن المنطق ناقص هناك».
كما أعرب لافروف عن أمله في أن تحظى مبادرة بوتين الخاصة بمكافحة الإرهاب بإقبال واسع، مضيفاً أن ردود الأفعال التي تلقتها موسكو حتى الآن من الولايات المتحدة وأوروبا ودول الخليج ودول المنطقة الأخرى، تدل على أن الجميع بدأوا يدركون أولوية الجهود المشتركة لمكافحة الشر الذي يهدد الجميع».
هذا وحذر لافروف من عواقب الأزمات في الشرق الأوسط على أوروبا نفسها. وحمل التدخل الخارجي مسؤولية أزمة المهاجرين التي تواجهها أوروبا في الأشهر الأخيرة.
وقال: «أزمة اللاجئين وهذه الأفواج لم تسقط من السماء، وهي نتيجة لتحركات معينة قامت بها في شكل أساس هذه الدول التي يتوجه إليها المهاجرون، وأقصد ما حدث ويحدث في العراق وليبيا وأيضاً في سورية».
وفي السياق، أكد مساعد وزير الخارجية الايراني حسين أمير عبد اللهيان لدى لقائة المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة الى سورية ستيفان دي ميستورا أمس ان الرئيس بشار الاسد جزء من اي حل سياسي لمستقبل سورية.
وأكد عبد اللهيان خلال اللقاء، حسب موقع وكالة «فارس»، على الحل السياسي للازمة السورية مشيداً بجهود دي ميستورا مشددا على الدور المهم للاسد في اي حل سياسي.
واكد دعم ايران للسلام والاستقرار في المنطقة وقال: «ان مكافحة الارهاب في المنطقة وسورية تحظى بأهمية بالنسبة الى ايران ونؤمن بضرورة ان يدعم الجميع سورية التي تحارب هذه الظاهرة الخطرة، ونرى ان للامم المتحدة دوراً مهماً في مسيرة مكافحة الارهاب.
وأكد عبد اللهيان أن أي حل للخروج من الأزمة يجب أن يقوم على أساس تطلعات شعب هذا البلد. وشدد على أن الرئيس بشار الأسد هو جزء من الحل في سورية وجزء من اي حل سياسي لمستقبل سورية.
وقال دي ميستورا: «ان مكافحة الارهاب تحظى بأهمية خاصة ونحن على اطلاع بمواقف الجمهورية الاسلامية الايرانية في هذا الاطار».
وصرح: «ان ايران من الدول المؤثرة في المنطقة وفي إمكانها ان تلعب دوراً مؤثراً فيها ونحن نسعى الى طرح مبادرة للحل السياسي وفقاً لتطلعات الشعب السوري.
إلى ذلك، يجري المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا لقاءات سياسية مع أطراف الأزمة في البلاد، ويأتي ذلك مع بدء انطلاق مبادرته السياسية التي حصلت على توافق في مجلس الأمن الدولي، والتي تنطلق من مبادئ جنيف واحد، دمشق التي تنتظر نتائج لقاء المبعوث الأممي مع نائب وزير الخارجية الإيراني أمير عبداللهيان، تفتح أبوابها للمضي باتجاه توافقات تنتجها لجان دي ميستورا التي طرحها كجسر للحل السياسي.
وتتباين المعارضة السورية الداخلية من جانبها في المواقف السياسية من جهة النظر إلى الحل المنشود، وهو ما يخالف الدعوات الروسية في شأن ضرورة توحيد قوى المعارضة، أمر يراه مراقبون حاجزاً أمام التقدم في طريق التوافقات.
ورحبت قوى معارضة أخرى بصيغة مبادرة دي ميستورا، منجزة تحضيرات عملية على مستوى المشاركة باللجان الأربع، معتبرة أن طريق الحل السياسي في طور التبلور.
ومع انتظار الشارع السوري لتطورات الحدث السياسي على المستوى الداخلي والخارجي، فإن المراقبين ينظرون إلى أي اتفاق دولي ضد الإرهاب بمثابة مفتاح لأبواب تسوية الأزمة في البلاد.
في الأثناء، أكدت سورية أن القيادة التركية في شكل خاص ستتحمل كامل المسؤولية عن أي جريمة ترتكبها التنظيمات الإرهابية المسلحة في بلدتي الفوعة وكفريا.
وفي رسالتين وجهتهما وزارة الخارجية والمغتربين أمس إلى كل من الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن دانت سورية صمت مجلس الأمن لا سيما بعض الدول التي تتشدق فيه بمكافحة الإرهاب إزاء ما يتعرض له المدنيون من جرائم في بلدتي الفوعة وكفريا المحاصرتين على يد التنظيمات الإرهابية المسلحة.
وذكرت وزارة الخارجية والمغتربين بأن التنظيمات الإرهابية المسلحة المدعومة من حكومتي السعودية وقطر والقيادة التركية لم تكتف بحصار هاتين البلدتين ومنع إدخال الطعام والشراب والدواء والمحروقات اليهما بغرض تجويع السكان فيهما بل عملت على استهدافهما يومياً بالقذائف المتفجرة ما تسبب باستشهاد وإصابة المدنيين معظمهم من الأطفال والنساء والشيوخ.
وأكدت وزارة الخارجية والمغتربين أن الجرائم التي ترتكبها التنظيمات الإرهابية المسلحة ولا سيما «جبهة النصرة» و«أحرار الشام» ضد البلدتين المحاصرتين بدعم لوجيستي وتعليمات مباشرة من القيادة التركية ما هي إلا استمرار لسلسلة الجرائم الإرهابية الممنهجة التي ترتكب بحق الشعب السوري بجميع مكوناته.
وطالبت سورية في الرسالتين مجلس الأمن بتنفيذ قراراته
المتعلقة بمكافحة الارهاب وبالأخص منها 2170 لعام 2014 و2178 لعام 2014 و 2199 لعام 2015 فوراً بالتعاون والتنسيق الوثيقين مع حكومة الجمهورية العربية السورية باعتبارها الطرف الأساسي الذي يتحمل عبء مكافحة الإرهاب على الأرض السورية وبفضح ممارسات الدول الداعمة والممولة للتنظيمات الإرهابية المسلحة وبخاصة حكومتي السعودية وقطر والقيادة التركية.
ميدانياً، دمرت وحدات من الجيش والقوات المسلحة مدعومة بسلاح الجو عشرات الآليات والعربات لتنظيم «جبهة النصرة» الإرهابي والتنظيمات المنضوية تحت مسمى «جيش الفتح» وقضت على أكثر من 64 من أفرادها على الأقل خلال عمليات الجيش والقوات المسلحة الليلة قبل الماضية وأمس على أوكارها وتجمعاتها في محيط بلدة الفوعة وريف إدلب.
فبعد فشل ربط «تسوية الزبداني» بكفريا والفوعة، ووصول الجيش إلى المراحل الأخيرة لتحرير المدينة الدمشقية الزبداني ، كثّف مسلحو «جيش الفتح» من استهدافهم للبلدتين الإدلبيتين المحاصرتين، تزامناً مع محاولات حثيثة لإحداث خرق بريّ.
في هذا الوقت اشتد حصار مسلحي «جيش الفتح» على بلدتي كفريا والفوعة، شمال شرقي إدلب، مهدداً حياة آلاف المدنيين. فبعد تقدم المسلحين في منطقة الصواغية، جنوب شرقي الفوعة، وسيطرتهم على نقاط عدة فيها، واصلوا استهدافهم للبلدتين بأكثر من 1500 قذيفة خلال 24 ساعة، ما أدّى إلى استشهاد عدد من المواطنين وجرح آخرين.
ولم يخف مصدر مطلع تخوفه من تدهور الأوضاع نتيجة اشتداد الحصار وفقدان معظم مقومات الحياة، إضافة إلى ضخامة الدمار الذي تعرضت له البلدتان، مؤكداً المصدر في الوقت ذاته الروح المعنوية العالية للمقاتلين الذين اتخذوا قراراً حاسماً بالدفاع عن البلدتين، وعدم السماح للمسلحين بالاقتراب منهما مهما كلفهم من أرواح تضمن الحماية لسكان البلدتين.