رافينيا… تغيير في وجهة الرحلة وتحقيق حلم الوالد
«كنتُ أعزف على الغيتار. وأفكر بالرحلة التي ستقودني إلى لومان»، هذا ما قاله المواطن الإسباني الشاب رافينيا. الأماكن الأثرية ومتاحف الفنون الجميلة وحدائق النباتات وكاتدرائية القديس جوليان. وربما أيضاً زيارة حلبة سارث التي تستضيف أقدم سباق سيارات رياضية في العالم حتى الآن. كل ذلك كان يدور في ذهن ابن الثانية والعشرين، إلى أن تلقى هاتفاً مفاجئاً أعلمه بأنه تم إلغاء الرحلة. كانت ردّة فعله على ذلك غريبة.
تذكر تلك اللحظات قائلاً: «شعرتُ بسعادة غامرة». سبب ذلك هو أنه تم إعلام رافينيا ألكانتارا بأنه تم استبعاده من تشكيلة المنتخب البرازيلي الأولمبي الذي كان سيُلاقي فرنسا ودياً وذلك من أجل تمثيل منتخب السيليساو الأول إلى جانب أغلى مدافع في العالم ونجم حاصل على كرة FIFA الذهبية وعلى وشك أن يتخطى الأسطورة بيليه على قائمة أفضل الهدافين في تاريخ عمالقة كرة القدم.
وقد كان هذا الأخير يقف، بشكلٍ غير مباشر، وراء استدعاء صاحب القميص رقم 12 في صفوف برشلونة. فقد كان نيمار مريضاً ويعاني من النكاف وتوجّب انتداب رافينيا مكانه. وكان هذا اللاعب المخاتل قد هزّ الشباك في الفوز بنتيجة 5-4 على إشبيلية في إطار كأس السوبر الأوروبي وتألق في مواجهة أتليتيك بيلباو.
كان دونغا يراقب هاتين المباراتين في تبيليسي وإقليم الباسك. ولذلك عندما انسحب راميريز وأوسكار من التشكيلة البرازيلية لمواجهة كوستاريكا والولايات المتحدة الأميركية ودياً، لم يكن مفاجئاً أن يتوجه المدرب إلى فيليبي كورتينيو. ولكنه أرسل بشكلٍ غير متوقع الدعوة الأولى إلى رافينيا لينضم لصفوف المنتخب.
بعد يومين فقط من ذلك الاتصال، كان رافينيا على متن رحلة متجهة من كاتالونيا إلى نيوجيرسي. وخلال الرحلة التقط نيمار صورة سيلفي مع «شقيقه» ونشرها على موقع Instagram ليراها متابعوه الذين يبلغ عددهم 30.6 مليون شخص ـ وهو رقم قياسي للاعب كرة قدم. وإلى جانب الصورة، نشر التعليق التالي «بحّار في رحلته الأولى!»
لكن هذه الرحلة لم يكن مقدراً لها أن تتم أصلاً. فعلى رغم أن رافينيا وُلد في ساو باولو، إلا أنه شبّ وعاش لفترة مطوّلة في إسبانيا التي لعب فيها والده مازينيو الفائز بكأس العالم الولايات المتحدة 1994 FIFA مع فالنسيا وسيلتا فيغو وإلتشي. وقد سبق لكل من شقيقه تياغو ألكانتارا المولود في إيطاليا ونسيبه رودريغو المولود في ريو دي جانيرو أن مثّلا كتيبة لا روخا في فئتي الشباب والرجال. أما رافينيا فقد كان ضمن تشكيلة المنتخبات الإسبانية تحت 16 وتحت 17 وتحت 19 سنة، قبل أن يتّخذ قراراً بتحويل الدفة والانضمام إلى راقصي السامبا.
وقال عن ذلك: «اخترتُ البرازيل لأني لطالما شعرتُ أني برازيلي. كان الأمر سهلاً «بالنسبة لي». ولكنه لم يكن كذلك بالنسبة لشقيقي، ولكني لطالما رغبتُ باللعب لمصلحة البرازيل. دائماً ما نمزح أنا وتياغو بسبب ذلك. لطالما حاولنا أنا ووالدي أن نحثّه على التوجه للبرازيل، ولكن لم ينفع الأمر».
وأخيراً أعرب مازينيو، الذي تلعب ابنته كرة السلة في مدينة فيغو الإسبانية، عن خيبة أمله باختيار تياغو أن يمثل إسبانيا «أحزنني الأمر كثيراً. مثّلت منتخبي الوطني لسنوات كثيرة وكنتُ أرغب أن يقوم أبنائي بالمثل».
ولكن رافينيا على وشك أن يحقق أمنية والده في هاريسون نيوجيرسي يوم السبت أو في فوكسبورو ماساشوسيتس بعد ذلك بثلاثة أيام في مباراتين اعتبرهما دونغا أنهما تمثلان «آخر الاختبارات الصارمة» قبل خوض تصفيات كأس العالم روسيا 2018 FIFA. وكانت ركلات الترجيح فقط هي التي حرمت كوستاريكا من بلوغ نصف نهائي البرازيل 2014 على حساب هولندا، بينما تمكنت الولايات المتحدة من تجاوز مجموعة بدا أنها حديدية، قبل أن تسقط أمام بلجيكا في دور الستة عشر.
وقال رافينيا: «يروق لي الوجود هنا. لطالما كان أمراً رائعاً الوجود مع نيمار. عرّفني على الجميع وعلى الطريقة التي تسير فيها الأمور داخل المنتخب. إنه زميل كبير، ولكنه القائد هنا. الصداقة غير موجودة، بل الاحترام».
لكن نيمار لن يرتدي شارة القيادة عندما تستهل البرازيل مشوار التصفيات إلى روسيا 2018 الشهر المقبل. وكانت آمال هذا النجم الكبير بمساعدة فريقه على الظفر باللقب العالمي للمرة السادسة وعلى التراب الوطني قد تلقّت ضربة كبيرة عندما تعرّض لإصابة منعته من خوض آخر مباراتين لفريقه، بينما سيغيب مجدداً ابن الثالثة والعشرين عن أول مباراتين في تصفيات روسيا 2018 نتيجة العقوبة.
وكان دونغا قد لمّح إلى أنه سيُبدل الخط الهجومي خلال المباراتين المقبلتين في شرق الولايات المتحدة في مسعى منه لتحديد هوية الأسماء الأربعة التي سيعتمد عليها بشكلٍ رئيسي في اللقاءين أمام تشيلي وفنزويلا. وقال رافينيا بهذا الصدد: «أتمنى من قلبي أن تسنح أمامي فرصة اللعب».
يبدو واضحاً أن رافينيا سعيدٌ بالتوجه إلى بلاد العم سام. فقد حوّل أحد أحلامه إلى حقيقة وظهر أمام 93 ألف متفرج تقريباً في ملعب «روز بول» في باسادينا وهو المكان الذي شهد رفع والده لكأس العالم. وتابع مباراة ملحمية في البيسبول بين سان فرانسيسكو جايانتس وأوكلاند أثليتيكس. كما اختبر بعض مهاراته بكرة القدم الأميركية، حتى أنه التقى باثنين من نجومه الكبار وهما كوبي براينت وفلويد مايويذر.
الأمر المنغّص الوحيد هو أنه يفتقد «أولاده»، قال ذلك وابتسامة تعلو مُحياه عندما حطّت طائرته الرحال في برشلونة في آب الماضي. وبذلك يعني «غيتاراته» المقرّبة إلى قلبه. أما نجومه الآخرين الذين يعشقهم فهم بي بي كينغ، وسلاش من فرقة «جنز آند روزز» وبوب ديلان.
أما الأمل الكبير الذي يحدوه حالياً فهو أن يدق القائمون على المنتخب البرازيلي بابه مجدداً ويعود إلى الأميركيتين في مطلع تشرين الأول المقبل.