هل يصمد اتفاق وقف إطلاق النار في عين الحلوة؟ إجماع لدى جميع الفصائل بعدم تكرار «البارد» و«اليرموك»
محمد حمية
بعد أحداث أمنية دامية شهدها مخيم عين الحلوة منذ أشهر، تمكنت الفصائل والقوى الفلسطينية في المخيم من فرض وقف إطلاق النار بدأ تطبيقه الخميس الماضي، وذلك بعد اجتماعات واتصالات دامت أيام، شاركت فيها الفصائل والقيادات الأمنية والسياسية في المخيم كلها، بالتعاون مع استخبارات الجيش اللبناني في الجنوب.
الاتفاق أعطى القوة الأمنية المشتركة الضوء الاخضر لاستكمال انتشارها بشكلٍ شبه كامل في المخيم، وسحب المسلحين من الشوارع وإزالة الدُشم والمتاريس وتشكيل قوة ضاربة من ثمانين عنصراً تتولى التصدي لكل من يحاول البعث بأمن المخيم.
بعد كل اشتباك أو اغتيال يُعلَن وقف إطلاق النار، لكنه لا يصمد أكثر من أيام وربما ساعات، لينهار على أعتاب اشتباك او اغتيال جديدين، لتندلع بعدئذ مواجهات جديدة. فهل سيصمد الاتفاق الاخير أم أن المخيم دخل في نفقٍ مظلم لن ينتهي إلا بتدمير المخيم وتهجير سكانه؟ ولماذا لم يُعاد حتى الآن جميع النازحين الذين هُجّروا نتيجة الاشتباكات الاخيرة؟
المخيم ذاهب إلى منزلقٍ خطير إذا لم تضرب القوة الأمنية بيد من حديد، فما حصل في مخيم اليرموك خير دليل، عين الحلوة بات الثقل الاستراتيجي للاجئين الفلسطينيين، ما يعني أن كل السيناريوات مطروحة بقوة في هذه الظروف الاقليمية والدولية، فما يجري في المخيم ليس معزولاً عما يجري في المنطقة. المجموعات التي تفتعل الاحداث خارجة عن إطار الفصائل ومرتبطة بأجندة خارجية وتحركت وتتحرك على إيقاع الاحداث السورية.
الهدف من وراء العبث بأمن المخيمات إنهاء ملف اللاجئين بما يتناسب مع الأهداف «الإسرائيلية». لذلك كان لا بدّ من إشعال حرائق كبرى لتمرير هذا المشروع. فشل هذه المجموعات باستدراج المخيم إلى فتنة مع محيطه دفعها إلى محاولة إسقاط القلعة من داخلها، لكن فصائل المخيم لن تترك حركة فتح وحدها في المعركة.
تحدثت معلومات عدّة عن ربط موضوعي بين ما يحصل في المخيم وبين مفاوضات الدوحة التي تحصل بين «حماس» و«إسرائيل» والتي من المتوقع أن تخرج باتفاقٍ مضمونه سيكون أخطر على القضية الفلسطينية من اتفاقية أوسلو، أيّ إسكات المقاومة ومنعها من تصنيع واستيراد السلاح وتدريب مقاتلين، ايّ إنهاء المقاومة، وذلك مقابل أن تفك «إسرائيل» الحصار عن قطاع غزة، أيّ أن تتوفر بعض الخدمات للفلسطينيين في القطاع، شرط أن يعيشوا في سجن كبير وبلا مقاومة، وبالتالي أنّ أحداث المخيم تأتي ضمن اتفاقية الدوحة التي يعمل لإخراجها إلى النور، لأنّ مخيم عين الحلوة هو أهمّ المخيمات الفلسطينية بعد مخيم اليرموك، وبالتالي من يضع يده عليه يضع يده على القرار الفلسطيني في الخارج. فبعدما عملت «حماس» على تصفية فصائل المقاومة في فلسطين تريد أن تضع يدها على القرار الفلسطيني في الخارج.
حركة حماس ترفض هذه الاتهامات، وتضعها في خانة تضليل الرأي العام والاشاعات والاتهامات الباطلة بحقها، فالحركة لن تنخرط بتاتاً في مخطط إضعاف دور «فتح» في المخيم أو إقصائها، ولا تتآمر على المخيمات بل هي صمام الامان فيها.
«عين الحلوة» ومسلسل الأحداث
شهد مخيم عين الحلوة عمليات اغتيال واشتباكات عدّة، عدا عن القنابل والعبوات الناسفة التي تنفجر بين الحين والآخر. وأبرز هذه الأحداث كان في الفترة الاخيرة، فقد اندلع اشتباك في 14 أيار 2014 بين مجموعة «بلال بدر» وعائلة حجير وعناصر من «فتح» في «الشارع الفوقاني» واستخدمت فيه بكثافة شتى أنواع الأسلحة. وفي 11 آذار 2014 اغتيل المسؤول في قوات الأمن الوطني الفلسطيني جميل زيدان قرب منزله في «الشارع الفوقاني» وفي 12 تشرين الاول العام نفسه اغتالت مجموعة ملثمة عنصراً من «فتح» يدعى وليد ياسين. تلا ذلك اشتباك مسلح أدّى إلى سقوط سبعة جرحى. وفي 25 تموز اغتيل القيادي في حركة فتح طلال الأردني طلال البلاونة برصاص مسلحين إسلاميين.
السبت 22 آب تعرّض قائد الأمن الوطني الفلسطيني في المخيم أبو أشرف العرموشي لمحاولة اغتيال أثناء مشاركته في تشييع العنصر في «فتح» يوسف جابر في «حي حطين» من دون اصابته. فجولات من الاشتباكات الدامية بين حركة فتح و«جند الشام» أدّت إلى مقتل وجرح عدد من المسلحين والمدنيين ونزوح المئات فضلاً عن خسائر مادية فادحة.
بعد اتصالات وجهود كثيفة لوقف إطلاق النار في المخيم، وانهيار الهدنة تلو الأخرى، أكد قادة الفصائل الفلسطينية على ضرورة تثبيت اتفاق وقف إطلاق النار في المخيم، وذلك خلال زيارة قام بها سفير دولة فلسطين في لبنان أشرف دبور على رأس وفد من الفصائل لرئيس «لجنة الحوار اللبناني ـ الفلسطيني» الوزير السابق حسن منيمنة في مكتبه في السراي الحكومي في بيروت في 28 آب الماضي، بمشاركة أمين سر حركة فتح وفصائل «منظمة التحرير الفلسطينية» في لبنان فتحي أبو العردات وممثل حركة حماس في لبنان علي بركة، عضو المكتب السياسي في «جبهة التحرير الفلسطينية» صلاح اليوسف، عضو اللجنة المركزية في «الجبهة الديمقراطية» عدنان يوسف «أبو النايف»، مسؤول «الجبهة الشعبية» في لبنان مروان عبد العال، مسؤول «الجبهة الشعبية ـ القيادة العامة» في لبنان مصطفى رامز «أبو عماد»، ومسؤول «جبهة النضال الشعبي الفلسطيني» تامر عزيز.
وجرى خلال الاجتماع التأكيد على «ضرورة العمل الجدّي لتثبيت وقف إطلاق النار في المخيم وسحب المسلحين من الشوارع ونشر القوة الأمنية المشتركة، لمنع تكرار الاشتباكات، وحمايته من أي تداعيات خطيرة ولمنع لتكرار تجربة نهر البارد في شمال لبنان واليرموك في سورية».
قضية اللاجئين في دائرة الاستهداف
أكد مسؤول حركة الجهاد الاسلامي في لبنان أبو عماد الرفاعي في حديث لـ«البناء» أن القضية الفلسطينية وموضوع اللاجئين الفلسطينيين مستهدفَين وهناك محاولات كثيرة وجدّية لتدمير الشاهد الحيّ على نكبة الاحتلال، لضرب قضية اللاجئين وشطب حق العودة. والآن يتم العبث بأمن المخيمات وبالتالي القوى والفصائل الفلسطينية مدركة خطورة عمليات القتل والاغتيالات التي تحصل في المخيم لتدميره من الداخل.
وشدّد الرفاعي على أن الاجتماعات التي ضمّت القوى والفصائل الفلسطينية في المخيم هدفها محاصرة هذه الأحداث. واتُفِق على أن القوة الأمنية هي القادرة على ضبط الأمن في المخيم وإشراك الناس بالعمل لمواجهة كل حالات العبث بأمن المخيمات. وأسفرت هذه الاجتماعات على جملة من المواقف والخطوات، أهمها إدانة جميع القوى والفصائل الاشتباكات والاغتيالات وإدراكها مخطط استهداف المخيمات وقضية اللاجئين وضرورة العمل على تحصينها وتعزيز دور القوة الأمنية، وإزالة مظاهر التوتر والدشم والتحصينات وظاهرة السلاح وحصرها بالقوى الأمنية فقط، التي يجب أن تأخذ دورها بملاحقة المخلين بالأمن. فضلاً عن تفعيل دور المواطن في محاصرة الحالات المتطرفة، وهذه الخطوات ستؤدي إلى محاصرة هذه الحالات وتعزيز صمود الشعب الفلسطيني في مواجهة سياسة التهجير تمهيداً للقبول بما يفرض على هذا الشعب من حلول خارجية.
ونفى الرفاعي أي علاقة للأحداث الأمنية في المخيم بما يحصل في مفاوضات الدوحة بين حركة حماس و«إسرائيل»، مشدّداً على أن دور «حماس» فاعل ومشارك بجهود القوى والفصائل لوقف نزيف الدم في المخيم.
وأشار إلى أن الوضع مستقر في المخيم، وتمنى أن تثمر الجهود في تعزيز إنهاء الأحداث الأمنية، وأكد أن الجميع يدركون خطورة الوضع، لكن ذلك لا يلغي استمرار أفعال العابثين بالأمن، ووجود مشاريع تريد العمل على توتير الوضع.
واستبعد الرفاعي أن يتحول مخيم عين الحلوة إلى مخيم يرموك رقم 2، مضيفاً: «هناك فرق بين المخيمين، فكل مخيم له ظروفه وكل الفصائل تبذل الجهود لمنع انجرار المخيم إلى صراعات داخلية وأبدت حرصاً ومسؤولية على هذا الصعيد».
السيناريو الأسوأ؟
ورأى مسؤول «الجبهة الشعبية ـ القيادة العامة» في لبنان مصطفى رامز في حديث لـ«البناء» أن المطلوب الآن ليس وقف إطلاق النار. إنما إنهاء الوضع الشاذ في المخيم وعدم تكرار الأحداث الأمنية الدامية التي حلصت في الفترة الاخيرة.
وإذ شدّد أبو عماد رامز على أن الهدوء يسود المخيم وأن القوة الأمنية استكملت انتشارها بشكلٍ شبه كامل، أكد أن القوى الأمنية والفصائل في المخيم اتفقت على سحب المسلحين من الشارع وإزالة الدشم والمتاريس وإلقاء القبض على بعض الموقوفين المتورطين بالاحداث الاخيرة، وتم تسليمهم إلى استخبارات الجيش اللبناني.
وأضاف: «حصلت بعض الاحداث بين حركة فتح وعصبة الانصار، وكان هناك عمل على إنهائها ومعالجة ذيولها، وجلس الطرفان بحضور السفير دبور على طاولة للحوار، وانتهت ذيول الحادث بشكلٍ ايجابي، على أن لا تتكرر الاشتباكات التي إذا ما استمرت فالوضع في المخيم ذاهب إلى منزلقٍ خطير كما حصل في مخيم اليرموك بعدما أصبح مخيم عين الحلوة الثقل الاستراتيجي للاجئين الفلسطينيين».
وحذّر رامز من أنه إذا سقط المخيم في يد التنظيمات المتطرفة سيشكل خطراً على القضية الفلسطينية التي تعمل الدوائر الخارجية لانهائها مقابل التعويض على اللاجئين.
ولفت إلى أن كل السيناريوات التي يتحدث عنها الاعلام يمكن أن تحصل في المخيم في هذه الاجواء، لأن ما يجري في المخيم من أحداث أمنية لم تعد قضية معزولة عما يجري في المنطقة، وقال: «المجموعات المتنقلة داخل المخيم التي تفتعل الاشتباكات هي خارجة عن اطار الفصائل كمجموعة بدر والشعبي والشهابي وهي مرتبطة بأجندة خارجية ورأينا كيف أن هذه المجموعات تحركت منذ اندلاع الاحداث السورية، والتي تعاونت مع الشيخ أحمد الاسير ومجموعات ارهابية في عرسال وطرابلس. فملف اللاجئين الفلسطينيين يُعمَل على انهائه منذ زمن طويل. وما حصل في مخيم نهر البارد ثم في اليرموك والآن في عين الحلوة هدفه انهاء ملف اللاجئين بما يتناسب مع الأهداف الإسرائيلية، لذلك كان لا بد من إشعال حرائق كبرى لتمرير هذا المشروع».
وحذّر رامز من أنه إذا ما تمكنت هذه المجموعات من فرض سطوتها وسيطرتها ورؤيتها على المخيم، خصوصاً على الفصائل الاخرى، سيتحول إلى إمارة اسلامية. ما يستدعي تدخل الدولة اللبنانية والاجهزة الأمنية لكي لا يحصل كما حصل في نهر البارد، موضحاً أن هذه المجموعات عندما لم تتمكن من استدراج المخيم إلى فتنة مع محيطه الجغرافي والاجتماعي، كان لا بد من إسقاط القلعة من داخلها.
وأضاف: «حركة فتح هي كبرى الفصائل ولديها الجهد الاكبر بالمخيم ووجودها تاريخي لذلك هي المستهدَفة الأولى. لكن الفصائل لن تترك فتح وحدها في معركة مع المجموعات المتطرفة. ولفت إلى أن حركة حماس هي جزء من الفصائل الفلسطينية ومن القيادة السياسية في لبنان ولن تخرج من عمل هذا التحالف الفلسطيني، لكن إذا ما أرادت أن تستثني نفسها اذا تمكنت هذه المجموعات ولن تتمكن من السيطرة على المخيم فلن تكون «حماس» بمنأى عن استهدافها، بل ستكون مستهدفة لأن المسألة مسألة فكر متطرّف وأجندات خارجية.
وأكد رامز أن الجزء الاكبر من المهجرين عادوا إلى المخيم، والباقون في الخارج خائفون من تكرار الاحداث، ويُعمَل على طمأنتهم لإعادتهم. وشكر لبنان على مساعدته النازحين خلال هذه الأزمة.
وكشفت مصادر من داخل المخيم لـ«البناء» أن مقاتلي هذه المجموعات المتطرفة الذين يفتعلون الأحداث الأمنية، هم من أبناء المخيم لا من الخارج، ويتواصلون مع جهات خارج المخيم. وتبين أنهم على علاقة بقضايا أمنية كثيرة في لبنان. وأكد رامز أن لدى «فتح» والفصائل القوى الأمنية الكافية للتدخل في حال أي هجوم تشنه هذه المجموعات.
متمسكون بأمن المخيمات
وفي حديث لـ«البناء»، أدان ممثل «حماس» في لبنان علي بركة، الاحداث التي حصلت في المخيم، واعتبرها إساءة للقضية الفلسطينية وسمعة المخيمات. مؤكداً أن الحركة بذلت جهوداً كثيرة مع كافة الفصائل لوقف إطلاق النار ومنع تكرار هذه الاحداث.
وحذّر بركة من أن القضية الفلسطينية ما زالت في دائرة الاستهداف، خصوصاً أن العدو الصهيوني والولايات المتحدة يعملان لحل قضية اللاجئين على قاعدة حق العودة كما جاء في المبادرة الفرنسية التي تنصّ على حل قضية اللاجئين بالتوطين والتعويض عليهم وعلى الدول المضيفة، وهذه المبادرة للاسف وافقت عليها السلطة الفلسطينية وهذا خطير ويعدّ استجابة للموقف الصهيوني الذي يرفض حق العودة.
ووضع بركة كل الاحداث الأمنية في سياق ضرب القضية الفلسطينية وحق العودة، وأشار إلى أن «حماس» تعمل على المحافظة على المخيمات التي تعتبر محطات نضالية للعودة إلى فلسطين، وليست بؤراً إرهابية او ساحات لتصفية الحسابات الخارجية.
وأضاف: «نبذل جهوداً مع كل الفصائل ومع استخبارات الجيش اللبناني وفاعليات صيدا السياسية والأمنية والدينية لتثبيت وقف إطلاق النار الذي بدأ منذ الخميس الماضي، ولم يحدث بعده اي خرق للاتفاق». وكشف أن الاتصالات والجهود اليوم مستمرة من أجل استمرار الاستقرار ومتابعة الوضع في المخيم مع مدير الاستخبارات في الجيش العميد خضر حمود، «الذي نقدر جهوده منذ بداية الاحداث في 22 آب، وهو على اتصال مستمر مع حماس وسائر الفصائل، وذلك بهدف العمل على تحصين الوضع الأمني في المخيم، ودعم القوة الأمنية ووضع خطة أمنية لمنع العبث بأمن المخيم، تشارك بها القوة الأمنية المشتركة وكافة الفصائل الاسلامية والوطنية، وتشكيل قوة ضاربة من ثمانين عنصراً تتولى التصدي لكل من يحاول البعث بأمن المخيم». مطمئناً الشعب الفلسطيني في المخيمات بأن «حماس» لن نتخلى عنهم، وستعمل مع الجميع لتثبيت السلم الاهلي.
ورفض بركة اتهام «حماس» بافتعال أحداث المخيم لربطها بمفاوضات الدوحة، معتبراً أنها تضليل للرأي العام حول ما جرى. وقال: «يكفينا شهادة من فتح والسفير دبور الذي قال إن حماس بذلت جهوداً كبيرة وتعاونت مع الجميع لوقف إطلاق النار».
ونفى بركة الاتهامات التي تتحدث عن أن «حماس» تعمل لإنهاء وجود «فتح» في المخيم، وأضاف: «بادرت حماس عام 2013 إلى تشكيل القيادة السياسية الموحدة للفصائل الفلسطينية في لبنان برئاسة فتح، ودعت إلى المبادرة الفسلطينية للتشارور مع فتح، وتم تشكيل اللجنة الأمنية العليا برئاسة فتح. حماس حريصة على أمن المخيم واستقراره وبناء افضل العلاقات بين جميع الفصائل الوطنية والاسلامية ومنظمة التحرير وأنصار الله، وعلى حماية الوجود الفلسطيني وتعزيز العلاقات الاخوية الفلسطينية ـ اللبنانية. وأكدت لفتح اننا لا تفكر أبداً في اضعاف دور فتح في المخيم، أو إقصائها. كما أن حماس لا تتآمر على المخيمات، إنما هي صمام الامان في المخيمات بشهادة الجميع، ما يدحض كل الاشاعات للايقاع بين الفصائل».
وحذّر بركة من أن ما حصل في مخيمي نهر البارد واليرموك سيتكرر في عين الحلوة إذا لم نضرب بيد من حديد العابثين بأمن المخيم، وشدّد على «أننا لن نسمح لأي مجموعة أن تأخذ المخيم إلى صراع ذي طابع طائفي مذهبي اقليمي، ونحن متمسكون بأمن المخيمات التي هي أمانة في لبنان للعودة إلى فلسطين».
القلق الأمني يسود المخيم
وأشار المسؤول العسكري وعضو شورى حركة «أنصار الله» ماهر عويد لـ«البناء» إلى أن لقاءً حصل منذ أيام بين مختلف الفصائل لوضع خريطة لتفعيل القوة الأمنية المشتركة في مناطق التوتر، وسيحصل اجتماع اليوم للاتفاق على تفعيل القوة الأمنية وإعادة ترتيبها في المخيم على أسس جديدة.
ولفت عويد إلى أن الملف الأمني هو أكثر القضايا التي يعاني منها الشعب الفلسطيني داخل المخيم. فهناك حالة من الخوف والقلق تسود الناس، سببها عدم المصداقية الأمنية، فضلاً عن نسبة البطالة المرتفعة التي تنذر بما لا تحمد عقباه، وغياب البنى التحتة كما في باقي المخيمات والوضع الصحي السيئ، إذ يعاني الفلسطيني من دخول المستشفيات، وعليه ان يتسول الجمعيات الدولية والمحلية للعلاج.
وأكد عويد أن الجزء الأكبر من المهجرين عقب الاشتباكات الاخيرة عادوا إلى منازلهم، لكن هناك من لم يعد بسبب الخوف من تكرار الأحداث، أو بسبب تدمير المنازل التي لم تعد تصلح للسكن.
وشدّد على أن حركة «أنصار الله» تسعى مع الفصائل الأخرى لكي لا يتكرر مشهد الاشتباكات المأسوي في المخيم، ولكن إن لم يُحاسَب كل عابث بالأمن ستتكرر المأساة في أي لحظة. لذلك الوضع ليس مطمئناً مئة في المئة والسبب غياب جزء من المرجعية الفلسطينية عن الواقع الفلسطيني وحل المشاكل في المخيم ما يهدد أمنه واستقراره بشكل دائم. وطالب القيادة الفلسطينية بالعمل على إنهاء مأساة الشعب الفلسطيني في المخيمات الذي تهجر بفعل الاعتداءات والجرائم «الإسرائيلية».
مخيّم عين الحلوة
مخيم عين الحلوة مخيّم للاجئين الفلسطينيين في جنوب لبنان، يقع ضمن مدينة صيدا الساحلية، والتي تعتبر عاصمة الجنوب اللبناني. تبلغ مساحته حوالى كيلومتر مربّع واحد، وعدد سكانه حوالى 80 ألف نسمة. لذا، يُعدّ أكبر مخيم في لبنان من حيث عدد السكان، ومعظمهم نزحوا عام 1948 من قرى الجليل في شمال فلسطين. يضمّ المخيم ثماني مدارس، وعيادتين لـ«أونروا»، إضافة إلى مستشفيين صغيرين للعمليات البسيطة.
تتحدث المعلومات عن أن اللاجئين الفلسطينيين في لبنان يعيشون حياة قاسية تشمل الفقر، والمسكن غير الملائم، والأمراض المتفشية، والبطالة بنسبة كبيرة. وينسب البعض أسباب تلك الأوضاع إلى فرض الحكومة اللبنانية قيوداًً كثيرة للغاية على اللاجئين. على سبيل المثال، يقال إن اللاجئين محرومون من ممارسة أكثر من 70 مهنة، وهناك قيود على إدخال مواد للبناء إلى المخيمات.
في المخيم فصائل فلسطينية مسلّحة عدّة، مثل حركتَي «فتح» و«حماس»، إضافة إلى عدد من الحركات والمجموعات والفصائل «الاسلامية» المتطرفة التي ظهرت مؤخراً كـ«جند الشام» و«منظمة بدر» وغيرهما.
تتألف القوة الأمنية المشتركة من فصائل: منظمة التحرير الفلسطينية، وحركة أنصار الله، والقوى الإسلامية وفصائل التحالف الفلسطيني التي شُكّلت منذ سنة ونصف السنة، وعديدها 150 عنصراً كقوة تنفيذية، فضلاً عن قوة تتولى تنظيم السير. ثم ارتفع عديدها بعد الاشتباكات التي حصلت السنة الماضية إلى 225 عنصراً، ومنذ سبعة أشهر ارتفع العدد إلى 281 يضمّ كل الفصائل في المخيم. وتتوزع على جميع مناطق المخيم، في البركسات والطيري سوق الخضار وطيطبا وبستان القدس، أما التوزيع فكان على أساس ان كل قوة تنتشر في النطاق الذي تتواجد فيه، لكن المشكلة أنه عند كل حادث أمني يخرج العنصر من القوة الأمنية المشتركة ويعود إلى الفصيل الذي ينتمي إليه.
القوى المتطرّفة موزّعة على امتداد المخيم، لا سيما في أحياء: «الطوارئ»، و«الصفصاف» و«حطين» ومنطقة «المنسية». والاحداث الأخيرة امتدت إلى جميع أنحاء المخيم، لا سيما في «الصفصاف» و«حطّين».