طرف أيلول لن يكون مبلولاً إيجابياً بالسياسة وجلسات انتخاب الرئيس «تيتي تيتي…»

هتاف دهام

فاحت رائحة الصفقات والحصص السياسية من رائحة النفايات، وفاحت رائحة التسويات السياسية ومسارعة زعماء الحكم الطائفي في لبنان إلى إسقاط التحركات الشعبية عندما رفعت شعار إسقاط النظام. طلعت ريحة كلّ شيء في البلد كما يقول احد النواب باستثناء رائحة الانتخابات الرئاسية التي لا تزال بعيدة المنال والتي تنتظر ان تنفرج إقليمياً لتنفرج لبنانياً، فـ»نحن في أسفل أجندة اهتمامات الجمهورية الإسلامية الإيرانية والمملكة السعودية، لكن ما يهمّنا في النهاية ان لا ينتخب رئيس لا لون له ولا رائحة ولا طعم».

«تيتي تيتي متل ما رحتي متل ما جيتي»، هذه حال مجلس النواب مع جلسات انتخاب الرئيس الـ28 التي فشلت في توفير النصاب القانوني الذي يتطلب نصاب 86 نائباً، ويبدو أنّ جلسة الـ30 من أيلول الجاري لن تكون أفضل حالاً من سابقاتها، على رغم انّ البند الأول على طاولة حوار رئيس المجلس النيابي نبيه بري مع رئيس الحكومة تمام سلام ورؤساء الكتل النيابية في التاسع من أيلول هو الانتخابات الرئاسية.

وأمام ذلك إلى ماذا ستفضي طاولة الحوار؟ هل ستفضي الى معالجة الملفات العالقة؟ وهل هناك من امكان لإيجاد حل توافقي لأزمة الرئاسة والاتفاق على قانون انتخابي جديد على أساس النسبية؟ قد يكون من الصعب الاعتقاد أنّ المجتمعين على طاولة 9 ايلول سيلتقون في هاتين النقطتين، بالتالي لن يكون طرف أيلول مبلولاً إيجابياً بالسياسة، وستكتفي طاولة مجلس النواب التي ستضمّ 17 شخصية بدور المكابح أمام حالة التداعي من دون أن تؤدّي دور المعالج للملفات الكبرى العالقة، فلا شيء يمنع من إعادة النظر في آلية عمل مجلس الوزراء ولا شيء يمنع من الاتفاق على فتح أبواب مجلس النواب لتمرير رزمة مشاريع واقتراحات قوانين مالية وأخرى ينطبق عليها تشريع الضرورة، بعيداً من قانون الجنسية للمتحدّرين من أصل لبناني، الذي بحسب مصادر نيابية سيتمّ ترحيله بعدما تبيّن أنّ من يطالب باستعادة الجنسية من الطائفة «السنّية» أكثر ممّن يطالبون بها من المسيحيين، لأنّ قسماً كبيراً من السوريين والفلسطينيين الذين كانوا يقيمون في لبنان إبان الحقبة العثمانية وما بعدها لديهم المستندات التي تخوّلهم الحصول عليها وهم يرغبون بذلك.

قد يتيح الاتفاق على آلية عمل الحكومة وفتح أبواب المجلس، للطبقة السياسية أن تقدّم حلولاً ما لملف النفايات، بالتالي القول للشارع إنها حققت شيئاً واستجابت للمطالب، والواضح تماماً انّ الطبقة السياسية الطائفية المنتقَدة من الحراك الشعبي ليس في وسعها ان تقدّم للمعتصمين أكثر من هذا، ولذلك فإنّ الإجابة عن الشعارات الأخرى التي يحملها المعتصمون من إسقاط النظام وإقرار قانون انتخابي تستدعي الانتقال الى القسم الآخر من المشهد اللبناني المتصل بالمعترضين وحركتهم؟

هل يملك المتظاهرون القدرة على الاستمرار والزخم والتحشيد وجذب الرأي العام اللبناني الى شعاراتهم وساحاتهم، أم انهم «سينوصون كما تنوص الأضواء في ساحة البرج»؟ لا سيما انّ «إسقاط النظام» شعار غير قابل للتطبيق في لبنان، فهذا النظام يستند الى كتل اجتماعية طائفية راسخة لا تزال تشكل الغالبية والرأي العام اللبناني في غالبيته العريضة يمشي وراءها، هذا فضلاً عن أنّ هذا النظام يرتكز الى عناصر حماية إقليمية ودولية، ولم يحن الأوان بعد بحسب مؤشرات الواقع اللبناني الى تغيير النظام الذي يدعو عرّابوه حراك المجتمع المدني ان يعودوا الى تواضعهم ويطرحوا أهدافاً قابلة للتحقق.

وفي ظلّ ما يحدث من اشتباكات وتجاذبات على المستوى الإقليمي، يعتبر الرئيس بري انّ الأوضاع في المنطقة مدلهمة وهذا يستدعي من اللبنانيين اهتماماً اكثر بالحوار وضرورة الوصول الى نتائج. يعترف رئيس المجلس انّ أخطر بندين على جدول اعمال الحوار هما الرئاسة وقانون الانتخاب، مشيراً في لقاء الأربعاء الى انّ الحوار اليوم يختلف عن حوار عام 2006 في المضمون، ففي الحوار السابق كانت القضايا المدرجة على جدول الأعمال ذات طابع خارجي تتعلق بالسلاح الفلسطيني والاستراتيجية الدفاعية والعلاقات مع سورية وكلها مواضيع ليست بأكملها بيد اللبنانيين، أما الآن فالمواضيع داخلية صرفة والاتفاق عليها يؤدّي الى تنفيذها تلقائياً. وإذا كانت بعض الأصوات النيابية قد طالبت بري امس بأن يضع على جدول اعمال الحوار ملفي النفايات والكهرباء، الا انّ رئيس المجلس أجاب أنه لا يريد أن يصادر صلاحيات مجلس الوزراء ولا يريد أن يثير حساسية البعض في ما يتعلق بهذه النقطة، معتبراً أنّ المحاصصة الطائفية هي الغطاء الفعلي للفساد».

وبانتظار ما ستؤول اليه الأجواء الأربعاء المقبل، يحدّد رئيس حزب القوات سمير جعجع موقفه من الحوار يوم السبت المقبل خلال كلمة من معراب، وكان نائبه جورج عدوان سأل: ماذا سينتج هذا الحوار عما سبقه من حوارات؟ ورأى النائب عدوان من المجلس النيابي أنّ النسبية أساسية في قانون انتخابي جديد لتأمين التمثيل الصحيح، لافتاً الى أنّ هناك دوراً كبيراً للشعب بالضغط لانتخاب رئيس. وشدّد النائب انطوان زهرا بدوره على «انّ القوات مع كل حوار وتلاقٍ»، لكنها تتساءل اذا كان سيؤدّي الى نتيجة، لا سيما في موضوع الرئاسة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى